رغم أنها لا تجدي مع رجل نذل العصمة في يد المرأة دليل جبن الرجل أم ضمان ضد غدره؟ محيط - فادية عبود ليحصنّ أنفسهن من غدر الرجال زادت مطالبة النساء بالعصمة في أيديهن كشرط أساسي لإتمام الزواج ، وإذا كانت الموروثات الثقافية تنتقد هذا الوضع ، فهي نفسها التي أصلت وأكدت فكرة أن الرجال لا أمان لهم واختصرت الفكرة وعززتها في المثل الذي يقول " يا مأمنة للرجال .. يا مأمنة للمية في الغربال " . لقد أكدت دراسة حديثة صادرة عن مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية والجنائية المصري من واقع سجلات مأذوني مصر "موثقي عقود الزواج" عن أن هناك تزايدا في عدد السيدات المصريات اللاتي يطلبن أن تكون العصمة في يدهن، باعتبار ذلك شرطاً للزواج من الرجال وأن هذه الحالات ارتفعت في الأعوام الثلاثة الأخيرة إلي 16 ألف حالة. وقدد لوحظ أن تلك الظاهرة انتشرت مع بداية عام 2003 حتى بلغت أخيرا حوالي 50 الف حالة. والسؤال هل يقبل الرجال الأمر بسهولة ويسر ؟ وهل توافق عليه جميع النساء ؟ كازانوفا عصره بررت روعة طلبها للحصول على العصمة في يدها بحبها للعريس الذي لم يمانع الطلب رغم ثورة واستغراب كل المحيطين بهما . تروي روعة حكايتها لمجلة "زهرة الخليج" قائلة : " رغم ما كنت أرى فيه من لهو وطيش وافقت على زواجي به معتقدة أن الوقت يغيّر الطباع، وحتى أضمنه أكثر قررت أن أجعل العصمة في يدي لأشعر بالأمان وأنا مع "دونجوان" يعتبر نفسه كازانوفا عصره ". ولكن الزوج الذي ظنت روعة أنها امتلكت زمامه بالعصمة لم يبقَ في القفص الذهبي إلا أياماً معدودة ، حيث تقول : " كان لا يطيق البقاء في البيت ، وتوطدت علاقته بأصدقاء العزوبية أكثر بعد الزواج ، وكلما كنت أعاتبه على تأخيره ليلاً ، يعلق هازئاً ( طلبتِ العصمة ولم أعترض ، فاتركيني أعيش كما أريد ) " . لم تتحمل روعة العروس القادرة القوية التي طلبت العصمة في يدها ، كما وصفها المقربون لها ، العيش مع ذلك الرجل أكثر من عام واحد بعد أن بدا طريق إصلاحه أمامها مسدوداً ،ولم تجد فرصتها في الخلاص من سلبيات زوجها إلا في الطلاق بهدوء . العصمة لا تعصم من الغدر أما جنان الفلسطينية والتي تزوجت من رجل أفغاني الجنسية ترى أن ترك العصمة في يد المرأة لا يجدي مع رجل نذل فالعصمة ، حسب قولها ، لا تعصم الزوج من الغدر بامرأته ، ولا تحميها من احتمالات قد تؤدي ذات يوم إلى الانفصال . زوج تحت التهديد أما خالد فيؤكد أن المرأة عندما تملك حق العصمة تمارس على الزوج شكلاً من أشكال التهديد ، فهي بهذا التصرف ستضعه دائماً تحت رحمتها . كما يعتقد خالد أن بعض تفاسير النساء القائلة بأن العصمة ضمان للرجل ودليل على حبه ورغبة في الحفاظ عليه ، مجرد تفاسير ساذجة لا تخفي وراءها إلا " تفكيراً فوضوياً في فخ علاقة زوجية فاشلة ، لأن الزوج مهما كان متحرراً ومنفتحاً ويحبها ، سيفيق ذات يوم على واقع سيمس كرامته ورجولته أمام نفسه قبل أي أحد آخر " . المرأة غير مؤهلة المرأة غير مؤهلة لأخذ قرار لأخذ دور القائد في العلاقة الزوجية ، لأنها لا تستطيع التحكم في أعصابها ومزاجها كما يفعل الرجل . هذه وجهة نظر أحمد قصاص لذا يرفض أن تكون العصمة في يد المرأة . أما سمير إبراهيم (صومالي الجنسية ) فيعتنق نفس وجهة النظر ، مؤكداً أن اختلاف المجتمعات