(باراك اوباما) والأمل المفقود!!! د. فيصل الرفوع أنهى مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الأمريكية ''باراك اوباما'' جولته الخارجية والتي قادته إلى أوروبا والشرق الأوسط، خاصة بؤر التوتر فيها. فقد حط رحاله في أفغانستان و إسرائيل والعراق والأردن وفرنسا وأنهى هذه الجولة بلقاء رئيس الوزراء البريطاني '' غوردن براون ''. والملفت للانتباه انه حاول أن يدلي بتصريحات في كل محطة من محطات جولته بما يتناسب مع المكان والزمان والأهداف. ففي أفغانستان تحدث عن الإرهاب والفقر الذي يعاني منه الشعب الأفغاني، دون أن يذكر شيئا عن دور الولاياتالمتحدة في الحالة التي وصلت إليها أفغانستان، كما لم يتذكر رأي الأعراف الدولية وحتى مبادئ'' ولسون'' حول حقوق الإنسان وحق الشعوب في اختيار قدرها. وفي العراق، كان أكثر جرأة في تجاهل الحقيقة حول واقع المأساة العراقية، ودور الولاياتالمتحدة في إلغاء وجود دولة ، لها تاريخها ودورها الإنساني والحضاري، والمساهمة في قتل أكثر من مليون عراقي وتشريد ما يربو على الخمسة ملايين، وتقديم العراق على طبق من فضة للسياسات الإيرانية ذات الأطماع التوسعية في المنطقة، كما لم يتطرق إلى موضوع الانسحاب وتوقيتاته، والتي طالما تحدث بها وعنها في بداية حملته الانتخابية، بل تكلم بعموميات لا تلزمه شيئا، في حال وصوله إلى البيت الأبيض. أما إسرائيل فقد وصفها بأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة، وأنها تمثل واحة ديمقراطية للإبداع والتميز في محيط ما زال يحبو للحاق بمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، وان أمنها- أي إسرائيل- يمثل ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي الأمريكي. مع تجاهل تام لممارسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ودون ذكر إستراتيجية واضحة تمثل رؤاه تجاه إحلال السلام بين العرب والإسرائيليين. من اجل سلام عربي- إسرائيلي، مبني على مفهوم إقامة الدولة الفلسطينية المتصلة والقابلة للحياة إلى جانب دولة إسرائيل. هذا الواقع يدعونا معشر العرب لليقظة بان رؤية البيت الأبيض لحل القضية الفلسطينية، والتي أصبحت تعرف بقضية ''الشرق الأوسط،'' لن تأتي بجديد ، سواء أكان في البيت الأبيض ''كلينتون'' أم '' بوش''، أو ''اوباما'' أم '' ماكين''. لقد ادرك العرب دون أدنى شك بان الجدية الأمريكية في التعامل مع هذه القضية، وخلال السنوات الستين الماضية، لم تكن بالمستوى المطلوب، ولم ترق إلى درجة احترام الرأي العام، سواء الإقليمي أو الدولي أو حتى الأمريكي نفسه. لأن المجتمع الدولي يدرك تمام الإدراك بان إسرائيل لن تعترف بالحقوق المشروعة للشعب العربي- الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وليس في وارد أجندتها الامتثال لنواميس القانون الدولي العام ومعاييره، وتطبيق الشرعية الدولية المعترف ، و التي أقرتها كل الحضارات الإنسانية المتعاقبة، ولن تنسحب من الأراضي العربية المحتلة في الجولان ومزارع شبعا، ولن تخرج من بوتقة إرهاب الدولة المنظم ما دامت تحظى بالرعاية المطلقة، ماديا وسياسيا وعسكريا، من لدن الولاياتالمتحدة، وهي القوة الكونية الأولى والوحيدة في العالم والقادرة على التأثير على إسرائيل من اجل حل القضية الفلسطينية. اعتقد بان أمام '' اوباما'' فرصة للمساهمة في حل هذه القضية، إذا ما وصل للبيت الأبيض، من خلال توظيف إرادة أمريكية صادقة لحل الصراع العربي- الإسرائيلي، لان غياب الإرادة الأمريكية الفاعلة سيعطل أي أمل للسلام في هذه المنطقة الحيوية للمصالح لأمريكية، وهي التي تعتبر بكل المقاييس منطقة حيوية للنظام الدولي الجديد، ومهمة لاستمرارية تطوره، ليس لموقعها الاستراتيجي ومخزونها الهائل من معطيات الطاقة فقط، بل لبعدها الحضاري والعقيدي والإنساني عبر تاريخ البشرية. صحيح بأن السياسة الخارجية الأمريكية تحكمها مؤسسات وليس فردا بعينه، وصحيح بان اللوبي الصهيوني له دور كبير في توجيه هذه السياسة ورسمها، إلا أن الإدارة الأمريكية تستطيع عمل الكثير من القرارات الشجاعة، من اجل إعادة المصداقية لتمثال الحرية في نيويورك. عن صحيفة الرأي الاردنية 28/7/2008