رفيق رسمى من أخطر المواد والأدوات والوسائل التي تستخدم بقوة عموماً في العالم كله وفي العالم الثالث بصفة خاصة وفي العالم الإسلامي بصفة أكثر خصوصية في تدعيم رجال السياسة في أجندتهم السياسية وترويج برامجهم التي قد يعتقدون ( إذا أفترضنا حسن النية ) حسب ما في محتوى عقلهم الواعي من معلومات يتم تسخيرها ألياً ولاإرادياً ولا شعورياً لمصالحهم الشخصية البحتة في جوهرها وصميم مضمونها، ويبذلون جل طاقاتهم مستثمرين ما وهبهم الله من إبداع مسخرين كافة الفنون كي يجملونها ويغلفونها بغلاف جميل براق رائع اسمه مصلحه الجماهير والصالح العام وصالح الدين ، وسواء كانوا على علم وعي وإدراك لذالك ولديهم من الكاريزما والموهبة الفذة على مواراة وإخفاء ذلك ببراعة لخداع الجماهير وكسب ثقتهم باحتراف وإتقان كافه مهارات وفنون الخداع والتضليل ، أم كانوا مخدوعين هم أنفسهم أيضاً من عقلهم الباطن الذي يضللهم بما فيه من خصائص غريزية هم لا يدرون عنها شيء أو حسب المثل القائل" يكذب الكذبة أولاً ثم يصدقها " فكلا الأمرين النتيجة واحدة .
إذا الاستغلال والاستثمار وتطويع وتفصيل نصوص الدين واستخدام بعضها وترك وإهمال البعض الأخر كما تقتضي الحاجة السياسية في وقت ما ، هو أمر بديهي لا يمكن إنكاره ، وصناعة رجال دين معينين وأقلمة حوافرهم وأناملهم وأظافرهم ، كأهم أداة لخدمة أسيادهم رجال السياسة الذين يملكون المال والسلطة والنفوذ والقوة و يستخدمونهم بمهارة وحرفية عالية لإعادة صياغة وتشكيل وتصنيع وتهيئة عقول العامة من الجماهير وتطويعها لقبول ولتبرير قرراتهم وإيجاد الأعذار لفشلهم في الإدارة نتيجة إصدار قرارات غير مدروسة وغير رشيدة بل وأحياناً كثيرة تصوير هذا الفشل على أنه قمة النجاح وذروة الانتصار وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وسلاحهم في ذلك استخدام سياسة العصي والجزرة مع رجال الدين ( أي الثواب لمن أطاع وأناب والعصي لمن عصى ) وكلما غلظت العصى وثمن الثواب كلما زاد عمى العينان وأغلظت غشاوة العقل وفقد القلب بصيرته )فالخوف والتخويف عن طريق كافة طرق الإرهاب الاجتماعي أو المادي بل وأحياناً كثيرة يصل إلى القهر الجسدي، كل هذا يدعم تثبيت وتشديد عقد النقص وتأصيلها لدى الإنسان فيسهل السيطرة عليه تماماً وتوجيهه الوجهة التي يريدونها بسهولة تامة فيكون كأداة طيعة لديهم ، فمن يطيعهم له ثواب عظيم في الدنيا من آلهة هذه الدنيا ، والدين هو الأسرع والأقوى وصولاً وتأثير لأنه يخاطب الإنسان كله جملة وتفصيلاً ، يخاطب المشاعر والعواطف والأحاسيس والأحلام بسرعة فائقة فيلجم العقل تماماً ويشله بل يسخره من أجل ( التابوهات ) الموجودة في الدين لأنه كلام منزل سماوي من الإله مباشرة فلا داع لمروره على العقل وإعمال الفكر فيه على الإطلاق وإلا تكون قد وقعت في الكفر والإلحاد ( والعياذ بالله )ومصيرك النار وبئس القرار،
بالدين يتم التخويف من المجهول وهو المستقبل الأرضي والسماوي وهما مجهولان بالضرورة الحتمية على كافة بني البشر، فيتم التخويف به في حياتين حياة الدنيا وحياة الآخرة ، فإذا لم يرع الأوامر والنواهي والمحذورات والخطوط الحمراء بكل دقة وإتقان وأدب وخشوع وخنوع، ويؤدي الطقوس والفروض بكل ورع وتقوى، ويظهر أنه أطاع وتاب وأناب ( ومشي على عجين ما يلخبطهوش )( ولا يمشي جنب الحيطة فقط بل تحتها ) ويستغفر الله على كل ما ارتكبه وما لم يرتكبه، وما تكون قد سولت إليه نفسه الدنيئة على ارتكابه ولم يرتكبه، بل وعليه أيضاً واجب ديني هام للغاية وهو الشكر التام والحمد الدائم المستمر لآلهة هذه الدنيا( رجال السياسة ) إن فعل ذلك فله جزيل هباتهم وعطاياهم، وإلا فأنه يلقى كل الأذى في رزقه بل ورزق عياله ومستقبله ومستقبلهم، وأيضاً يوهمونه بكل المبررات الدينية والآيات المنزلة من إله السماء إن طاعتهم ترضي الإله لأنه هو الذي ألبسهم ثوب الرئاسة السياسية وخصهم وميّزهم عن باقي البشر ( بنفس نظرية الحكم الثيوقراطي ) ويوجدون النصوص الدينية الإلهية التي تعضد هذا بقوة ويعيدوا تأويل بعضها لكي نخدم مصالحهم، ومن عصى الله في أمر واحد فقط فقد عصاه في الكل،
