لا شك أن آثار وتداعيات الأزمة المالية العالمية قد ظهرت وبوضوح في شتى دول العالم ولم يفلت منها أي اقتصاد سواء كان لدولة كبيرة أو ناشئة وبالرغم من امتداد بعض تلك الآثار إلى دول مجلس التعاون الخليجي إلا أن كثير من الخبراء والمتخصصين توقعوا أن تنجح دول المجلس أكثر من غيرها في احتواء أثارها بل والاستفادة مما قد ينتج عنها من فرص وأثار ايجابية. و ومن خلال العمل التكاملي في إطار مجلس التعاون تمكنت الدول الأعضاء اجتياز العديد من الصعوبات على طريق احتوائها لآثار تلك الأزمة التي أعتبرها البعض هي الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، وفي هذا الصدد أكد مسئول خليجي بارز أن نجاح الدول الخليجية مرهون في ما حققته في السنوات الست الماضية من معدلات نمو مرتفعة و وفورات مالية عالمية مكنتها من اتخاذ الإجراءات التحفيزية للمحافظة على نمو اقتصاداتها والمضي قدما في مشاريع التنمية. وقال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن العطية أن هناك مساع متواصلة لإقرار اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي إذ من المقرر أن تصادق عليه الدول الأعضاء تمهيدا لإقامة المجلس النقدي وتمكينه من القيام بمهام في موعد أقصاه نهاية 2009. وأكد العطية في كلمة نقلتها وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد لمجلس التعاون الخليجي الدكتور ناصر القعود انه بالرغم من امتداد بعض أثار الأزمة المالية العالمية إلى دول المجلس إلا أن المتوقع أن تنجح دول المجلس أكثر من غيرها في احتواء أثارها بل والاستفادة مما قد ينتج عنها من فرص وأثار ايجابية". وأضاف أن دول مجلس التعاون ومن خلال العمل التكاملي في إطار مجلس التعاون تمكنت من إنشاء منطقة تجارة حرة عام 1983 وفى نهاية 2003 بدأ تطبيق الاتحاد الجمركي لتعميق المواطنة الاقتصادية بين دول المجلس". و يعني ذلك المساواة في التنقل والإقامة والعمل والتملك ومزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية وحرية تنقل رؤوس الأموال بين دول المجلس والمعاملة الضريبية وتملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات والاستفادة من الخدمات الاجتماعية والصحية في جميع دول المجلس ومعاملة مواطني دول المجلس في أي دولة من الدول الأعضاء معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز بالإضافة إلى قيام السوق الخليجية المشتركة اعتبارا من بداية يناير 2008. ودعا العطية في كلمته إلى التعجيل بإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة إذ وضعت الإطار القانوني والمؤسسي للمجلس النقدي والبنك المركزي وبينت علاقتهما بالبنوك المركزية الوطنية وحددت الخطوات والإجراءات اللازمة لإصدار العملة الخليجية الموحدة كما حددت مهام المجلس النقدي. وأوضح أن المهام الرئيسية للمجلس هي تنسيق السياسات النقدية وسياسات أسعار الصرف للعملات الوطنية وتحديد الإطار القانوني والتنظيمي للبنك المركزي وتطوير الأنظمة الإحصائية والتأكد من جاهزية نظم المدفوعات للتعامل مع العملة الموحدة والأعداد لإصدار أوراق النقد و المصكوكات المعدنية للعملة الموحدة وتمديد البرنامج الزمني لإصدار العملة الموحدة وطرحها للتداول في ضوء ذلك. وأوضح أن لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية ومن خلال عدد من اللجان الفنية التابعة لها تسعى جاهدة لإنجاز ذلك واستكمال المتطلبات اللازمة لإصدار العملة الموحدة في اقرب وقت ممكن تنفيذا لتوجيهات قادة دول المجلس لتحقيق مشروع الاتحاد النقدي المنصوص عليه في الاتفاقية الاقتصادية لدول مجلس التعاون والبرنامج الزمني لإقامته المقر من القادة في قمة مسقط في ديسمبر 2001. وأوضح أن الجدول الزمني الجديد لطرح العملة الموحدة سيضعه المجلس النقدي الذي يعتبر نواة لبنك مركزي خليجي الذي لم يؤسس بعد مشيرا إلى أن هناك عددا من اللجان الفنية التي تعمل حاليا على ضمان طرح العملة الموحدة في أقرب وقت ممكن. وقال أن محافظي البنوك المركزية تلقوا تعليمات بتكثيف المشاورات واتخاذ الخطوات اللازمة لدعم اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة الأزمة ومواصلة الإنفاق بهدف تحسين النمو الاقتصادي. وأضاف أن حكومات دول الخليج التي جمعت فوائض كبيرة من إيرادات النفط وقت ارتفاع أسعاره تعهدت برفع الإنفاق العام حتى إذا تطلب ذلك تحقيق عجز في الميزانيات هذا العام إذ اتخذت دول الخليج إجراءات لفك جمود أسواق الائتمان منها خفض الفائدة وضمان ودائع البنوك وعرض سيولة إضافية على البنوك في محاولة للإبقاء على النشاط الاقتصادي مع تراجع أسعار النفط وتدفقات التجارة العالمية.