الوجه الآخر للمعونات الدولية !! في الوقت الذي اشتعلت فيه حدة المناقشات تحت قبة البرلمان المصري حول المعونة الأمريكية والانتقادات التي وجهها نواب الشعب للكونجرس الأمريكي على خلفية مطالبه بتحويل القسم العسكري من المعونة الأمريكية لمصر إلى معونة اقتصادية احتضنت المنظمة العربية للتنمية الإدارية مؤتمراً عقد بالقاهرة تحت شعار "دور المعونات والمنح الدولية في خدمة التنمية بالوطن العربي" . محيط - شيرين حرب حضر المؤتمر نخبة من الخبراء الدوليين في برامج المعونة والمكاتب الاستشارية الخاصة بالمعونات والمهتمين بموضوع المنح والمعونات وإلى جانب بعض الخبراء في منظمات المجتمع المدني. وتركزت محاور المؤتمر حول مدى مساهمة المعونات والمنح في تحقيق التنمية المستدامة في الدول العربية إلى جانب تسليط الضوء على البرامج التي يجب على الدول النامية القيام بها للحصول على المعونات والمنح، وكيفية الاستفادة من المعونات والمنح وكيفية التعامل مع الدول المانحة والبنك الدولي دون الخضوع لكافة شروطها . وقد اتفق الحضور على أن المنح لم تعد هبة ومنة من الدول الكبرى للدول النامية وإنما هي تنفيذ لأهداف معلنة وأخرى غير معلنة، لافتين إلى أنه لم يعد مقبولاً أن نستمر في إطلاق مصطلحات مثل المانح والممنوح، والأجدى أن نسمي الأسماء بمسمياتها فطالما أن الجانبين لهما مصالح متبادلة ولذا فمصطلح "الشركاء" هو المصطلح الأمثل للتعبير عن هذه العلاقة بين الدول الكبرى والدول النامية. الاستغلال الأمثل وعلى هامش المؤتمر التقت شبكة الأخبار العربية محيط بالدكتورة اللواء فلك الجمعاني النائب في البرلمان الأردني والتي أكدت على أهمية الاستغلال الجيد للمعونات المقدمة من الدول المانحة لمحاربة المشاكل المزمنة التي تعاني منها الكثير من الدول في عالمنا العربي وعلى رأسها قضايا الفقر والبطالة . وأضافت الدكتورة أن الدول العربية تعاني على هذا الصعيد من مسألة سوء الإدارة إلى جانب الفساد المستشري الذي يجعل تلك الأموال تضيع هباء . وشددت على ضرورة متابعة صناع القرار في الدول العربية للمنح والمعونات لمراقبة ما إذا كانت هذه المعونات قد حققت غايتها أم لا خاصة وأنه لا أحد ينكر أن هناك فساد مستشري في بعض الإدارات العربية، ولذا فإنه من الضروري جداً معرفة أين تذهب وكيف تستثمر هذه القروض. أما الدكتورة زينب أبو زيد أبو بكر عضو اللجنة الإدارية لمركز الدراسات والبحوث بأمانة مؤتمر الشعب العام فقد أكدت على أن المنح والمساعدات الدولية تنطوي على العديد من الأبعاد والأهداف الغير معلنة سواء أكانت على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو القانوني، مشيرة إلى أن فلسطين على سبيل المثال والتي مُنحت طيلة السنوات الماضية عندما تولت حركة حماس لزمام السلطة في فلسطين تم التوقف عن تقديم هذه المنح والمساعدات الدولية وبالتالي فإن أهداف المنح بدت واضحة للعيان كأسلوب ضغط يمارس على الدول المتلقية لهذه المساعدات. ولم تنكر الدكتورة زينب أن هذه المنح قد ساهمت في مجال التنمية في بعض المجتمعات العربية، غير أنها تسببت في تبعية العديد من الدول الأخرى للدول المانحة. كما لفتت الدكتورة زينب إلى تجربة ليبيا كدولة مانحة حيث ساهمت في تقديم المساعدات الدولية من منطلق رغبتها في تحقيق الوحدة العربية للتصدي ومجابهة كافة المشكلات التي يعاني منها الوطن العربي . تناقض السياسات ومن جانبها أوضحت الدكتورة ليلى البرادعي أستاذ الإدارة العامة المساعد بالجامعة الأمريكية كيف أن المعونة لم تعد مساعدة من جهة مانحة إلى جهة متلقية فقط، وإنما هي استفادة للطرفين. وانتقدت في حديثها ل "محيط" التناقض الواضح في سياسة المانحين، لافتة إلى أنه في الوقت الذي تشدد فيه هذه الدول على ضرورة المشاركة لأفراد الشعب غير أن رأيهم قد تبدل تماماً في المثال الفلسطيني حيث استخدم المانحون سلاح المعونات لمعارضة نتائج الانتخابات الفلسطينية التي استحقتها حركة المقاومة الإسلامية حماس. وفي السياق ذاته دعت الدكتورة ليلي البرادعي إلى أهمية استغلال المعونات والمنح الدولية الاستغلال الأمثل لما لذلك من أثر بالغ الأهمية في التنمية الاقتصادية للوطن العربي وذلك من خلال تطوير البنى التحتية وجذب الاستثمارات . وقالت : لقد آن الأوان لكي نتحول إلى دول مانحة وأشارت إلى تجربة الصين التي تحولت من دولة متلقية للمنح إلى دولة مانحة لها العديد من المساهمات والمعونات في القارة الإفريقية.