لا يغير في العقلية الذكورية مفاهيم يعتبرها ثابتة وغير قابلة للتحرر . ويقول : " أقرب شيء للتداول في الأوساط الاجتماعية مع رجل تملك زوجته العصمة ، أن يقال عنه جبان أو مغلوب على أمره أو تابع لها ، فقبوله بالعصمة في يد زوجته يعتبر إشهار وإعلان عن خضوعه لامرأه قوية مسيطرة ستجعله يمشي كالمسطرة " . قبول مؤقت الدكتور ممدوح مختار استشاري الطب النفسي يؤكد أن الوضع الطبيعي الذي اعتاد عليه البشر منذ الخليقة هو أن يتقلد الرجل الزعامة وأن تكون العصمة في يده ولم يحدث أن اعترضت المرأة على ذلك ، وبناءًا عليه قبل الطرفان الوضع الذي شابته بعض التناقضات والاستثناءات ، فقد سجل التاريخ زيجات كثيرة كانت العصمة فيها في يد الزوجة ، إلا أن لهذه الحالات خصوصيتها ومن الصعب التعميم ، فقبولاً الرجل بهذا الوضع إماً يعكس أمراً من اثنين : إما أنه قبل قبولاً مؤقتاً ،وإما أنه قبل لأنه لم يكن يملك أي خيارات أخرى . ويميل الدكتور مختار إلى الاعتقاد أن رفض المجتمع، ذكوره وإناثه ، منح المرأة العصمة ناشئ في ( ظل نظرية اجتماعية نفسية تسمى الاعتياد الآلي ، ومنظومة القيم المعمول بها ، التي لا تتغير إلا عبر فترات تاريخية تستغرق عقوداً ، وفي بعض الأحيان قروناً ) . وقد أكدت المشاهدات والتحاليل أن هناك أيضاً رجالاً غير متحررين أو متعاونين على الإطلاق قد قبلوا بهذا الوضع . بيت القصيد هنا لسيكولوجيا كل رجل على حدة وليس في مستواه الثقافي أو المالي أو الاجتماعي . ويلفت الدكتور مختار الانتباه إلى مسألة هامة وهي رفض المرأة العصمة ( ففي عقلها الباطن ترفض تحمل المسئولية من جهة ومن جهة أخرى تخشى إساءة استعمال هذا الحق كي لا تندم على ممارسته لاحقاً في وقت لا ينفع فيه الندم . الزواج عقد مشروط من ناحيتها تؤكد الدكتورة آمنة نصير عميد كلية الدراسات الإسلامية سابقاً، أن كون العصمة في يد المرأة لها عدة أبعاد أولها البعد الشرعي ، فعقد الزواج عقد كأي عقد آخر يمكن للإنسان أن يضع فيه من الشروط للرجل أو المرأة مادام أنها لا تتصادم مع أي طرف من الأطراف فإذا طلبت الزوجة أن تمسك عصمتها بمعني أن تطلق نفسها في أي وقت كيفما تشاء فهذا حق لها والشرع لا يرفضه، وإن كان العرف الاجتماعي يستهجنه لأن الموروث الاجتماعي بأن تكون العصمة بيد الرجل وأن تكون عقد النكاح هو الوحيد المسيطر عليها فذلك موروث ثقافي واجتماعي منذ قرون عديدة أدت إلى ما نحن فيه الآن بما هو معروف لدي الأسر المصرية. وترجع الدكتورة آمنة حالة التهكم من الرجل الذي يسمح لزوجته بالعصمة إلى الموروثات العرفية والثقافية ، مشيرة إلى أن المرأة التي بيدها العصمة غالبا ما تكون من المشاهير والفنانات لان معظمهن يمتلكن ثروة مالية ضخمة مما يدفعها إلى التمسك بحق العصمة في يدها خوفا علي مالها وإمكانية تطليق نفسها في أي وقت كيفما تشاء. ربما لأن الفكرة لا زالت جديدة فهي تلقي هذا الكم من العداء والتهكم ، فأغلب الموروثات الثقافية تعادي اللأأفكار الجديدة بحجة انها ستقلب موازين المجتمع وما تعارف عليه المجتمع واستقر عليه لسنوات بل قرون ، فكل فكرة تحتاج المزيد من الوقت ليعتاد الناس عليها ويشعروانحوها بالقبول والاستحسان . إذاكنت من صاحبات العصمة أو إذا كنت زوجاً لصاحبة العصمة فاكتبوا لنا عن تجاربكم .