أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الخميس 11-12-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    اسعار الدواجن اليوم الخميس 11ديسمبر 2025 فى بورصة الدواجن بالمنيا    «الوطنية للانتخابات»: انتظام العمل بجميع اللجان باستثناء 6 لجان بسبب الشبورة المائية    سعر الدولار الأمريكي اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    «ترامب»: واشنطن صادرت ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا    مصدران: أمريكا تدرس فرض عقوبات متعلقة بالإرهاب على الأونروا    منخفض جوي يفاقم الكارثة الإنسانية بغزة    تايلاند تعلن ارتفاع عدد القتلى إثر الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا إلى 9    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    وكيله: بابلو الصباغ لم يتلقى عروض من الأهلي.. واللاعب بدأ إجراءات استخراج جواز سفره الفلسطيني    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    قوات الدفاع الجوى الروسية تدمر 287 طائرة مسيرة أوكرانية ليلا فوق مناطق عدة    الفيدرالي الأمريكي يقرر خفض الفائدة لتصبح بين 3.5% و3.75%    الهيئة الوطنية تعلن بدء التصويت باليوم الأخير بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    مورينيو يكشف أسباب فوز بنفيكا على نابولي في دوري الأبطال    قرار جمهوري بتعيين القاضي مجدى خفاجي رئيسا لمحكمة استئناف قنا    تعرف على سعر الدولار ببداية تعاملات اليوم الخميس 11-12-2025    إخلاء سبيل والدة الطالب المتهم بمعاشرة شقيقته القاصر في المرج    في أول أيام عرضه، "الست" يحقق هذه الإيرادات بالسينمات أمس    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    ماسك يتحدث عن إلهان عمر وممداني والجحيم الشيوعي    مجلس النواب الأمريكي يصوّت بالأغلبية لصالح إلغاء قانون عقوبات "قيصر" ضد سوريا    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    ترامب: الولايات المتحدة مدعوة إلى اجتماع في أوروبا    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    لأول مرة بمستشفى سامول، جراحة ناجحة لإزالة ورم 10×10 سم دون استئصال الرحم    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التعادل الإيجابي يحسم مباراة بروسيا دورتموند وبودو جليمت    أرسنال يسحق كلوب بروج بثلاثية خارج الديار    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11ديسمبر 2025........مواعيد الأذان في محافظة المنيا    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    سلمان خان وإدريس إلبا وريز أحمد فى حفل جولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر    المتهم بتجميع بطاقات الناخبين: «كنت بستعلم عن اللجان»    حقيقة منع شيرين عبد الوهاب من رؤية ابنتيها وإفلاسها.. ما القصة؟    البنك المركزي: معدل التضخم الأساسي السنوي يسجل 12.5% في نوفمبر 2025    "امرأة هزت عرش التحدي".. الموسم الثاني من مسابقة المرأة الذهبية للمركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة    "جنوب الوادي للأسمنت" و"العالمية للاستثمار" يتصدران ارتفاعات البورصة المصرية    القبض على شخص اقتحم مدرسة بالإسماعيلية واعتدى على معلم ب "مقص"    4 فوائد للملح تدفعنا لتناوله ولكن بحذر    أعراض اعوجاج العمود الفقري وأسبابه ومخاطر ذلك    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    مستشار وزير الثقافة: إدارج "الكشري" في قائمة تراث اليونسكو يمثل اعترافًا دوليًا بهويتنا وثقافتنا    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج    البابا تواضروس يهنئ الكنيسة ببدء شهر كيهك    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    ساوندرز: ليفربول ألقى صلاح تحت الحافلة؟ تقاضى 60 مليون جنيه إسترليني    الأرقام تكشف.. كيف أنقذ صلاح ليفربول من سنوات الفشل إلى منصات التتويج.. فيديو    ترامب: الفساد في أوكرانيا متفشٍ وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" شاهدة على يدي " لعلي العلوي : عودة الألم والمنفى والاغتراب
نشر في محيط يوم 13 - 10 - 2008

يواصل الشاعر المغربي علي العلوي تألقه الشعري بإصدار ديوانه الثاني الذي وسمه تحت عنوان " شاهدة على يدي " ، فبعد ديوانه الأول " أول المنفى " الذي استطاع من خلاله أن يخرج بعصارة فكره وثقافته وقراءاته المختلفة واهتماماته الأدبية المتنوعة ، وصال نسج خيوط الشعر المتميز الذي يغري بالقراءة والتذوق . ففيهما معاً نجد أن الشاعر يكتب ضمن رؤيا شعرية موحدة مفعمة بالألم والمنفى والاغتراب ، رغم انطوائها على مضامين مختلفة أخرى . هذه الرؤيا تعبر عن تجربة شعرية مكتملة ومتكاملة قادرة على جعل القاريء لها يخرج بفكرة مفادها أنه يقرأ لشاعر لا يحيد عن الفكرة التي يكتب عنها ومن أجلها فحق علينا أن نقول بأن الشاعر علي العلوي شاعر وفيٌ لقضيته وفكرته التي يكتب فيها .
