الشرطة السودانية تعتقل عارضي أزياء لمخالفة العرف رشاد دميري خلف كواليس العرض لهنّ خاص : يبدو أن قضية ارتداء الصحفية السودانية لبني للبنطلون واتهامها بارتكاب "فعل فاضح" لم تعد الأولي من نوعها ، بعد أن تم القبض على مجموعة من الشباب يوم الخميس الماضي بعد عرض أزياء مختلط الأول من نوعه في الخرطوم بحجة السهر بدون تصريح!! والمشكلة هو ظهور جيل جديد من الشباب السوداني يهتم بثقافة المظهر والزينة وصولاً إلى عروض الأزياء دون أن وضع اعتبارات لقيود المجتمع الصارم كبلد أفريقي محافظ يضع قيوداً لا تتوقف عند عدم الاختلاط ولكنها تتعدي ذلك بكثير . ظهر ذلك خلال اعتقالات الشرطة العشوائية بعد عرض انتهاء عرض الأزياء الأول ويبدو أنه الأخير ، حيث أقيم العرض وسط حضور أنيق وتجهيزات أكثر أناقة وحشود من نجوم المجتمع وأهالى العارضين ثم داهمت قوات أمن المجتمع المكان وقامت باعتقال الموجودين عشوائياً . أكثر من 25 شخصاً بينهم عدداً من العارضين والعارضات اعتقلوا بتهمة الملابس الفاضحة وعدم الحصول على تصريح بالسهر إلى ما بعد الساعة الحادية عشر ليلاً ، علماً بأن العارضين والجمهور كلهم من الراشدين ، ورفضت الشرطة عبر مكتبها الإعلامي التعليق على الحادثة أو سرد ملابساتها حتى لا تضار التحقيقات حسب قولهم . جاءت الفكرة للشاب رشاد دميري الذي ولد بالسودان ويحمل جنسية أجنبية ، وجاء إلى السودان بعد غربة دامت أكثر من 15 عاماً بالولايات المتحدةالأمريكية طامحاً هو وأصدقائه فى عمل عروض أزياء بالعاصمة الخرطوط على غرار تلك التي تقام حيث نشأ من حيث التنظيم والإبهار. ويسرد الشاب دميري تفاصيل الواقعة باندهاش لبرنامج "صباح الخير ياعرب" على قناة "الإم بي سي" الفضائية قائلاً : بعد انتهاء العرض ، حوالى الساعة الحادية عشر ، داهمتنا شرطة أمن المجتمع ، ولم نعرف ماهي التهمة الموجهة إلينا بالضبط " ويضيف : "قدمنا أزياء تعكس الذوق العام ، ولا يوجد بها ما يخدش الحياء العام ، نفس الأزياء هي ما يرتديها الشباب من عمر 18 : 30 حتى ما ارتدته الفتيات أزياء عادية اعتادت البنات على ارتدائها . وحالياً ينتظر رشاد ومن معه الحكم في تجاوزات اقترفوها وهم لا يدرون تفاصيلها ، ينتابهم إحباط كبير ، وهو جيل منّ نفسه بأن يحاول ولو قليلاً المواكبة والظهور إلى السطح في عاصمة الثقافة العربية 2005 . وعلق معتصم الأمير محامي حقوق الإنسان بالخرطوم على الواقعة قائلاً : في اعتقادي ليس هناك أي مخالفة قاموا بها هؤلاء الشباب بالنظر إلى القوانين السودانية ، ولكنها قد تكون مخالفة للأعراف الاجتماعي، ولكن المادة 152 من القانون الجنائي الذي اتهموا بها ، هى مادة مثيرة للجدل والتى تنص على أن من يقوم بأي فعل أو سلوك فاضح يكون بذلك مخالفاً للقانون ، ولكن المشكلة هي أن القانون لا يحدد أو يضع معيار لهذا الزى أو السلوك الفاضح ، وبذلك تأخذ الشرطة مساحة واسعة لاقتياد الناس إلى السجون ،أي أنها تخضع للمعيار الشخصي الذي يحدده رجل الشرطة . ويتسائل معتصم : إذا كانت الشرطة تعتقد أن هناك مخالفة للقانون لماذا انتظرت إلى نهاية العرض ثم قامت بالقبض على العارضين ؟ نحن نطالب في حقوق الإنسان بوضع معايير ، كما نطلب تفسير واضح لماهية الفعل والسلوك الفاضح حتى لا يتم اقتياد الناس بهذه المادة ، وإضافة ذلك للمذكرة التفسيرية للقانون الجنائي حتى يكون هناك معيار يتبعه الجميع ويعرفون من خلاله ما هو الحد الفاصل لتخطي هذا القانون. ويؤكد معتصم الأمير أن هؤلاء الشباب لم يخالفوا إلى العرف ،وهناك فرق كبير بين مخالفة العرف الاجتماعي ومخالفة القانون ، ولا توجد مخالفة قانونية لهؤلاء الشباب ، كما أنه "ليس هناك زي فاضح بالنسبة للرجال" هذه المادة لا تنطبق على العارضين ، والمعالجة لا يمكن أن تكون بزج الأشخاص داخل السجون، وإنما بإحياء التراث السوداني الحقيقي الذي يقف أمام أي ثقافة غربية قادمة إلى السودان ، أي أن المعالجة يجب أن تكون في الإطار الاجتماعي وليس القانوني ، ويطالب الأمير بأن تتحلي الشرطة بالحكمة في حل مثل هذه المواضيع ولا تلجأ للمعالجات الخاطئة التي قد تؤثر على سمعة السودان عاصمة الثقافة 2005 .