أكدت منظمة البلدان العربية المصدرة للنفط "أوابك" أن العام 2008 على صعيد السوق النفطية كان عام جميع "المفارقات بامتياز"، فخلال النصف الأول منه حلقت أسعار النفط عاليا وكادت أن تلامس عتبة ال150 دولارا للبرميل في شهر يوليو، لكنها سرعان ما بدأت تتهاوى في انحدار حاد، وتتدحرج إلى ما دون ال40 دولارا في في نهاية النصف الثاني منه، فاقدة بذلك نحو 110 دولارات. وأرجعت "أوابك" السبب في ذلك إلى الاختلال الهيكلي للاقتصاد العالمي الذي عصفت به الأزمة المالية التي اجتاحت كبرى الاقتصادات الدولية والتي تعتبر "الأسوأ" منذ الكساد الاقتصادي الذي شهده العالم بين عامي 1929 و1933. وأكدت "أوابك" في نشرتها الشهرية عدد يناير 2009 أن عائدات الأقطار الأعضاء في المنظمة تراجعت خلال الربع الرابع من 2008 إلى 83 مليار دولار هبوطا من 191 مليارا في الربع الثالث من نفس العام بعد أن بلغت 146 و188 مليارا للربعين الثاني والثالث على التوالي. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن المنظمة أن ذلك انعكس بشكل واضح على السوق النفطية مما أدى إلى تراجع الطلب العالمي على النفط وما نتج عن ذلك من الآثار على مستوى الأسعار مبينة أن مشاريع الاستثمار في رفع الطاقة الإنتاجية باتت مسالة يشوبها الكثير من عدم اليقين في جدواها الاقتصادية، حيث العائدات النفطية المحرك الرئيسي لعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الأقطار الأعضاء. ومن ضمن مفارقات العام 2008 أن الإمدادات العالمية من النفط قد نمت بنحو 1.7 مليون برميل يوميا لتصل إلى 86.3 مليون برميل يوميا في عام 2008 وهو أعلى مستوى لها مسجل على الإطلاق حيث شكلت حصة بلدان أوبك 42.5% من الإجمالي. وعلى صعيد النمو الاقتصادي العالمي فقد انخفض إلى ما دون معدل 4% اذ استمر أربع سنوات على التوالي ليبلغ 3.8% خلال عام 2008 وقد انعكس ذلك على الطلب العالمي على النفط الذي انخفض بمقدار 100 ألف برميل يوميا مقارنة بعام 2007 ليصل إلى 86.2 مليون برميل يوميا عام 2008 وهو انخفاض في الطلب لم تشهده السوق النفطية منذ أمد بعيد. وأضافت النشرة انه وبفضل وفرة الإمدادات النفطية خلال العام تجاوز متوسط المخزون التجاري المسجل خلال السنوات الخمس الأخيرة, موضحة أن التطور الملحوظ الذي شهدته السوق النفطية هو حدة تقلبات أسعار النفط التي تخطت ال90 دولارا للبرميل خلال الربع الأول من عام 2008 ثم تجاوزت حاجز ال100 دولار للبرميل خلال ربعه الثاني وبلغت 148 دولارا في بداية الربع الثالث. وأشارت إلى أن أسعار سلة "أوبك" الثلاثة عشر ارتفعت من 88.5 دولار للبرميل في يناير 2008 إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في شهر يوليو وهو 131.2 دولار للبرميل أي بما يزيد على 42 دولارا للبرميل. وقالت أن الأسعار ما لبثت أن تراجعت خلال الربع الأخير من العام 2008 إلى 39.5 دولار للبرميل في ديسمبر 2008 وهو أدنى مستوى لها لم تبلغه منذ أربع سنوات انقضت. وأشارت إلى أن "أوبك" وفي ظل سعيها الحثيث إلى تحقيق استقرار السوق والحفاظ على أسعار النفط الخام عند مستويات عادلة تضمن التوازن للسوق وتلقى قبول المنتجين والمستهلكين على حد سواء أقدمت خلال الربع الأخير من العام على اتخاذ عدة قرارات لإعادة السوق إلى التوازن. يذكر أن "أوبك" في هذا الإطار قامت بخفض إنتاجها بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا ليبلغ إجمالي تخفيضها 4.2 ملايين برميل يوميا من مستوى الإنتاج الفعلي لشهر سبتمبر 2008 وهو مستوى خفض لم تشهده من قبل. وجاء هذا الخفض للحد من تراجع الأسعار الذي من شان استمراره ان يؤدي بكل تأكيد إلى إعادة النظر في الاستثمارات التي كان يزمع رصدها لمشاريع التوسع في الطاقة الإنتاجية والوصول بها إلى مستوى قادر على تلبية الطلب المتزايد على النفط في المديين المتوسط والبعيد. وهنا لفتت نشرة "أوابك" إلى أن المنتجين يواجهون أعباء ومخاطر ضخامة وكثافة المتطلبات الاستثمارية الكفيلة ببناء طاقات إنتاجية إضافية قد لا تكون الحاجة إليها ماسة في ظل الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي والسوق النفطية، داعية إلى تضافر جهود جميع فرقاء الصناعة النفطية لاسيما البلدان المنتجة والمصدرة من خارج "أوبك" التي تستأثر بما يقارب ال60% من إجمالي الإمدادات العالمية.