محمد صلاح الدين تمثل خدمة الحجيج والمعتمرين، الذين هم ضيوف الرحمن، تكليفا ربانيا لهذا البلد الأمين وأهله، تحشد له الدولة كل جهودها وتعبئ للقيام به كل مواردها، ويستغرق حياة عشرات الألوف من مواطنيها في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة، تخصصا مهنيا، وعملا ودراسة.? الأخ الكريم الدكتور عدنان عبد البديع اليافي، في محاضرة ضافية ألقاها في قاعة المحاضرات، بمقر مؤسسة مطوفي جنوب آسيا بمكةالمكرمة، تحت عنوان « خدمة الحاج .. رؤية من زوايا متعددة»، قدم من خلال تاريخ حياته أنموذجا كريما لهذه الطائفة الطيبة من المواطنين، الذين استغرقت خدمة ضيوف الرحمن حياتهم منذ الطفولة المبكرة، ثم كانت موضوع تخصصهم العلمي، ومجال ممارستهم المهنية.? فمن سطح منزله بحارة الشام بجدة، بالقرب من مبنى وزارة الخارجية، كان الطفل عدنان يطل – قبل نصف قرن – فيرى حجاج البر القادمين من تركيا وسوريا والعراق، وقد نصبوا خيامهم للإقامة أياما وربما أسابيع، ريثما يتوجهون لمكةالمكرمة، ومن خلال دكان والده في شارع قابل، حيث بدأ الفتى يتدرب على تجارة القماش، بدأ تعامله وخدمته للحجاج. ثم في دكان آخر للوالد في مدينة الحجاج بجدة، وكذلك ضمن الكشافة السعوديين الذين يتشرفون بخدمة الحجاج طوال فترة أدائهم لشعائر الحج، وحين وصل الفتى لمرحلة الدكتوراة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كان موضوع دراسته « نظم الحركة في الحج من خلال رؤى تنظيمية»، ثم عمل بعد تخرجه أستاذا في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ليصبح أول نائب لمدير عام مركز أبحاث الحج الذي كان تابعا للجامعة، واستمر الدكتور عدنان نائبا للمدير العام، بعد انتقال المركز الى جامعة أم القرى، وانتقال الدكتور عدنان أستاذا فيها، وبعد عقد من الزمن انتقل الدكتور عدنان للعمل في القطاع الخاص لخدمة ضيوف الرحمن أيضا.? وغني عن القول إن خدمة ضيوف الرحمن سواء في موسم الحج، أو من خلال أداء العمرة طوال العام، لم تعد تشغل أهل مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة فحسب، بل تشتغل فيها معظم أجهزة الدولة، بما في ذلك قوات الأمن، ورجال الحرس الوطني ووزارة الدفاع والطيران، الذين يتولون حفظ الأمن، والسهر على راحة الحجاج وسلامة تنقلاتهم، وتقديم كل عون لأداء الشعائر على خير وجه، ناهيك بشتى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. وخدماتها واشتغالها بمواسم العمرة والحج.?غير أن التسجيل العلمي التاريخي والاجتماعي والاقتصادي، لآثار هذا التكليف الرباني، على حياة السعوديين عامة وأهل منطقة مكةالمكرمة على وجه الخصوص، وكذلك على مجمل مؤسسات الدولة ووزاراتها، كما فعل الدكتور عدنان عبد البديع اليافي، أمر هام للتاريخ والأجيال، باعتباره رصدا للخدمات وتطويرا لها، وتحسينا لأدائها، واستشرافا للمستقبل في الإعداد لها، ابتغاء مرضاة الله ورجاء مثوبته سبحانه.?فاكس :6530693– 02 ? عن صحيفة المدينة السعودية 16/12/2007