ومن جانبها أشارت المنظمة العربية للتنمية الإدارية في بيان لها إلى القصور الذي يشوب المعلومات المتاحة عن كم المعونات والمساعدات الاقتصادية المتدفقة إلى الدول العربية وأيضاً حول مدى مساهمة هذه المعونات في تحقيق التنمية المستدامة المنشودة . ومن هنا جاءت فكرة هذا المؤتمر الذي يهدف إلى استجلاء الأمر بخصوص قضية المعونات والتنمية في الوطن العربي ، تلك القضية المثيرة للكثير من الجدل بين الباحثين والممارسين والمهتمين بالتنمية على وجه العموم خاصة وأن خمس سكان العام يرزح تحت وطأة الفقر، ويعاني مئات الملايين من الأطفال من نقص الطعام حيث المتوفر لا يكفيهم ليعيشوا حياة طبيعية، وتنتشر الأمية بين مئات الملايين من الأطفال لعدم توفر المدارس لتعليمهم، ويموت منهم حوالي أحد عشر مليون طفل سنويا نتيجة للأمراض وضعف الرعاية الصحية التي يحرم منها حوالي مليارين ونصف شخص في الدول النامية. ولفتت المنظمة إلى أن الحروب والخلافات المسلحة والإرهاب قد تركت أثرها على البني التحتية وعلى مواطني الدول النامية التي عانت الكثير جراء تلك الخلافات والحروب، وقد شكل ذلك تحديا ضخما أمام تلك الدول والأمم المتحدة حول كيفية الحصول على المنح والمساعدات من أجل تمويل برامج المساعدات لتحقيق التنمية الشاملة، ورفع مستوى معيشة المواطنين. وأوضح البيان أن الدول المانحة تسعى إلى تحويل القروض التي يمنحها البنك الدولي إلى منح وهبات لتقليل حجم المديونية التي تتفاقم على الدول الفقيرة بدلا من أن تساعد على خفض حدة الفقر، كذلك تطالب تلك الدول بزيادة حصة المعونات التي تعد مقدارا ضئيلا من إجمالي الناتج القومي من موازناتها لتمويل التنمية في الدول الفقيرة، والتي ترى تلك الدول بأن على الدول النامية أن تسعى باتجاه إصلاح برامجها الاقتصادية والمالية وتعمل على مكافحة الفساد وتدير البلاد إدارة جيدة. مع بزوغ الألفية الجديدة دخلت صناعة التنمية عهداً جديداً ، ولعل أبلغ دليل على ذلك هو سواد تبنى المنظور الجديد بأن التنمية صارت صناعة لها عناصر محددة وآليات ويعمل في إطارها العديد من أصحاب المصالح. ولعل من أبرز هؤلاء هيئات ووكالات ومنظمات التنمية الدولية والإقليمية التي تشترك مع مجموعات من الدول النامية في علاقات شراكة وتعاون من أجل التنمية وتقدم في إطار ذلك كماً متزايداً من معونات التنمية الرسمية إلى حكومات هذه الدول. وخلال السنوات القليلة الماضية ومع الازدياد الملحوظ في حجم معونات التنمية ازدادت أهميتها في تحقيق التنمية وأزداد الاعتماد عليها كمورد أساسي من موارد الدول النامية ، وذلك سواء كانت هذه الموارد فى صورة موارد مالية أو فنية تكون هذه الدول في احتياج إليها. قصور المعلومات ولم تكن الدول العربية بمنأى عن هذه القضية وإن كان هناك بعض القصور فى المعلومات المتاحة عن كم المعونات والمساعدات الاقتصادية المتدفقة إلى الدول العربية وأيضاً حول مدى مساهمة هذه المعونات في تحقيق التنمية المستدامة المنشودة . ومن هنا جاءت فكرة هذا المؤتمر الذي يهدف إلى استجلاء الأمر بخصوص قضية المعونات والتنمية في الوطن العربي ، تلك القضية المثيرة للكثير من الجدل بين الباحثين والممارسين والمهتمين بالتنمية على وجه العموم.