"جنون الحديد" يصيب قطاعات التشييد والتسويق العقاري بالشلل محيط : كريم فؤاد ارتفاعات قياسية في أسعار الحديد قفزت ارتفاعات أسعار الحديد إلى معدلات جنونية ، ففي غضون عام واحد تضاعف سعره بنسبة 100%، بل أنه وخلال شهر واحد ارتفع سعره ثلاث مرات متتالية حيث وصل آخر سعر له 6 آلاف جنيها مما ينذر بأزمة ركود حادة لقطاع التسويق العقاري وسوق التشييد والبناء في مصر . شبكة الأخبار العربية "محيط" استطلعت أراء المختصين في قطاع الإنشاءات حيث طالبوا بضرورة تدخل سريع من الدولة لوقف الإجراءات الاحتكارية التي تواجه قطاع مواد البناء ووقف موجة الارتفاعات المتلاحقة في أسعار الحديد . في البداية يؤكد أ.د عمرو دراج الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة أن مشكلة ارتفاع أسعار الحديد في السوق المصري هي مشكلة محلية وإقليمية، ترجع لعاملين أساسيين الأول تأثر السوق بالأسعار العالمية ، والثاني الممارسات الاحتكارية ، في الوقت الذي يتم فيه تعطيش السوق من جانب التجار وهو الأمر الذي يتطلب تدخل سريع من جانب الدولة لإنهاء ظاهرة الارتفاعات غير الطبيعية التي تشهدها مواد البناء بشكل عام والحديد بصورة خاصة . وطالب د. دراج باتخاذ إجراءات مع شركات الحديد في إطار جهاز مكافحة الاحتكار أسوة بالخطوة التي اتخذت مع شركات الأسمنت حيث أنه حتى الآن يتم فقط فرض رسوم صادرات على الحديد المصري كمحاولة للحد من الارتفاعات الراهنة في السوق المحلي، وأكد في هذا الصدد على ضرورة تفعيل قانون الممارسات الاحتكارية . مشيرا إلى أن أغلب المشاريع التي تسند لشركات المقاولات تكون مشاريع طويلة الآجل بمعني أنه يتم التعامل على أسعار سعر السوق عند بدء تنفيذ المشروع ومع الارتفاعات المستمرة حاليا في الأسعار سيكون الخاسر . وأضاف أن الأوضاع الراهنة التي تشهدها أسواق مواد البناء وتحديدا الحديد ستؤدي لمزيد من الارتفاعات في أسعار المساكن وهو الأمر الذي يهدد السوق العقاري بحالة من الركود . وأكد أيضا أن المتضرر الأكبر من الوضع الراهن هو الإسكان الشعبي والمتوسط وفوق المتوسط مما سينعكس بالسلب على أسعارها وبالتالي تأزم "رحلة البحث عن شقة" . وحول تفعيل مبادرة "مباني بلا حديد" وهي مبادرة أطلقها خبراء مصريون في مجال الإنشاء للتغلب على أزمة احتكار تجارة حديد التسليح أكد أن تلك المبادرة ستخفف من حدة الأسعار ولكن بشكل بسيط لصعوبة تعميم تلك الفكرة . الركود يصيب قطاع العقارات في مصر ونوه إلى أن طريقة "مباني بلا حديد" ستصلح للاستخدام في المناطق ذات المساحات الضيقة والارتفاعات المحدودة حيث سيتم حينها استخدام "حوائط حاملة" في تلك المباني أما في العقارات ذات المباني الواسعة والأدوار الشاهقة فيصعب استخدامها . ومن جانبه أكد المهندس علي شعلان صاحب شركة مقاولات أن الارتفاعات الراهنة لأسعار الحديد أصبحت تؤثر بشكل مباشر على شركات المقاولات نظرا لطبيعة العقود التي يتم تنفيذها على فترات طويلة وهو ما يعني أنه مع الارتفاعات المتلاحقة للأسعار تتحمل الشركات وحدها جميع فروق الأسعار . وضرب مثالا على ذلك أنه تم التعاقد في شهر أكتوبر من عام 2007 على إنشاء مشروع عقاري وكان سعر الطن حينها 3600 جنيه والآن سعر الطن وصل إلى 6000 جنيه ولم يتم الانتهاء من المشروع بعد، وهذا المثال يوضح مدى حجم الكارثة التي تتعرض لها شركات المقاولات جراء الارتفاعات الجنونية لأسعار مواد البناء . وبالنسبة للبحث عن بدائل أخري غير حديد التسليح المصري والبدء في استخدام الحديد المستورد من تركيا أو أوكرانيا قال أن الحديد المصنع محليا هو "المضمون" حيث توجد بعض العيوب في المنتج المستورد يتعذر حينها استخدامه في مجال الإنشاءات . إلا أنه أشار إلى أن هناك بعض المشاريع العقارية التي تستخدم الحديد المستورد ولكن ذلك يتم وفق مواصفات خاصة يتم الاتفاق مسبقا ليصلح استخدامه في تلك المشاريع . فيما صرح محمود العسقلاني المتحدث باسم حركة مواطنون ضد الغلاء بأن الحل الأمثل لمنع الممارسات الاحتكارية في صناعة الحديد والحد من ارتفاعاته المستمرة التي وصلت إلى 6000 جنيه للطن هو فتح باب الاستيراد من الدول المنتجة لسد احتياجات السوق المحلي وبالتالي وقف موجة الارتفاعات الراهنة في الأسعار .