ورجال السياسة هم الذين يهبون ويمنحون البعض منهم رداء القيادة الدينية ويخصونهم بالنفوذ والسلطان ويمنحونهم البركة والرعاية والعناية ( لأنهم أدواتهم المؤثرة القوية على الرعية ) لذا يتم انتقائهم بعناية فائقة وحسب شروط معينة، فإذا أبدوا الولاء والبراء لذوي النفوذ والسلطان منهم وأطاعوا طاعة كاملة عمياء ، مبررين تلك الطاعة العمياء لأنفسهم في العقل الواعي بالحكمة الكاملة التي يجب أن يتبعوها تنفيذا لوصايا الإله، أما الأوعى ( العقل الباطن ) لديهم فيطمع في المغريات التي يسيل لها اللعاب، والعطايا والهبات الجزيلة من نعيم الدنيا، لذا يعمل بكل قوة على تبرير مواقفهم وتخدير ضمائرهم ويتذكرون دائماً أن الله رحيم فقط ويتغافلون تماماً أنه عادل أيضا فيطالبون الله بالرحمة الكاملة المطلقة عن أخطائهم هم فقط ، ويطالبونه بالعدل والقصاص إذا اخطأ غيرهم فيهم ( وكأن الوصايا الدينية بالفضيلة مطالب الأخر فقط بتنفيذها وهم مطالبون بتذكيره بذلك، أما هم فلهم كل الأعذار والمبررات للتنصل منها تماماً جملة وتفصيلاً )، كما أن عقلهم الباطن في الأوعى يخدر ضمائرهم تماماً كي يحدث توافق مع الذات ويستطيعون مواصلة الحياة دون صراع مع ضمائرهم، فتصبح المداهنة والوصولية منهج حياتهم الذين يؤمنون به كل الإيمان، فالله وهبهم وخصهم دون غيرهم بهذه الفرص فلماذا لا ينتهزونها ؟ أنه كفر بنعمة الله!!!
لذا يعملون بكل طاقتهم وبكل إخلاص وتفاني كل حسب طاقته وموهبته على تشكيل عقله إعادة صياغة وجدان ومشاعر وأحاسيس الإنسان العادي البسيط ( الذين يتقاسم استهلاكه كل من رجال الدين والسياسة معاً ) ، فيعزفون على أوتار جهله وقله خبرته وندرة علمه كما إنهم يعزفون بمهارة فائقة على الأوعى لدى الإنسان المغروز فيه حماية المصلحة والمنفعة والاستفادة والحصول على أكبر قدر ممكن من الفائدة، فيستثيرون مشاعر الإنسان العادي بالخوف بل والهلع من أن تتعطل مصالحه أو تنتقص أرباحه ومكاسبه ويصاب بأذى هو وذويه وذريتهم في الدنيا والآخرة معاً على السواء، ويحذرونه كل الحذر من عدم إطاعة كل ما يأمر به رجال الدين طاعة كاملة عميا ء غير منقوصة على الإطلاق ، وإلا فالغضب الإلهي حال على العاصي لا محالة وعذاب الدنيا آت لا ريب فيه هذا غير عذاب الآخرة الأشد والأنكى، وبما أن الإنسان العادي لا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن يلم بكافة وصايا الدين ولا حتى المتخصص الذي يلم أكثر من الإنسان العادي نسبياً فقط ولا يمكن أيضاً بأي حال من الأحوال مهما كان إلا أن يقصر الإنسان و يرتكب الأخطاء ، إذاً سيظل خائفاً مرعوباً مرتعباً طوال عمره من هذا النقص والتقصير الذي سيحاسب عليه ، وبما إن الدين كامل لأنه من عند الله كليّ الكمال المطلق، والبشر جميعهم بلا استثناء واحد ناقصون فلن يتحقق كمال الإنسان المرجو من الدين أبداً أبداً ،
بل ويستحيل ذالك بصفة مؤكدة وبما أن الدين كامل والبشر ناقصون فالدعاة والوعاظ ورجال الدين ناقصون بالتبعية المنطقية لأنهم بشر ناقصون ( الجميع زاغوا وفسدوا ................) والنقص ليس في الفضيلة والبر فقط بالضرورة ، بل أيضاً في الفهم والعقل والمشاعر لذا فكل منهم ينقل المفاهيم الدينية كل حسب درجة ونوع ذكاءه العقلي وذكائه العاطفي الموروث والمكتسب من البيئة وحسب مؤهله العلمي وثقافته ودرجة عمقها وسطحيتها ومواهبه الشخصية وحسب مستواه المادي والاقتصادي والاجتماعي الذي هو المحرك الأساسي لسلوكه وفكره وعواطفه وعقدة ومركبات نقصه هو وعقد ومركبات نقص مجتمعه وبيئته المحلية بل والعالمية أيضاً المرحلية التي يحيا فيها ، وحسب أشياء أخرى كثيرة للغاية وأهمها على الإطلاق حسابات المصلحة والمنفعة هل مع أهل الأرض والدنيا في مكافئات سريعة مباشرة أم مع أهل السماء في مكافئات مؤجلة إلى أجل غير مسمى .