بالرغم من حالة التأهب القصوى لدى قوات الاحتلال الإسرائيلية، وقع صباح الإثنين 4/2 انفجاراً فى مركز تجارى فى بلدة " ديمونة " جنوبى إسرائيل، أسفر عن مقتل إمرأة إسرائيلية واستشهاد فلسطينيين وأصيب حوالى عشرة، وذلك على بُعد كيلومترات قليلة من قاعدة ديمونة التى تضم المفاعل النووى الإسرائيلى، وهو الأول منذ إحياء الجهود بهدف التوصل لاتفاق فلسطينى إسرائيلى برعاية أمريكية فى نوفمبر 2007 . وأعلن التلفزيون الإسرائيلى أن أحد الفلسطينيين نجح فى تفجير نفسه فى حين أطلق ضابط إسرائيلى النار على الاستشهادى الثانى وقتله قبل تفجير نفسه، وفى أعقاب الحادث أغلق الجيش والشرطة الإسرائيلية المنطقة وشرع فى عمليات تمشيط، فيما حاولت فرق الهندسة تفجير جزء من الحزام الناسف الذى لم ينفجر خلال العملية ذاتها. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن أى إنذار محدد لم يكن يتوافر لدى الدوائر الأمنية حول العملية, وأن شهود العيان أشاروا إلى أن قوات الإحتلال اعتلت أسطح المنازل وأطلقت النار على الفلسطينيين الثلاثة.. ودارت اشباكات بين تلك القوات والمقاومين أدت إلى إصابتهم بأعيرة نارية كثيفة استشهد اثنان منهم فيما اصيب الثالث اصابات بالغة . وفى أعقاب الحادث أعلنت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح فى بيان لها أنها نفذت هذه العملية بالاشتراك مع كتائب أبو على مصطفى الجناح العسكرى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومجموعة سرايا المقاومة الموحدة . رد الفعل الإسرائيلى تجاه هجوم ديمونة : وجاء الرد الإسرائيلى على الفور بعد ساعات قليلة من قوع الحادث ، حيث فتحت القوات الإسرائيلية نيران أسلحتها باتجاه ثلاثة مسلحين فلسطينيين كانوا يتقدمون باتجاه القوة الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل إثنين وجرح ثالث فى بلدة "القباطية" فى الضفة الغربية. وفى سياق رد الفعل الإسرائيلى صرحت المتحدثة باسم الخارجية الإسرائيلية أميرة أورون أن الهجوم يأتى فى إطار ما أسمتها العمليات الإرهابية، وأن هذه العمليات لن تساعد فى حل مشكلة قطاع غزة، وتؤكد سياسة الحصارالتى تفرضه على قطاع غزة على حد زعم المتحدثة الإسرائيلية، خاصة فى الوقت التى تتواصل تساقط الصواريخ على إسرائيل . وعلى صعيد حالة الاستنفار الإسرائيلى فى أعقاب العملية، أصدرت قيادة الشرطة الإسرائيلية تعليمات بتعزيز العمليات الأمنية الجارية فى كافة أنحاء اسرائيل، وخاصة فى الأماكن المزدحمة فى الأسواق والمحلات التجارية، كما رفعت حالة التأهب إلى أقصى درجة . موقف السلطة الوطنية الفلسطينية : من جانبه نفى مسئول من فتح فى الضفة الغربية تورط شهداء الأقصى، وعكست التصريحات المتضاربة الانقسامات داخل فتح، فى الوقت الذى يتابع فيه الرئيس الفلسطينى محمود عباس - الذى يتزعم حركة فتح - محادثات السلام التى ترعاها الولاياتالمتحدة مع إسرائيل والتى استؤنفت بعد توقف دام سبعة أعوام . وفى بيان صادر عن مكتب عباس جاء فيه " تعبر السلطة الوطنية الفلسطينية عن إدانتها الكاملة واستنكارها للعملية العسكرية الإسرائيلية فجر اليوم فى بلدة " قباطية " والتى أدت إلى استشهاد مواطنين فلسطينيين