الغلاء.. وتكفير السيئات

د.حمود أبوطالب
من فضلكم اقرؤوا هذا الكلام:?“قال الخبير الاقتصادي مطشر المرشد: إن سبب ارتفاع الأسعار في السلع الاستهلاكية أسباب داخلية بما نسبته 70 في المئة، مشيرًا إلى أن مثل هذه الارتفاعات تضر بطبقة ذوي الدخل المحدود.
وأشار المرشد إلى أن التجار بارتفاعاتهم غير المبررة، يستهدفون فقط لهوامش ربحية عالية، معلّقًا أن ما يحاول تصويره التجار للمجتمع، من أن التضخم وزيادة الأسعار تضخم مستورد غير صحيح؛ ولأنه يوجد سلع كثيرة لا علاقة لها بضعف الدولار أمام العملات الرئيسية في العالم، أو حتى زيادة أجور الشحن"...
صحيفة عكاظ، السبت 12 يناير 2008م.. ?ما رأيكم بعد قراءة ما سبق؟؟?وحتى إذا قال قائل: إن هذا رأي فردي، أليس من المنطق التوقف عنده، والاهتمام به، لاسيما وأن بعض المتخصصين قد أشاروا إلى هذه المعلومة بأسلوب أقل مباشرةً ووضوحًا.. وبالتالي ألا تلاحظون أننا ضائعون في دوامة التصريحات؟ وأن الحقيقة الكاملة لا زالت غائبة؟؟..
إننا منذ بروز مشكلة الغلاء بشكل فاحش لم نسمع من وزارة التجارة سوى معلومة واحدة مقتضبة، تفيد بأن الأسباب تعود إلى ظروف ومتغيرات عالمية عديدة ومتشعبة، وأننا مثل غيرنا لابد أن نتأثر بها ونقبلها، وقلنا: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، ولم يعد مطلبنا سوى منع التجار من مضاعفة المشكلة، وتركهم يفعلون ما يريدون دون ضبط ومتابعة تحمي المستهلك، ولكن حتى هذا المطلب الأساسي المشروع لا يبدو أنه سيتحقق، بعد أن سمعنا الرجاء الناعم الذي وجهته الوزارة للتجار بأن يتعاطفوا مع المستهلك، ويتيحوا له الاستفادة من المزايا المحتملة التي سيحصلون عليها بسبب وضع السوق السعودي، مع أن الوزارة تعرف قبل غيرها أن مستودعات التجار ليست جمعيات خيرية، وأنهم لن يترددوا في تحقيق أعلى ربح ممكن، طالما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وطالما التجارة شطارة..
وقبل أن ننتهي.. نودُّ تذكيركم بأن خبر صحيفة (عكاظ) قد تضمّن بالإضافة لتصريح الخبير المرشد تصريحات لبعض العلماء يطالبون فيها المستهلكين بعدم تقليد الأغنياء، والبحث عن البديل لما هو غالي السعر، وعدم التبذير، والاكتفاء بما يسد الحاجة، إضافة إلى تجديد الرجاء للتجار بالرأفة والرحمة، واعتبار ما يتجاوزون عنه من التخفيف عن إخوانهم في ارتفاع الأسعار تكفيرًا لسيئاتهم !?وهنا لابد أن أصمت ، لأني لا أستطيع التصريح بالتعليق المناسب على مثل هذا الكلام..
عن صحيفة المدينة السعودية
14/1/2008