رغم خطة التحفيز غير المسبوقة التي طرحتها حكومة الصين بتكلفة تقارب تريليونات يوان إلا إنه من الواضح أن تداعيات الأزمة المالية العالمية لم تقتصر أثارها السلبية فقط على صادرات الصين لتشمل أيضا حركة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فقد كشفت وزارة التجارة عن هبوط حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الفعلية خلال الشهر الماضي بحوالي 32.6% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتبلغ 7.54 مليار دولار وانخفض أيضا عدد الشركات الممولة أجنبيا ب 48.7% لتبلغ 1496 شركة. وأرجع متحدث باسم وزارة التجارة الصينية في تقرير أوردته صحيفة "شاينا ديلي" أسباب ذلك التراجع إلى المستويات المرتفعة المسجلة للاستثمارات الأجنبية في العام السابق فضلا عن تأثر حركة الاستثمارات بفترة عطلات أعياد الربيع في الصين. وأشار إلى أن الأرقام الأخيرة المتعلقة بالاسثمارات الأجنبية المباشرة جاءت متقاربة من المتوسط الشهري المحقق خلال الشهور المقبلة وذلك في ظل تنفيذ خطط التحفيز الاقتصادي. وعلى صعيد متصر يبدو أن قطاع التصدير المحرك الأساسي للنمو في الصين قد أصبح أكثر المتضررين من تداعيات الأزمة الراهنة على الاقتصاد الصيني حيث كشفت إحصائيات حديثة عن تعرض الصادرات الصينية لأكبر تراجع لها منذ نحو 13 عاما بسبب مظاهر الركود التي تخيم على الأسواق الخارجية لاسيما أسواق الدول المتقدمة المستهلكة للسلع والمنتجات الصينية. ووفقا لبيانات مكتب الجمارك الصينية فقد شهدت صادرات الصين الشهر الماضي هبوطا بنحو 17.5% عن مستويات نفس الفترة من العام الماضي وهو ما يعتبر أكبر تراجع منذ أكثر من عشر سنوات. وفي مقابل ذلك التراجع شهدت واردات الصين انكماشا غير عاديا وصل إلى حوالي 43% خلال الشهر الماضي وهو ما يعكس مؤشرات الكساد الحادة في مستويات الاستهلاك على مستوى الأسواق المحلية الصينية خلال الشهور القليلة الأخيرة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مستويات البطالة. ويقدر حاليا حجم الفائض التجاري الصيني بحوالي 39.1 مليار دولار. وتشير توقعات المحللين وفقا لمسح أجرته شبكة بلومبرج الإخبارية إلى إمكانية تراجع معدلات نمو الاقتصاد الصيني خلال الربع الحالي إلى 6.1% وهو ما يعد أقل معدل يسجل منذ عام 1999. ويؤدي ذلك التباطؤ في معدلات النمو إلى تزايد مخاطر انكماش الأسعار ومستويات أرباح الشركات ومعدلات الاستهلاك فضلا عن فقدان نحو عشرين ألف فرصة عمل على مستوى أسواق العمل الصينية. وتشير بعض الآراء إلى أن ذلك التدهور الحاد في حجم التجارة الصينية يزيد من الضغوط في اتجاه إقدام الحكومة الصينية على رفع حجم خطة الإنعاش الاقتصادي التي تقدر فاتورتها حاليا بحوالي 4 تريليونات يوان أي ما يعادل 585 مليار دولار. ويشير في ذلك الصدد أحد المحللين إلى أن الأمر يستلزم من الحكومة الصينية خفض سعر الفائدة الرئيسي على الإقراض بأكثر من 1% العام الحالي وخفض الضرائب فضلا عن إجراءات تنشيط الاستهلاك الحلي. ويرى أن الطلب على الصادرات الصينية في الأسواق الخارجية خارج نطاق تحكم الأجهزة الحكومية كما أن إنعاش الصادرات قد لا يتم من خلال خفض سعر العملة المحلية. غير أنه وفقا لأحد معاهد الأبحاث التابعة لوزارة المالية الصينية فإن الباحثين من قبل الحكومة يؤيدو العمل على خفض سعر اليوان لدعم الصادرات والوصول بالعملة لمستوى 6.93 يوان للدولار لتحفيز النمو وتنشيط أسواق العمل.