التربية مسئولية الأم والأب معاً محيط - فادية عبود لم يعتبر أمير الشعراء أحمد شوقي اليتيم هو من فقد أحد أبويه ، وإنما هو من تخلت عنه أمه أو انشغل أبيه عنه ، قائلاً : ليس اليتيم من انتهى أبواه .. من همْ الحياة وخلفاه ذليلاً إن اليتيم هو الذي تلقى له .. أم تخلت أو أب مشغول صحيح أن نساء القرن الواحد والعشرون "سوبر ومان " يقمن بجميع أعباء المنزل ويتحملن مسئولية العمل وتربية الأبناء بجدارة ، إلا أن بعد الأب عن أطفاله يشوه شخصياتهم في المستقبل . ويقول عالم النفس الأمريكي الأصل جون روزموند الذي ألف العديد من الكتب الخاصة بتربية الأطفال وتنشئتهم سعداء : إن دور الآباء في عملية التربية لا يقل أهمية عن دور الأمهات لكن للأسف كثير من الرجال يتصرفون وكأن تربية الأبناء عمل خاص بالمرأة. وكنتيجة لذلك أصبح هناك ميل عام لتجاهل أو للتقليل من أهمية دور الآباء في التربية وأيضا أصبح لدي الأمهات شعور زائد بمسئوليتهن تجاه أطفالهن ، بينما غالبا ما يشعر الآباء بعدم أهميتهم بل ويشعرون بأنهم مستبعدون من العملية التربوية برمتها. والأسوأ من ذلك أن بعض الآباء يستغلون تلك الخرافة كعذر مريح ومناسب لفض أيديهم من مسئولية التربية. زوجات منفصلات ويتابع روزموند قائلاً بحسب صحيفة "الأهرام" : وبالفعل فإن العديد من الأمهات علي الرغم من أنهن يعشن مع أزواجهن إلا أنهن يشبهن الأمهات المنفصلات عن أزواجهن وقطعا هناك اختلافات متوقعة في طريقة ترابط وتفاعل الآباء والأمهات مع الأطفال وترجع تلك الاختلافات إلي اعتبارات بيولوجية ونفسية وثقافية وعملية علي سبيل المثال, في كل الثقافات والعصور احتلت الأمهات الدور الرئيسي في التربية أثناء مرحلة الرضاعة ومرحلة الطفولة المبكرة. وبالطبع هناك أسباب كثيرة تبرر ذلك من ضمنها قدرة السيدات بيولوجيا علي إرضاع الأطفال بينما لا يستطيع الآباء ذلك. ولكن الدور الأساسي لا يعني أن يكون الدور الوحيد فحتى أثناء السنوات الأولي يكون للآباء دور مهم . نمو أفضل من جانب آخر أوضحت الدراسات أن الأطفال الذين يشارك آباؤهم مشاركة فعالة في تربيتهم في سن ما قبل دخول المدرسة يميلون للانفتاح علي الآخرين ويتكيفون سريعا ويقبلون التحديات وتشير أبحاث أخري إلى أن الأطفال الذين يشارك الآباء في تربيتهم يؤدون بشكل أفضل في الدراسة ويزداد توافقهم مع أقرانهم ولديهم تقدير أفضل للذات وعند وصولهم لمرحلة المراهقة يقل احتمال إدمانهم للمخدرات أو الكحوليات. كما أفادت دراسة إنجليزية أجريت على 17،000 طفل في جامعة أكسفورد بإنجلترا عام 2002 للميلاد، بأن البنات اللاتي نشأن بين أم وأب كنّ أقل عرضة للأمراض النفسية في حياتهن المستقبلية ، أما الأولاد اللذين كانت علاقتهم جيدة مع آبائهم كانوا بعيدين عن مشاكل العنف والإجرام ، ولم يكن لديهم مشاكل عاطفية أو نفسية، أيضاً حياتهم المستقبلية في الدراسة وغيرها كانت أكثر استقراراً . عدوانية الذكور الآباء يستمتعون بممارسة طفولتهم مرة أخرى مع أبنائهم الذكور ، أما إذا كان لديهم بنات فقط ، فإنهم يفتقدون ذلك . قد يكون صحيحاً أن يصعب على الأب العيش دون ابن ، ولكن المستحيل أن يعيش الابن دون أب ، فقد أثبتت الدراسات أن تواجد الأب هو عامل مهم للتطور العضلي للأطفال الذكور ، وأكدت الدراسات بصفة أن غياب الأب ينتج عنه أحد الوضعين : إما أن يظهر الطفل نعومة لا تتناسب كونه ذكراً ويميل إلي عدم الاستقلالية والأنوثة ، وإما أن يظهر تصرفات عدوانية وكأنه يعوض التأثير الأنثوي القوي عليه ، وعرفت الدراسات كلمة غياب الأب ، ليس بعدم تواجده في الأسرة ، بل مجرد عدم تواجده في مواقف معينة يحتاجها ابنه فيها رغم أنه يعيش معه في المنزل نفسه . طفولة من جديد عزيزي الأب .. ما مدة لعبك مع ابنك يومياً ؟ هل تعلم أن لعبك مع طفلك ينمي حواسه وجسده وعقله ، ويجعله نشطاً ؟ هذا ما يؤكده خبراء التربية . إن لعبك مع طفلك يعيد إليك ذكريات الطفولة المرحة من جديد ، ويزيح عنك توترات عملك يومياً ، بحسب خبراء التربية . ورغم ذلك يؤكد خبراء التربية الإيطاليون أن لعب الآباء مع أبنائهم تكاد تكون معدومة في جميع مجتمعات العالم، مع أنها تعد واحدة من أهم الوسائل التربوية التي علي الأهل القيام بها كواجب يساهم في تطوير مهارات الأطفال وتنمية خيالهم ومعارفهم واستيعاب مفاهيم مجتمعهم وإدراك العناصر المكونة له. من جانب آخر أفادت آخر استطلاعات الرأي في مجلة "صحة" الإيطالية أن الأطفال يعانون من قلة حضور الآباء في حياتهم اليومية، إذ أن 15% من الآباء يقضون معدل 30 دقيقة يومياً مع أولادهم، وأكثر الألعاب التي يؤديها الأب عادة مع طفله لا ترتقي إلى المستويات المطلوبة، لأن الآباء لا يحملون أي قناعة أو رغبة في ممارستهم هذه، ولهذا السبب فإن الأطفال يفضلون الأجداد والجدات، كونهم قادرين علي المرونة والتعاطف المطلوبين من الطفل. عزيزي الأب .. هل تقوم بدور حقيقي في تربية أبنائك ؟ وإلي أي مدي ؟ شاركنا الحوار ..