البداية ضغوط أسرية والنهاية ضياع.. هروب الفتيات من ذويهم أزمة مجتمع محيط - فادية عبود من الحب ما يقتل ، ومن السيطرة ما يكبت ، ومن الكبت يتولد الانفجار فترفع بعض الفتيات لواء التمرد معلنات العصيان على أسرهن ، ليتوجهن هاربات إلى الشارع ومنه إلى طريق الضياع ، انتقاماً من ذويهن . رغم ذلك فغالبية الأسر لا يدركن الأسباب الحقيقية وراء هروب بناتهن ، في السطور التالية قصص لفتيات هاربات يذكرن الأسباب . رزان فتاة تبلغ من العمر 19 عاما ضاقت بها الحال بحبسها وشعرت بأن شيئا في داخلها يدفعها إلى التمرد على حياتها فقررت أن تحطم القيود التي كبلها بها والدها ، فما كان منها إلا أن هربت من قريتها إلى المدينة من دون علم أهلها وفي اعتقادها أنها سوف تحقق آمالها وما إن وصلت بهرتها أضواء العاصمة ونسيت نفسها وتعرفت إلى من في مثل ظروفها وتساهلت مع أحد الشبان وبعد مدة قبض عليها مع ثلاث فتيات بصحبة عدد من الرجال في شقة مفروشة . انفصال الوالدين أما منى وتبلغ من العمر 16 سنة ، بحسب صحيفة "أخبار سوريا" كانت البداية من انفصال والديها وزواج الأب بأخرى والأم بغير والدها وبالطبع عاشت منى مع جدتها التي كانت دائما تعنفها ومع زيادة التعنيف خرجت منى ذات يوم ناقمة على كل شيء حولها مقررة أنها لن تعود إلى البيت وبالفعل تقابلت مصادفة مع إحدى الفتيات ودعتها إلى بيتها وما كان منها إلا أن أعطتها كأسا من العصير واستيقظت بعدها لتتحسر على اللحظة التي غادرت بها منزلها. أما غادة فترجع مأساتها إلى زوجة أبيها ومعاملتها القاسية ، قائلة : هي لا تحبنا وتبعد اهتمام والدنا عنا الذي يتركنا ننام خارج المنزل ولا يعرف شيئا عن حالنا فأصبحت أكره البيت وذهبت في طريق غير سوية علني أنسى الألم . قلق المجتمع الكويتي لا تقتصر ظاهرة هروب الفتيات على مجتمع عربي بعينه ، بل إنها منتشرة من المحيط إلى الخليج . نيفين معرفي محامية كويتية ، تؤكد لمجلة "سمرة " الكويتية ، أن ظاهرة تغيب الفتيات عن منازلهن أصبحت تشكل خطورة على بنات الكويت نتيجة لضغوط تمارس عليهن من قبل الأب والأم وما ينتج عن ذلك من خلافات داخلية تؤثر على سلوك الفتيات ، كأن يضرب الأب الأم وهو ما نسميه بالعنف المنزلي ، فتخشى البنت على نفسها ، وتحاول الهروب من تلك التصرفات اللاأخلاقية من الأب ، معتقدة ان هناك بديلاً قد يساعها على الهروب من هذه المشاكل ، إضافة إلى مساعدات صديقات السوء بتشجيع صديقتهن على الهروب من المنزل للبحث عن الحرية . وتشير معرفي إلى أن هروب الفتاة لا يأتي بدون أسباب ، فطبيعة الأنثى هادئة ولكن الضغوط تجعلها متحمسة للهروب من ذويها لإيجاد مأوى آمن من وجهة نظرها . وتضيف : لقد واجهت الكثير من حالات التغيب ، والأسباب كانت إما أن الأب يقوم بضرب البنت لتأديبها دون أن يتفهم سلوك المراهقة ، بالإضافة إلى الطلاق وخلافات الأم والأب ، وصديقات السوء ، والانفتاح المفاجئ الذ يشهده المجتمع الكويتي والتكنولوجيا والانترنت والموبايل ، على الجانب الآخر يأتي إهمال التربية وإلقاء مسئوليتها على الخدم . وعن دور القانون الكويتي في حل هذه المشكلة قالت المحامية نيفين معرفي : إن القانون يلزم بإثبات حالة التغيب ، والبحث عن المتغيب سواء أكان المتغيب فتاة أم صبياً وتسليمه بعد ذلك لذويه . وترى أن الحل لهذه المشكلة في تشديد العقوبة على الأب والأم المهملين لأبنائهما ، لأن التغيب سببه الأول والأخير الأسرة . وفي نهاية حديثها ، أشارت معرفي إلى أن أكثر الفتيات يتغيبن مع شباب ويقمن بمعاشرتهن جنسياً ، ويتنهي الأمر بالزواج في "المخفر" ، وهذا الزواج يكون حلاً مؤقتاً للحفاظ على سمعة الفتاة والهروب من الفضيحة . أسر غير مستقرة وجد أن 95% من الحالات تحدث في أسر غير مستقرة ، هذا ما اكده الدكتور محمد محمد فؤاد تراب أخصائي الطب النفسي لصحيفة "الرياض " السعودية ، موضحاً أن كثير من الفتيات السعوديات الهاربات كن ينتقلن من بيت إلى بيت من بيوت أقاربهن في فترة النمو ، أو كن يعشن في بيوت أنهارت بسبب الطلاق أو الانفصال أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما أو كن يعشن في ظروف اقتصادية متدنية أو مع زوج أم أو زوجة أب تسيء معاملتهن أو كن يتعرضن لاعتداءات جسدية بالضرب المبرح أو معنوية بالألفاظ الجارحة أو جنسية بصورة متكررة في نطاق الأسرة ، وقد وجد أن الفتاة التي تشاهد أباها وهو يضرب أمها في صغرها كثيراً ما ترتبط عاطفيا أو تتزوج من يعتدي عليها بالضرب والإهانة، وقد تتفكك الأسرة كذلك نتيجة الفقر الشديد أو موت أحد الوالدين أو كليهما، وقد وجد أن بعض الفتيات اللاتي يهربن من بيوتهن لديهن أم أو أب سبق توقيفه أو دخوله السجن أو كان مسجونا وقت حدوث حادثة الهروب. ارتفاع معدل الهروب أما الدكتور أحمد المجدوب الخبير الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية بالقاهرة يقول: لقد أثبتت الدراسات الميدانية المصرية ارتفاع معدل هروب الفتيات من بيت الأسرة في السنوات الأخيرة. ففي مدينة كالقاهرة مثلا كان معدل هروب الفتيات من سن 12 17 سنة 28حالة عام 1991 زادت إلى 95حالة عام 1994. ويرجع المجدوب أسباب هذه الظاهرة المتنامية إلى أسباب عديدة، منها المؤثرات الإعلامية السلبية، وهناك نماذج لفتيات مراهقات هربن من أسرهن بعد مشاهدتهن لأفلام تصور الإطار الأسري على أنه قيد، وأن التحرر منه انطلاق إلى عالم الرفاهية والنجاح. هذا إلى جانب الظروف الاقتصادية وتطلعات الفتيات المراهقات من الطبقات الدنيا إلى الثراء واللاتي يتم التقاطهن لتحويلهن إلى سلعة في سوق الرقيق الأبيض. هذا إلى جانب الظروف الاجتماعية والأسرية القاسية، وتزايد حدة الخلاف بين الآباء والأبناء من خلال الفجوة بين الأجيال وعدم تفهم كل منهما للآخر.