المقاومة بالجرافات! أحمد ذيبان تطورت أساليب المقاومة الفلسطينية، عبر مراحل الكفاح الوطني، وفقا للمعطيات التي يفرضها واقع الاحتلال، واخر ما ابتدعه العقل الفلسطيني المقاوم استخدام سلاح الجرافات، فعند انطلاقة الثورة المعاصرة بقيادة منظمة التحرير الفلسطيينية، اعتمدت أسلوب الكفاح المسلح. وكانت حركة فتح رائدة في ذلك، ثم انضمت للمسيرة العديد من الفصائل، وكانت العمليات الفدائية تنفذ عن بعد بمهاجمة مواقع ثابتة أو دوريات متحركة لقوات الاحتلال، وكانت ابرز جبهتين لتنفيذ هذه العمليات هما الحدود الاردنية واللبنانية، وفي وقت لاحق تم اعتماد أسلوب تسلل مجموعات فدائية الي داخل الأراضي المحتلة، لمهاجمة أهداف تابعة لجيش الاحتلال او المستوطنين، ثم دخل الي فقه المقاومة عمليات خطف الطائرات ومهاجمة منشات ومكاتب ووفود اسرائيلية في دول عديدة، كما حصل في مهاجمة مكتب العال في اثينا، والوفد الاولومبي الاسرائيلي في ميونخ، ثم استخدام قوارب لعبور البحر لاختراق الداخل الاسرائيلي، كما حصل في العملية البطولية التي قادتها الشهيدة دلال المغربي، في نهاية سبعينيات القرن الماضي. وعندما وقع الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، لم يكن خيار امام المقاومة الفلسطينية غير التصدي للقوات الغازية وجها لوجه، حتي انتهي الامر بمغادرة لبنان الي تونس عبر البحر بعد محاصرة بيروت لاكثر من ثمانين يوما!. وكان ذلك الفصل المأساوي، نهاية مرحلة وبداية اخري في مسيرة الثورة الفلسطينية، افضت الي الشروع بالتفكير باتجاه الحل السياسي، وانطلاق الانتفاضة الاولي عام 1987، التي كان سلاحها الاساسي الحجر، والتظاهرات والاعتصامات السلمية، لكن المهم دخول عنصر جديد في المقاومة، وهو ظهور حركة حماس، التي سيكون لها فيما بعد دور مؤثر ومثير للجدل في المقاومة المسلحة والعمل السياسي ايضا !. وخلال الانتفاضة ايضا ظهر أسلوب استخدام السكاكين والأدوات الحادة أحيانا لطعن جنود او مستوطنين، الي أن عقد مؤتمر مدريد عام 1991، ثم ظهر فجأة اسلوب المقاومة ب المفاوضات السرية التي أسفرت عن توقيع اتفاق أوسلو وتوابعه، الذي مهد الطريق لعودة أعداد كبيرة من عناصر الفصائل الفلسطينية، وغالبيتها من حركة فتح، فحلت السلطة بكل مفاسدها وإشكالاتها مكان الثورة ، أما حركة حماس فكانت موجودة في الأراضي الفلسطينية أصلا، وكانت أولي المواجهات الكبري بين حماس والاحتلال إبعاد العشرات من قادة وكوادر الحركة إلي جنوب لبنان وتركهم في العراء، ومن وسط الثلوج والبرد الشديد خاضوا معركة سياسة واعلامية مع الاحتلال!. تعثر ازسلو سريعاً، فالتقطعت حماس الفرصة، وتصدرت المشهد المقاوم، من خلال تنفيذ عمليات استشهادية داخل إسرائيل ومهاجمة دوريات عسكرية، وبدأت انتفاضة الاقصي عام الفين إثر زيارة أرئيل شارون الاستفزازية الي باحة المسجد الاقصي، عندما كان زعيما للمعارضة علي رأس حزب الليكود، فتعددت أساليب الانتفاضة بين التظاهرات والتفجيرات واستخدام السلاح الناري والسكاكين والعمليات الاستشهادية، وصنع المتفجرات والصواريخ لتفجير آليات ودبابات الاحتلال وقصف مستوطنات ومواقع داخل اسرائيل، وابتداع خطط ذكية لمهاجمة مواقع عسكرية عبر انفاق واسر جنود، فضلا عن التصدي للاجتياحات الاسرائيلية داخل المدن والقري والمخيمات، وها نحن امام استخدام الجرافات لمهاجمة سيارات تقل إسرائيليين، وهي عمليات يبدو انها عفوية، تحركها مشاعر وطنية لمواجهة تحديات الاحتلال واستفزازاته. عن صحيفة الراية القطرية 28/7/2008