لندن: جاءت "أزمة الائتمان" لتنهي رحلة الصعود التي شهدتها أسواق المال وليستيقظ العالم بعد ثلاثة عقود من النمو وتوسع الأسواق وتجارة الأسهم إلى انكماش كبير في الاستثمار العابر للقارات وأسعار الأسهم والعقار وارتفاع الديون السيادية. ومع انتهاء عام 2009 لا تزال الأسواق تُقوم خسائرها، وسط عدم استقرار، والتحسب من صدمة جديدة فور بدء الحكومات والمصارف المركزية سحب أموال الدعم التي قُدمت إلى الاقتصادات المتضررة من الصين إلى الولاياتالمتحدة مروراً بأوروبا. وتظهر البيانات أن "أزمة الائتمان" شطبت نحو 28.8 تريليون دولار من الثروات العالمية المجمعة في أسواق الأسهم والعقار بين مطلع سنة 2008 ومنتصف السنة الجارية ما خفض قيمة الأصول إلى 178 تريليون دولار تراجعاً من نحو 207 تريليونات في نهاية عام 2007. وجاء في تقرير ل "ماكنزي جلوبل"، بعد درس أرقام بورصات وإحصاءات رسمية وتقارير صادرة عن بنك التسويات الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة العشرين وتناولت ما جرى في 112 بلداً حول العالم، أن "استعادة هذه الثروات يستوجب التوفير وخفض الإنفاق ما قد يؤدي إلى تراجع النمو المستهدف وإعادة النظر في أساليب العمل المصرفي". ولاحظ التقرير الذي أوردته صحيفة "القبس" الكويتية انخفاض انسياب الأموال، المخصصة للاستثمار والتمويل، من اقتصاد إلى آخر بنسبة 80% إضافة إلى تقلبات سريعة ومقلقة في أسعار صرف العملات وارتفاع كلفة التمويل وقلة الإقبال على شراء السندات ما أصبح يشكل عقبة ملحوظة أمام عولمة الاقتصاد. ويُتوقع أن تشهد الاقتصادات الرئيسية نمواً متواضعاً في السنوات الثلاث المقبلة في حين ستزداد الديون السيادية مع محاولة الشركات والأفراد خفض الاستدانة والإنفاق ما يحتم قبول الشركات العملاقة بمكاسب متواضعة نسبياًًً. في الوقت نفسه لن تتأثر الاقتصادات الناشئة إلا جزئياً في ضوء بقاء مصادر نموها ثابتة ما يعني أن المؤسسات المالية في هذه الدول ستنال حصة اكبر في تأمين الأموال الأزمة للتمويل في الدول المتقدمة. وتبين أن البورصات العالمية عوضت 4.6 تريليونات دولار من خسائرها بين نهاية العام الماضي ويوليو 2009، لكن مؤشر "ستاندرد اند بورز – 500" الأوسع نطاقاً في الولاياتالمتحدة كان لا يزال متراجعاً بنسبة 34% عن أعلى مستوياته المسجلة، كما تراجعت أسعار العقار بنحو 3.4 تريليونات دولار العام الماضي ونحو تريليوني دولار في الربع الأول من السنة الجارية. ولاحظ التقرير أن الودائع المصرفية في الاقتصادات الكبرى زادت إلى 45.3 تريليون دولار في العام الماضي مع الانسحاب من أسواق الأسهم في حين زادت في الأسواق الناشئة بنحو 2.1 تريليون دولار وبنسبة لا تزيد على ربع الزيادة في الأسواق المتقدمة. وتراجع تدفق الاستثمارات من ذروته في 2007 عند 1.8 تريليون دولار إلى نحو 800 مليار دولار بعد سنة ولا يزال في خط انحداري كما تراجع الإقراض المتعدد المصادر حول العالم بسرعة اكبر. ولاحظ التقرير أن تقويم المؤسسات الدولية أشار إلى أن خسائر الاقتصادات الناشئة من الأزمة اقتصرت على نحو 5.2 تريليونات دولار (15%)، مشيراً إلى أن تدفق الاستثمارات من الشرق الأوسط إلى الاقتصادات المتقدمة تراجع بنسبة 89% أي نحو 122 مليار دولار نتيجة تراجع أسعار الخام في الشهور السبعة الأخيرة وخوف المستثمرين من شراء أصول غير ثابتة أو آمنة.