بكين: أعلن بنك الصين، أكبر بنك في الصين للتبادلات الأجنبية، أمس الإثنين، أنه أجرى أول صفقة تسوية تجارية عبر الحدود باليوان، قام بها فرع البنك في شانغهاي. ووفقا لما أوردته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" تسلم فرع البنك في شانغهاي أول اتفاق تسوية تجارية عبر الحدود باليوان من بنك الصين "هونج كونج" أمس. وذكر بنك الصين الذي يقع مقره في بكين في بيان على موقعه الإلكتروني، أن المستفيد هو مؤسسة شانغهاي الكهربائية للاقتصاد والتجارة الدولية المحدودة، وهي شركة فرعية لمجموعة شنغهاي للكهرباء المحدودة، والمسدد شريك تجاري في هونج كونج، ولم يفصح البنك في بيانه عن قيمة التسوية. وقال لي لي هوي رئيس بنك الصين إن الصفقة يمكن أن تسهل التجارة بين الصين والدول والمناطق المجاورة وتساعد المؤسسات على تجنب مخاطر سعر الصرف، مضيفا أن التسوية التجارية باليوان عبر الحدود يمكن أن تساعد المؤسسات على تبسيط الإجراءات التجارية وخفض تكاليف تلك العملية. ويأتي هذا التحرك بعد أن كانت الصين قد اتخذت خطوة احترازية تستهدف احتواء تداعيات الركود العالمي على حركة الصادرات لدى رابع أكبر قوة اقتصادية عالميا من خلال الاعتماد على اليوان كعملة أساسية في عمليات التبادل التجاري مع الدول المجاورة. ويرى البعض أن ذلك الإجراء يمكن اعتباره خطوة أولى على الطريق من جانب الصين لطرح اليوان عملة دولية شانها شأن باقي العملات الرئيسة المستخدمة في إتمام المعاملات التجارية عالميا. ووفقا لبيان صادر عن الحكومة الصينية قبل أسابيع، فإنه سيسمح لإقليم "جواجي يوانج" الذي حظى بحكم ذاتي ومقاطعة "يوانان" بالتعامل بالعملة الصينية في تنفيذ التعاملات التجارية، وذلك مع اتحاد دول جنوب شرق آسيا، غير أنه لم يتم الإعلان عن الموعد والتفاصيل الخاصة ببدء العمل بتلك الخطوة. ويأتي ذلك الإجراء في إطار دفعة جديدة لقطاع التصدير، محرك النمو الصيني الذي تجاوز 15 %، خاصة أن صادرات الصين بدأت تستشعر بقوة الكساد التي تحاصر أسواق العالم. ويشير أحد أساتذة التمويل في جامعة «رنمين» الصينية، كما جاء في تقرير أوردته صحيفة "شينا ديلي" عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن خطوة التعامل باليوان في المبادلات التجارية ستسهم في التخفيف من مخاطر تقلبات أسعار الصرف التي تواجه المصدرين في الصين والشركاء التجاريين. وكما هو معروف فإن حصة الأسد من معاملات التجارة الخارجية للصين يتم تنفيذها من خلال الدولار أو اليورو، غير أن عديدا من المحللين يرون أن العملة الأمريكية قد تشهد تراجعا ملحوظا خلال السنوات المقبلة نظرا لتداعيات الأزمة المالية على أداء الاقتصاد الأمريكي. ويرى أستاذ التمويل في جامعة "رنمين" أن الإجراء الذي أعلنته الحكومة الصينية سيزيد من قبول اليوان على مستوى أسواق آسيا، وهو الأمر الذي سيسهم في مساعدة اليوان ليكون في مصاف العملات الدولية على المدى الطويل. وشهد بالفعل اليوان خلال السنوات الأخيرة قبولا على مستوى الأسواق المالية نظرا للحضور القوي للاقتصاد الصيني بين الاقتصاديات الصناعية الكبرى رغم تصنيفه كاقتصاد ناشئ، في الوقت الذي وصلت فيه احتياطيات الصين من النقد الأجنبي، إلى قرابة ال 1.9 تريليون دولار. وكان الأسبوع الماضي قد شهد تحركا دوليا بقيادة من الصين, ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم, وبمعاضدة من روسيا, صاحبة ثالث أكبر احتياطي أجنبي في العالم، ومؤسسات نقدية عالمية مثل "صندوق النقد العربي"، للتحذير من استمرار سيطرة عملة وحيدة على النظام النقدي العالمي، مشيرين إلى أن ذلك من شأنه زيادة مخاطر توسع انتشار الأزمات المالية. وكانت الصين على رأس تلك الدول التي كرر البنك المركزي فيها الدعوة لإحلال عملة عالمية "عابرة للدول" بدلا من الدولار الأمريكي، داعيا في بيان له إلى اتباع قواعد أكثر صرامة فيما يتعلق بالدول التي تطبع كميات أكبر من العملة للحد من الأزمة الاقتصادية الراهنة.