هذه الوحدة الفكرية التي نجدها في شعر علي العلوي تجسد ذاته الإنسانية والعربية بالذات ، فأول قصيدة نقرأها في ديوانه الجديد نحس بهذه الوحدة حيث العروبة والانتماء القومي الواضح على كتاباته مستحضراً قضية العراق وحال الناس في هذا البلد ، ومسقطاً واقع العراق على ذاته وشخصيته ، فالعراق ملتبس وشاق ومنسي بشكل لا يطاق والزمن مازال يدور لينجب لنا واقعاً عربياً غارقاً في الدماء والإهانات والمشاكل كالطائر الذي يشدو بأوتار الفراق وكالعروس التي فقدت عرائسها على أرض العراق .
يستحضر الشاعر الكثير من الصور الواقعية والأحداث التي تميز واقعاً شاقاً يقضي على حلم الوحدة والتكتل وعلى إرادة التميز وفرض الذات . وتصل هذه الوحدة الفكرية عند الشاعر إلى ما يشبه اليقين ، لنجد أن إيمانه بالثورة على الواقع المعاش وعلى هذه الغربة التي يعيشها الإنسان العربي في وطنه وفي بيته وفي عالمه الشخصي ، وتعيد له دوره في الوجود والحضارة والتاريخ والتأثير والتأثر . فرمز الاغتراب الذي ينطوي على أفكار وحالات معيشية وثقافة دفينة لا يمكن له أن يذهب أدراج الرياح في واقع يكرسه أكثر ويطالب بغرسه كثقافة في عقلية الإنسان العربي عموما . وقد استحق علي العلوي لما جسدته قصائد ديوانيه الأول والثاني معاً من فكرة الاغتراب والمنفى لقب شاعر " الاغتراب الداخلي " ، أي أنه يحس بالغربة والمنفى داخل وطنه وبين أهله .
إن ما بدا في لحظة من زمان ولى ليس بالبعيد أنه نهضة وثورة كان وهماً وحلماً غير قابل للتحقق ، كان ضياعاً في البحث عن غايات مستحيلة التحقيق وعن أهداف لا يقدر على تحقيقها إلا الرجال العظام . هذه الأوهام نجدها واضحة في الكثير من قصائد ديوانه " شاهدة على يدي " ، إذ يصور لنا الشاعر سيطرة التناقضات على العديد من العقليات في عالمنا حيث الأسماء ليست هي نفس الأسماء وحيث الشمس لا يمكنها أن تكون في أوج لحظتها الحميمية بكل ذلك العنفوان الذي خلقت به وفيه . وعلى ذكر الشمس فهي عنده مجرد كائن تسيطر عليه قوة عظمى تسيره وفق إرادتها ، وهي عنده لا يمكنها أن تمنحه ما يريد أو تساعده على تحقيق مآاربه :
لا شيء يذكرني عند طلوعِ الشمسِ
لا شيءَ يذكرني بجروحِ الهمسِ ،
وحدي أدخلُ لحدي
وأجددُ أسرارَ الأمسِ . ( ص 35 ) .
لقد بنى الشاعر علي العلوي في ديوانه الجديد شاعريته على بساطة المعنى ومباشرته في الأعم الأغلب ، مع لمحات توحي بالقدرة على استحضار صور شعرية صعبة الإدراك . غير أنه يبقى للشاعر الحظوة في أن يركب الصعب للوصول إلى السهل ، فأن يكتب الشاعر بلغة بسيطة وبمعجم جميل ومفهوم ويصل إلى الإمتاع والإبداع فهو في حد ذاته تفوق أدبي .
