الغلاف ياسر عثمان* كيفَ يتمثَّل اللامقول في القول، وهل يرومُ التأويلُ المطلقَ؟..هذان وأسئلةٌ أخرى تعتمل في كتاب الباحث و أستاذ النقد الحديث في جامعة البحرين الدكتور عبد القادر فيدوح " إراءة التأويل و مدراج معنى الشعر" الصادر حديثاً عن دار صفحات للدراسات والنشر ( سورية – دمشق).إنها أسئلةٌ تقودُ طارحها إلى أهمية التأويل في عالم يفيض بالمستجدات، فينزِعُ عن الأحكام صفةَ الناجزية؛ إذ لا يوجد حكمٌ ناجزٌ أبداً مع فيوض المستجدات. تلك الفيوض التي تجعلُ من التأويل ضرورةً حتميةً للكشف عن اللامقول في النَّص، وتزرعُ فيهِ روحَ التجديد اللامتناهي من الدلالات، فالتأويلُ كما يقارب له الدكتور فيدوح عبر صفحات هذا الكتاب – هو عملية اقتحامِ للخبيئ واللامرئي في النُّصوص المعتمدة، وهو عملية تناوئ مقولة الانعكاس تماماً بوصفها مقولةً ترى في التلقي مرآةً للصورة، أو مرآةً عاكسة تقف بالتلقي عند المقول وحسب. إنَّ التأويلَ وفق رؤية فيدوح " مسارٌ مفتوحٌ يصوغُ أسئلتَهُ في فضاء النَّصِ، اعتقاداً منَّا أن العلاقةَ التي تجمعُ التأويلَ بالشعر هي علاقة تكامل، ورغبة في البحث عن أغوار الشيء في الذات ومحيطها الكوني، وأن كلاً منها يفيد الآخر فيما تنطوي عليه مظاهر الكون من أقنعةٍ متعددةٍ، والبحث في جوهر الحياةِ الإنسانية. يقوم هذا الكتاب على محاولة فهم معضلة تصور البنية الذهنية العربية منذ بداية منشئها الفكري من الأثر الملموس في النص الإبداعي. هذا ويحاول الكتابُ أن يبرزَ مكانة التأويل بوصفه حجر الزاوية في قراءة النَّص بغيةَ الكشف عن سيولة دلالاتهِ، وإبراز ظلاله وإيحاءاته بخاصةٍ اللامتناهية منها، وذلك ما تذهب إليِهِ رؤيةُ صاحبِ الكتاب إذ إنَّهُ يرى أنَّ التأويل َهو الذي يَخْلُقُ البيِّنَ من الخبيئِ، وفي هذا أسمى ما يتوصلُ إليهِ المؤولُ لكشفِ إمكاناتِ كينونةِ النَّصِ، وانبعاثه، كما يقول صاحبُ الكتاب في مقدمته له، إذ يعود فيؤكد ثانيةً أن التأويل هنا هو عمليةُ يقومُ بها المؤولُ ليرأمَ المسؤومَ من معهودِ النَّص، ويتعاملُ مع المضمر الخفي الذي يتحدث مع ما يشغل رؤاه في استبطانها الكشفي، أي من خلال تجسيد فاعلية الحدس والرؤية التأملية، ورغبةً منه في تجاوز ظاهرة " النَّص وثيقة" أو "مدونة تاريخية". • شاعر وناقد من مصر [email protected]