" الفيلم الذي لا يقبل عليه الناس هو فيلم لم يولد بعد " هكذا كانت رؤيته السينمائية طوال تاريخه الفني ، فهو أكبر مخرجي الأفلام المصرية التجارية و لا يزال صاحب العدد الأكبر من الأفلام بين كل مخرجي السينما المصرية في كل تاريخها ، نيازي مصطفى هو أول مخرج مصري تخرج من معهد أكاديمي للسينما فقد كان عاشقاً للعمل السينمائي الذي اثبت فيه نجاحه وتفوقه إلى أن بايعه مخرجي السينما المصرية بلقب "شيخ المخرجين". نيازى في سطور ولد نيازي في أسيوط عام 1911 ، أتم دراسته الثانوية ثم سافر إلى ألمانيا و درس على نفقته الخاصة بها حيث حصل على شهادة فن التصوير والإخراج من معهد ميونيخ عام 1934 ، وقد اختاره طلعت حرب للعمل في أستوديو مصر منذ افتتاحه عام 1935 مونتيراً ثم رئيساً لقسم المونتاج في العام التالي مباشرة ، تزوج من الفنانة كوكا إبراهيم التي لعبت دور البطولة في العديد من أفلامه ، وهو صاحب أكبر عدد من الأفلام في تاريخ السينما المصرية والعربية «121 فيلماً ومنها 7 أفلام قصيرة و114 فيلماً روائياً طويلاً ومنها 7 أفلام في العراق وسوريا ولبنان» السينما الواقعية يعد نيازي من أكثر المخرجين المصريين حرفية ومعرفة بدقائق المهنة السينمائية والمهارة التقنية ، فقد أنتج أفلاماً من كل الأنواع فتارة يخرج فيلماً مصرياً خالصاً وتارة أخرى يقتبس من الروايات والمسرحيات الأجنبية كما ينقل من الأفلام التجارية الأجنبية الناجحة ، وأيضاً ساهم بالكثير في إحياء السينما الواقعية في مصر عندما أخرج فيلماً عن بعنوان " الدكتور " عام 1939 ثم " مصنع الزوجات " عام 1941 ، كما عرف أيضاً بإنجازه لعدة أفلام عن البدو ، كما انه أخرج أغلب أفلام الفنان المبدع نجيب الريحاني في المسرح والسينما مثل سلامة في خير، سي عمر . ضد مجهول وجد نيازي في يوم 19 أكتوبر عام 1986 جثة هامدة بشقته بجوار سرير غرفة نومه غارقاً في دمه مرتدياً جلباباً أبيض ويداه مقيدتان من الخلف وشرايين يده مقطوعة بشفرة حادة . وفي تحقيقات النيابة قال بواب العمارة إنه شاهد المخرج القتيل يعود إلى شقته في السابعة مساء وبعد ذلك بساعة حضر الطباخ ومعه العشاء ، وأوضح أصدقائه أنه عاد إلى شقته فور انتهائه من تصوير المشهد الأخير من فيلم «القرداتي» ، وأنه اعتاد أن يعيش وحيداً في شقته التي استأجرها منذ 1948، في حين أكد جيرانه على أنه كان يعيش في الشقة مع زوجته الفنانة الراحلة كوكا وكانا يرتبطان بعلاقات جيدة مع الجيران ، وبعد رحيل زوجته انقطعت علاقاته بهم فأصبح في حكم العازب. وشكلت مديرية أمن الجيزة فريق بحث من 50 ضابطا بهدف كشف غموض الحادث وبالتالي كشف القاتل المجهول. اعتمدت خطة البحث في البداية على استجواب سائر المترددين على شقة القتيل ومراقبة خط سير عدد من الأشخاص قيل إنهم من أقارب الزوجة الراحلة كوكا، كان بينهم والمخرج خلافات بسبب الميراث. إلا أن التحريات أكدت على أن خلافات الأقارب انتهت منذ ثماني سنوات. وبسبب كثرة علاقات القتيل وكثرة المترددين عليه ولوجود كمّ كبير من البصمات داخل الشقة لأقاربه وأصدقائه الذين سبقوا الشرطة في الذهاب إليها ثم قيامهم بنقل الجثة من مكان الجريمة ما أضاع معالمها فقررت النيابة حفظ القضية وتقييدها ضد مجهول. لغز محير اكتشف بعد ذلك أنه من قبل مقتل نيازي بشهور ألقت سلطات الدولة القبض على معارض لامع متلبساً بجريمة رشوة فصوّرت وقائع الجريمة من قبل الأجهزة السياسية التي تابعت قضية الابتزاز المشهورة وقدم المعارض للمحاكمة لكن القضاء حكم ببراءته ، و تردد حينذاك أن نيازي مصطفى هو الذي أشرف على مونتاج الفيلم الذي قامت الأجهزة الرقابية بتصويره على مراحل وفي أوقات وأماكن مختلفة وأنه لو قدم للمحكمة على هذا النحو من الممكن أن يطعن الدفاع فيه وبالتالي كان الأمر يحتاج إلى مخرج محنك كي يقوم بعمل المونتاج وذلك ما قام به لكنه فشل في تركيب الفيلم بشكل متقن ، ورغم ثبوت التهمة على السياسي المعارض المرتشي، فإن تضارب الأقوال وتناقض الروايات وسوء حالة الفيلم المصور جعل القضاء يقضي ببراءته للمرة الثانية .. وانتهى الأمر ليبقى مقتله لغزاً ولا نجد من يفسره، فهل كان ضحية لعبة سياسية أم كان ضحية فاسدين ومرتشيين أم لسبب آخر لا يعلمه احد سوى الله عز وجل!