فالمتكأ في قصيدة الشاعر هو استحضار الكثير من الألفاظ المفعمة بخلق معجم شعري قوي ك : الشمس ، الأرض ، السماء ، المساء ، الغربة ، الاغتراب ، الحنين ، الحب ، .... مع محاولة استحضار النقد والواقع المعاش والحياة ومتطلباتها ومتعلقاتها . ولذلك فهذه الألفاظ تأتي بما تأتي به في توظيفها شعريا لتصل إلى فكر شاعر قادر على توظيفها جمالياً وإبداعياً .
يتكيء الشاعر أيضا على لفظ الخوف والرهبة من شيء غامض . فالخوف مأساة لمن اتصف به . هذه المأساة عبر عنها في قصيدة " شمس الغروب " تعبيراً جميلاً . جعل قارئه يتذوق شعراً راقياً من خلال الصور المستعملة في هذه القصيدة الجميلة :
مرةً أخرى
رآهُ خائفاً من صمتهِ
خائفاً من صوتهِ
خائفاً من نسمةِ الريحِ
ومن قيظِ السهوبْ .
مرةً أخرى
رأيتُ النارَ في أحشائهِ
والدمَ في مقلتهِ ،
ثمٌ رأيتُ البابَ تطويهِ الدروبْ .
مرةً أخرى
تجلتْ في مدى عينيهِ
ألوانُ الغروبْ . ( ص . 9 و 10 ) .
لو تمعنا كثيراً في هذا البناء الإيقاعي في القصيدة ، أمكن لنا القول بأن الشعر عند علي العلوي قد طبع بموسيقى راقية وجميلة تحبب قراءة الشعر وتقربه من القاريء أكثر . إن هذا التوجه الشعري عند الشاعر أشبه في قربه من الحياة والواقع بقري شعر شعراء العرب القدامى من قضايا قبائلهم وأهاليهم .
تعتمد القصيدة عند علي العلوي على القوافي لتنتظم وتسجل الموقف والرؤية والفكرة . فهي مثال لجاذبية التناسب الصوتي الغيقاعي ولذلك نجد عند قراءة شعر العلوي أن قصيدته مبنية بناءً محكماً لا يمكن الخروج عن الفكرة المراد إيصالها . :
في لحظةٍ أو لحظتينِ
سينتهي وقتُ العبورْ .
وحينها ستعودُ اسرابُ الطيورْ .
............؟
فتزيني يا طفلتي بثيابكِ السوداءْ .
وانتظري المساء
ورتبي الأسماءْ ،
إن طريقنا نارٌ ... فنورْ . ( ص . 23 ) .
وفي قصيدة " شاهدة على يدي " والتي أخذت عنوان الديوان نجد الشاعر لا يستطيع أن يبعد عن نفسه الإحساس بالاغتراب والألم . فغصت القصيدة بألفاظ الألم والضعف والانتظار والترقب والتذكر والرغبة من قبيل : صورته ، عزلتي ، صوته ، يذكرني ، حلم زائل ، فحيح جرح ، موت صموت ، ....وغيرها من الألفاظ التي تعهد معجماً يفيد الألم والاغتراب والضعف :
مازلتُ أسمعُ صوتهُ
ولهيبُ صورتهِ
يمزقُ عزلتي
ويحطٌ فوقَ ربابتي
وعلى شراييني يطوفْ . ( ص . 89 ) .
يتذكر الشاعر أخاه وما وقع له ويستحضر صورته وصوته الذي يمزق عزلته وقلبه ويدفعه إلى الإحساس بالمرارة ولوعة الفراق وعضة الغياب والوداع .
بيني وبين الموجِ أسئلةٌ مؤجلةٌ
وحلمٌ زائلٌ
وفحيحُ جرحٍ لاحَ من فوقِ السقوفْ .
بيني وبينكَ يا أخي
موتٌ صموتْ ....( ص . 90 ) .
هو الموت إذا ما حضر يأكل كل شيء جميل ومحبب إلى القلب ويترك المرء في الضياع والوحدة والألم .
لقد امتلك الشاعر رؤية شعرية زعزها الواقع في وجدانه وبقيت محفورة في عقله الذي يساعده على إخراجها شعراً راقياً استطاع من خلاله وضع قدمه بين كبار شعراء العرب الذين أبدعوا وكتبوا وتركوا لنا إرثاً أدبياً محترماً . وبذلك يحق للشاعر علي العلوي بعد ديوانه الثاني أن يفتخر بشاعريته المتميزة التي منحته التواجد الأدبي والشعري عموماً .
عزيز العرباوي
كاتب مغربي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.