المصالحة بين الشيعة والسنة عبر مباراة كرة القدم في بغداد محيط عبد الموجود سمير لاعبو كاظمة ونادي الاعظمية علي ملعب الشعب الدولي
أثبتت كرة القدم من جديد أنها الرياضة القادرة علي علاج ما تفسده الحروب، فهذا الجسم الكروي الذي يركض خلفه 22 شخصًا في مستطيل عشبي ، مجال واسع للتعارف بين الناس وأوسع لإصلاح الخلافات الفردية والاجتماعية، ولو أن هناك دولتين مختلفتين أو متعاركتين اتفقتا علي إقامة مباراة ودية بين فريقها لكرة القدم فإن لغالبية ستلجأ إلي الصلح أو علي الأقل ستلجأ إلي حوار بيني لإصلاح الخلاف وأوضح مثال علي ذلك مباراة إ بران وأمريكا في مباراة كاس العالم 98 وما حدث بعدها مباشرة من محاولة لتقريب وجهات النظر بينهما. ورغم الانقسامات وحالة التشتت والعنف التي تجتاح العراق منذ عام 2003 عقب الغزو الأمريكي للبلاد ، أعقبه النزاع بين طوائف البلاد الثلاث" السنة والشيعة والأكراد"، إلا أن شيئًا واحدًا استطاع أن يجمع العراقيين وهو كرة القدم وتلاحم الشعب بجميع طوائفه عقب كل انتصار كان يحققه المنتخب العراقي في بطولة آسيا الأخيرة بفيتنام وتايلاند وأندونيسيا وماليزيا إلي أن توج بالبطولة في النهاية للمرة الأولي في تاريخه.
فالجميع تناسوا انتماءاتهم وخلافاتهم وجلسوا معًا في المقاهي والبيوت والأوقة والحارات وجل هدفهم أن يحقق منتخب بلادهم فوزًا وراء فوز، وهو ما نجح فيه منتخبهم الكروي ورسم البسمات علي شفاهم وإن سرعان ما تلاشت بعد ذلك علي دوي المدافع وتناثر جثث ذويهم هنا وهناك.
جمهور العراق ولإدراك المسئولين العراقيين هذه الغاية النبيلة نظمت الحكومة العراقية الأحد مباراة ودية بين نادي الكاظمية (الحي الشيعي) ونادي الأعظمية (الحي السني) على ملعب الشعب الدولي وسط بغداد في إطار مهرجان نظم في الذكرى الأولى لبدء خطة امن بغداد لتشجيع المصالحة الوطنية. وحضر بسام الحسيني ممثلا عن رئيس الوزراء (نوري المالكي) إلى المهرجان الذي تخللته فعاليات لتنامي قدرات فريق معالجة المتفجرات التابع لوزارة الداخلية حيث قام بتفجير عبوة ناسفة باستخدام معدات آلية حديثة. وجرت المباراة التي تعتبر الأولى من نوعها منذ مطلع 2006 وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور خجول. وقال قدوري رئيس رابطة مشجعي العراق "هذه المباراة فرحة للعراقيين وإغاظة لهؤلاء الذين يريدون إثارة فتنة بين أطياف الشعب العراقي". وتابع قدوري الذي يعتبر من أشهر المشجعين في البلاد وشارك في معظم المباريات الدولية للمنتخب العراقي "الرياضيون جميعهم عنصر واحد للعراق ولا يمكن أن يكونوا اثنين نحن نريد مهرجانات رياضية مماثلة مستمرة مثل هذا المهرجان لإحياء بغداد". وأشار إلى أن "الكاظمية والأعظمية حيان متجاوران وانقطعت علاقاتهما بسبب الطائفية المقيتة التي حاول المغرضون إشعالها". وأشاد قدوري بخطة بغداد الأمنية قائلا : إن خطة فرض القانون حققت نجاحا كبيرا بجمع هذين الفريقين ونحن والجمهور مساندين لكلا الفريقين".
جمهور العراق بدوره، قال اللاعب احمد حسين من نادي الكاظمية بعد حصوله على ميدالية مهداة من رئيس الوزراء "اشعر بالفرح اليوم بلقائنا إخواننا من أهالي الاعظمية كنا لفترة منقطعين عنهم. وأضاف "إن لعبة اليوم هي عودة الأمل والماضي إلى بغداد (...) الرياضة واحدة ولم تكن يوما هناك طائفية بين اللاعبين ولم تحصل أبدًا بين اللاعبين أية مشكلة طائفية وإذا حدثت فانه لا رياضة في البلاد. وقال اللاعب الذي يسكن حي الكاظمية "لم ألاق أصدقائي ورفاقي في فريق الاعظمية منذ بداية اندلاع الفتنة الطائفية في بداية 2006. وأضاف "اليوم انتهت الطائفية وغدا إن شاء الله سندخل حي الاعظمية وندخل نلعب هناك مثلما كنا بالسابق. يشار إلى أن الكاظمية والاعظمية حيان متجاوران يفصل بينهما جسر الأئمة الذي أغلق قبل نحو ثلاثة أعوام بسبب عملية التدافع التي جرت عليه والتي سقط على إثرها نحو ألف قتيل. بدوره قال ستار جواد مدرب نادي الاعظمية إن "الفترة الماضية قبل خطة فرض القانون كانت فترة مظلمة قطعتنا وأبعدتنا عن أخواننا في الكاظمية" مؤكدا أن "الرياضة لم تكن يوما طائفية". وأضاف إن "لدينا خططا بإجراء مباريات جديدة في كربلاء والنجف والمحافظات الجنوبية قريبا.