هو زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة، من أهل الحجاز ، كان من سادات قومه وهو أحد الشعراء الجاهليين من الطبقة الأولى، ونظراً لإجادته للشعر وبراعته به ارتضاه الشعراء حكماً بينهم، فكانت تضرب له قبة من الجلد الأحمر بسوق عكاظ فيتوافد عليه الشعراء ليعرضوا عليه أشعارهم، من هؤلاء الشعراء، الأعشى وحسان والخنساء وغيرهم من الشعراء الآخرين. كانت للنابغة منزلة شعرية عظيمة عند العرب فكانوا يقدمونه على شعرائهم، يقال إنه لقب بالنابغة نظراً لنبوغه في الشعر وتفوقه فيه، كما قيل انه أطلق عليه هذا الاسم نظراً لنبوغه في الشعر بعد أن بلغ الثلاثين من عمره، ورأي آخر لابن قتيبة يقول إنه لقب بالنابغة نظراً لقوله : وَحَلَّت في بَني القَينِ بنُ جَسرٍ فَقَد نَبَغَت لَنا مِنهُم iiشُؤونُ شعره يتميز الذبياني بشعره الغزير، فكان أشعر شعراء عصره، واشتهر بأشعاره التي قالها في النعمان بن المنذر ملك الحيرة، فكانت دائماً ترتبط قصائد المدح التي ينشدها النابغة بهذا الملك، وكان النعمان يغدق عليه الهدايا ويجزل له العطاء فيقربه وينعمه، إلى أن قام بالتعرض في إحدى قصائده لزوجة النعمان "المتجردة" واصفاً لها، ويقال عن هذا الموقف أن النابغة كان في حالة من السكر ودار رأسه من الخمر وعندما رأى المتجردة بجمالها انبهر به وانطلق ينشد الشعر بها فمما قاله في قصيدته الشهيرة: نَظَرَت بِمُقلَةِ شادِنٍ iiمُتَرَبِّبٍ أَحوى أَحَمِّ المُقلَتَينِ iiمُقَلَّدِ وَالنَظمُ في سِلكٍ يُزَيَّنُ نَحرَها ذَهَبٌ تَوَقَّدُ كَالشِهابِ iiالموقَدِ صَفراءُ كَالسِيَراءِ أُكمِلَ خَلقُها كَالغُصنِ في غُلَوائِهِ iiالمُتَأَوِّدِ وَالبَطنُ ذو عُكَنٍ لَطيفٌ طَيُّهُ وَالإِتبُ تَنفُجُهُ بِثَديٍ iiمُقعَدِ مَحطوطَةُ المَتنَينِ غَيرُ iiمُفاضَةٍ رَيّا الرَوادِفِ بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ قامَت تَراءى بَينَ سَجفَي كِلَّةٍ كَالشَمسِ يَومَ طُلوعِها بِالأَسعُدِ أَو دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ iiغَوّاصُها بَهِجٌ مَتى يَرَها يُهِلَّ iiوَيَسجُدِ أَو دُميَةٍ مِن مَرمَرٍ iiمَرفوعَةٍ بُنِيَت بِآجُرٍّ تُشادُ وَقَرمَدِ سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنا iiبِاليَدِ بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ iiبَنانَهُ عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَةِ يُعقَدِ نَظَرَت إِلَيكَ بِحاجَةٍ لَم iiتَقضِها نَظَرَ السَقيمِ إِلى وُجوهِ العُوَّدِ غضب النعمان على النابغة الذبياني وتوعده بالموت بعدما سمع بهذه القصيدة التي يصف فيها امرأته ، ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام والذين كانوا من أشد أعداء النعمان، فعملوا على تكريمه وتنعيمه فانطلق النابغة ينشد فيهم القصائد الشعرية مادحاً لهم، ومما قاله فيهم مادحاً عمرو بن الحارث الغساني وجيشه كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ iiناصِبِ وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ iiالكَواكِبِ تَطاوَلَ حَتّى قُلتُ لَيسَ iiبِمُنقَضٍ وَلَيسَ الَّذي يَرعى النُجومَ بِآئِبِ وَصَدرٍ أَراحَ اللَيلُ عازِبُ هَمِّهِ تَضاعَفَ فيهِ الحُزنُ مِن كُلِّ جانِبِ عَلَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ iiنِعمَةٍ لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ iiعَقارِبِ حَلَفتُ يَميناً غَيرَ ذي مَثنَوِيَّةٍ وَلا عِلمَ إِلّا حُسنُ ظَنٍّ iiبِصاحِبِ لَئِن كانَ لِلقَبرَينِ قَبرٍ بِجِلَّقٍ وَقَبرٍ بِصَيداءَ الَّذي عِندَ حارِبِ وَلِلحارِثِ الجَفنِيَّ سَيِّدِ iiقَومِهِ لَيَلتَمِسَن بِالجَيشِ دارَ المُحارِبِ وَثِقتُ لَهُ بِالنَصرِ إِذ قيلَ قَد iiغَزَت كَتائِبُ مِن غَسّانَ غَيرُ iiأَشائِبِ بَنو عَمِّهِ دُنيا وَعَمروُ بنُ عامِرٍ أولَئِكَ قَومٌ بَأسُهُم غَيرُ iiكاذِبِ إِذا ماغَزوا بِالجَيشِ حَلَّقَ iiفَوقَهُم عَصائِبُ طَيرٍ تَهتَدي بِعَصائِبِ يُصاحِبنَهُم حَتّى يُغِرنَ مُغارَهُم مِنَ الضارِياتِ بِالدِماءِ iiالدَوارِبِ تَراهُنَّ خَلفَ القَومِ خُزراً iiعُيونُها جُلوسَ الشُيوخِ في ثِيابِ iiالمَرانِبِ وظل النابغة فترة كبيرة من الزمن عند الغساسنة ينظم فيهم قصائد المدح، الأمر الذي أثار غيرة النعمان، فقام بالعفو عنه وأعاده مرة أخرى إليه، فعاد النابغة فرحاً إلى النعمان وإلى سابق عهده معه. ومما قاله في رثاء النعمان عند وفاته أَلَم أُقسِم عَلَيكَ لِتُخبِرَنّي أَمَحمولٌ عَلى النَعشِ الهُمامُ فَإِنّي لا أُلامُ عَلى iiدُخولٍ وَلَكِن ما وَراءَكَ يا iiعِصامُ فَإِن يَهلِك أَبو قابوسَ iiيَهلِك رَبيعُ الناسِ وَالشَهرُ iiالحَرامُ وَنُمسِكُ بَعدَهُ بِذِنابِ عَيشٍ أَجَبِّ الظَهرِ لَيسَ لَهُ iiسَنامُ توفي النابغة عام 18 ق. ه - 605 م