وجرح ثالث، كما تدين السلطة العملية التى وقعت صباح اليوم فى مركز تجارى إسرائيلى فى ديمونة والتى استهدفت مدنيين إسرائيليين " . موقف حماس والجهاد من الإنفجار : أكدت حركتا حماس والجهاد على أن عملية ديمونة رد طبيعى على جرائم الاحتلال واستمرار الحصار، وشددتا على تمسك الشعب الفلسطينى بخيار المقاومة . ومن جانبه صرح فوزى برهوم المتحدث باسم حركة حماس - التى تحكم غزة فعلياً - أنه لا يعرف إن كانت لجماعته علاقة بالهجوم أم لا، لكنه وصفه بأنه رد طبيعى على كل الجرائم التى ترتكبها إسرائيل والتى تستهدف النساء والأطفال ومواصلة سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين، وأنه بموجب الأعراف الدولية يحق لنا الدفاع عن أنفسنا، وفى نفس الوقت نفى احتمال أن يضر هذا الهجوم بفرص حماس لفتح الحدود مع مصر . وأضاف برهوم إن المجتمع الدولى كان عليه أن ينتظر هذا الرد الطبيعى على جرائم الاحتلال، وقال إن حماس تؤيد استخدام كافة أشكال المقاومة ضد إسرائيل, فى الوقت التى تلجأ إليه هى الأخرى بكل الوسائل، وأن هناك احتلال يقتل ويدمر ويهدد بقتل الكثير من القيادات الميدانية، مؤكداً أن خطر الاستيطان كان وسيظل جزء ثابتاً فى السياسة الإسرائيلية التى ترتكز على ضرورة الاستيطان فى كل مكان من أرض فلسطين . وعلى نفس الجانب أكد عضو المجلس التشريعى الفلسطينى عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مشير المصرى أن عملية ديمونة الفدائية تمثل رد فعل مباشر على ما أسماه "بسياسة إسرائيل البربرية"، وقال إن "المقاومة حق مشروع أمام الحصار والعدوان الإسرائيلى المتواصل "، وأن عملية ديمونة تثبت فشل كل سياسات مواجهة المقاومة .. وقال : "عملية اليوم تثبت أن الضغط الذى تتعرض له المقاومة فى الضفة الغربية والتنسيق الأمنى بين الاحتلال وأجهزة أمن السلطة وملاحقة أفراد المقاومة وإيداعهم سجون السلطة لا يمكن أن يحول دون المقاومة . ما قبل انفجار ديمونة : الجدير بالذكر أن إنفجار ديمونة لم يكن الأول فى سلسلة المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية، حيث وقعت سلسلة من الهجمات الاستشهادية عامى 1999 و2000، زادت حدتها فى أعقاب الانتفاضة الفلسطينية التى انطلقت عام 2000، وكذلك وقوع هجومين آخرين .. أولهما فى أبريل 2006 استهدف مدينة تل أبيب أسفر عن مقتل 11 شخصاً، والثانى فى يناير 2007 عندما قامت سرايا القدس الجناح العسكرى لحركة الجهاد الإسلامى وكتائب الأقصى الجناح المُسلح لحركة فتح " جيش المؤمنين " بتنفيذ عملية استشهادية بمركز تجارى فى مدينة إيلات بجنوب إسرائيل أسفرت عن مقتل ثلاثة وعدد من الجرحى، بالإضافة إلى منفذ العملية . ديمونة : تعد ديمونة هى ثالث أكبر مدينة فى النقب جنوبى إسرائيل، تقع على بُعد 36 كم جنوبى بئر السبع و 35 كم غربى البحر الميت وترتفع حوالى 600 كم فوق سطح البحر، ويقع المفاعل النووى فى ديمونة المُحاط بسرية شديدة والذى يعتقد أنه أنتج قنابل نووية فى مجمع مُحاط بسياج ويقع تحت حراسة مُشددة على مشارف البلدة . ويقع المركز التجارى المستهدف وسط بلدة ديمونة التى تعتبر نسبياً هادئة ويقطنها عدد قليل من السكان الإسرائيليين وتقع جنوب إسرائيل .