القدس المحتلة : في الوقت الذي تمنع فيه اسرائيل الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التفتيش على مشروعاتها النووية, كشف خبراء اليوم الخميس عن وجود تصدعات جديدة في مباني مفاعل ديمونة بفعل انتهاء عمره الافتراضي . وكان الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو، قد حذر الأردن عام 2004 من إشعاعات المفاعل النووي الإسرائيلي ديمونة، الذي لا يبعد سوى 15 كيلومترًا عن محافظات جنوب الأردن، وأكد حينها أن الأردن معرض لخطر كارثة بسبب تآكل مباني المفاعل وتقادمها. وفي نفس السياق قال الخبير البيئي الأردني سفيان التل إن عددًا من التقارير الغربية المحكمة حذرت خلال السنوات الماضية من خطر مفاعل ديمونة على المناطق المحيطة به، وأن الإشعاعات النووية المتسربة منه تؤثر على سكان المناطق المجاورة. وضرب مثلاً بتقرير للخبير الأمريكي هارولد هاو، الذي حصل على وثائق من داخل المفاعل، وحلل صورًا لطائرات تجسس روسية، واستنتج في تقريره أن هناك دلالات على تسرّب كبير للإشعاعات، وتآكل في البيئة المعدنية التي تغلف المفاعل بسبب مستوى الإشعاع العالي . وشدد الخبير الاردني على وجود أضرار جسيمة في جسم المفاعل بسبب الإشعاع النيتروني، مشيراً إلى تقرير نُشر في مجلة "إنتلجنتس ريفيو" المتخصصة في المسائل الدفاعية تحدث عن معلومات مشابهة. واعتبر التل أن المفاعل النووي الإسرائيلي القابع في صحراء النقب التحدي الأكبر والخطر الأشد للمحافظات الفلسطينية القريبة من المفاعل والمحافظات الأردنية، لافتًا إلى أن :" الرياح التي تحمل سمومه إلى مواقع عديدة لمدن جنوب الأردن، وذلك تبعًا لموقع المفاعل ومحطات التحويل المحيطة به والمداخن خاصته والواقعة شرقي ديمونة، هي الأقرب إلى حدود الأردن في جنوبه". يذكر أن مفاعل "ديمونة" الإسرائيلي شيّد عام 1958 باتفاقية دعم فرنسية أمريكية للدولة العبرية، وبدأ العمل والإنتاج في شهر ديسمبر 1963، ويتكوّن المفاعل من 9 مباني تنتج منشآتها النووية الليثيوم والبلوتونيم "الذي يُعد تخصيبه من أخطر العمليات في العالم فكل 1 كيلوجرام ينتج 11 لترًا سائلاً مشعًا وسامًا"، واليورانيوم المشع "وقد استهلك المفاعل منذ تأسيسه 1400 طن من اليورانيوم الخام"، والبريليوم بالإضافة إلى الترينيوم. ومن جهة اخرى أكدت اللجنة الطبية الدولية للحماية من أضرار الحروب النووية أنه في السنوات العشر الأخيرة لوحظ ازدياد الإصابات بأمراض السرطان والتشوه والعقم في بلدة الظاهرية جنوب الضفة الغربية التي تبعد عن مفاعل ديمونة مسافة عشرين كيلو متراً مربعاً تقريباً ويقطنها أكثر من 135 ألف نسمة بينهم أكثر من 200 فلسطيني مصاب بأمراض السرطان والتشوه والعقم. ويقول أحد الأطباء الفلسطينيين في اللجنة:" إن حالات السرطان أصبحت شبه يومية في هذه المنطقة, فهناك أطفال يولدون دون أيد ولديهم تشوهات في وجوههم وأجسادهم كما تنتشر الأورام الجلدية بين سكان البلدة بسبب شدة الإشعاعات الناتجة عن دفن إسرائيل للنفايات النووية في جبال الخليل إضافة إلى وجود ما يعتقد أنه مدفن نووي في منطقة عسكرية مغلقة تقع على بعد عشرين كيلومتراً مربعاً جنوب بلدة الظاهرية ومدفن آخر قرب ضواحي البلدة وكذلك وجود نفايات نووية جنوب مدينتي نابلس وجنين في الضفة الغربية". وقبل عام 1986 لم تسجل أي حالة مرضية مشابهة لهذه الحالات ولكن بعد 1986 وهو العام الذي كشف فيه الخبير النووي الإسرائيلي موردخاي فعنونو عن بعض أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي واعتقاده بأن إسرائيل تصنع رؤوساً نووية بدأت المستشفيات الفلسطينية تستقبل مرضى يعانون من أمراض غريبة وتشوهات خلقية وعقم وإجهاض متكرر والاحتمال الأكبر الذي رجحته اللجنة وجود تسريبات من مفاعل ديمونة نتيجة لتصدع جدرانه بسبب الهزات الأرضية المتكررة التي أصابت المنطقة خلال الثلاثين عاماً الماضية. ومن جهة اخرى أشار تقرير صادر عن الهيئة العامة للاستعلامات في السلطة الفلسطينية الى دفن إسرائيل لآلاف الأطنان من نفايات المدن والمستوطنات بما فيها النفايات الصادرة عن المفاعلات النووية داخل أراضي الضفة الغربية منذ سنوات ما سبب زيادة حالات الإصابة بمرض السرطان وخاصة في القرى الواقعة جنوب جبال الخليل التي شهدت ارتفاعاًً في الإصابة بأمراض السرطان والتشوهات لم يسبق لها مثيل. وهذا ما يؤكد مصداقية التقارير التي ذكرت أن دفن إسرائيل للنفايات النووية أدى إلى إصابة العديد من السكان في صحراء النقب والقبائل الرحل المصرية المتنقلة في تلك المنطقة بأمراض تنفسية حادة وبأمراض السرطان المختلفة.. وبالطبع فقد استبق هذه التقارير بسنوات معلومات عن شروخ في مفاعل ديمونة وتم توزيع حبوب اليود على سكان النقب. وقبلها في عام 1996 حذر المدير الإقليمي من خطورة الإشعاعات النووية الصادرة عن مفاعل ديمونة الإسرائيلي في صحراء النقب. وجاء في المذكرة أن هذه الإشعاعات تؤثر بصورة سلبية ومباشرة على جميع الكائنات الحية سواء الإنسان أم الحيوان أم النبات أو حتى المناطق القريبة من المفاعل.. وأوضحت المذكرة أن العديد من الدراسات والأبحاث التي أجرتها مراكز الرصد المتخصصة أكدت وجود تسرب إشعاعي نووي في مفاعل ديمونة أو تعرض المفاعل لمشكلات وأعطال فنية بسبب انتهاء فترة العمر الافتراضي للمفاعل وأشارت إلى ضرورة قيام الدول العربية المجاورة لفلسطين باتخاذ إجراءات فاعلة لدرء الأخطار الناجمة عن المفاعل النووي بعد أن أصبحت هذه الدول عرضة للتأثر بتلك الإشعاعات.