مرر الكونجرس الأمريكي تشريعا جديدا يعلن فيه عدم خضوع المعونة الأمريكية لمصر أو من يتلقاها لأي إشراف حكومي مصري بأي شكل، وتخصيص 50 مليون دولار لتغيير نظام التعليم في مصر، منها عشر ملايين دولار لتعليم المصريين في مؤسسات أمريكية في عام 2008. وينطوي التشريع علي ألا تقل قيمة المخصصات الأمريكية من المعونة لبرامج الديموقراطية وحقوق الإنسان والحكم عن 20 مليون، وألا تخضع الجهات التي تتلقاها هي الأخرى لأي إشراف حكومي. وأوردت صحيفة "المصري اليوم" أن مركز أبحاث الكونجرس ذكر في تقاريره أن "الاستراتيجية الأمريكية في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين كانت تركز في المعونة لمصر علي إحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية، أما في فترة الثمانينات فقد سعت برامج هيئة المعونة الأمريكية إلي التركيز علي مجال الزراعة والتعليم والصحة الإنجابية. وفي التسعينات علي تغيير السياسة الاقتصادية والنقدية والمالية مثل برامج الخصخصة. لكن الفترة الجديدة تركز علي التغييرات الديموقراطية والاقتصادية وحقوق الإنسان والتعليم". وكانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الخاصة بالتعليم الأساسي قد بدأت في التسرب إلى التعليم المصري من خلال مجموعةٍ من الاتفاقيات مع وزارةِ التربيةِ في مطلع الثمانينيات؛ حيث عقدت المنظمة أول اتفاقية مع وزارة التربية والتعليم في عام 1981م ثم طرأ تعديلٌ عليها في عام 1986م؛ وذلك من أجل تمديد المشروع إلى عام 1991م وكان مشروع الوكالة من عام 81 إلى عام 91 يستهدف تغييرَ التعليمِ المصري في مرحلةِ التعليم الأساسي إلى النموذجِ الأمريكي، وقد وضح ذلك في المادةِ 35 من بروتوكول التعاون، وذلك مقابل منحة أمريكية تُقدَّر ب190 مليون دولار. تاريخ التغيير.. وتجدد الدعوة بعد كامب ديفيد وبين عام 79 : 1981 تغيرت مناهج التربية في مصر، حيث حذفت كل النصوص التي تتعلق بالحروب بين مصر وإسرائيل، وعندما تسلم أحمد فتحي سرور وزارة التربية والتعليم، حدث للمرة الأولى - منذ تمصير التعليم – قيام لجان أجنبية بالإشراف علي تغيير المناهج ضمن مراكز التطوير والتي شارك في وضعها أسماء أجنبية. وفي زيارته لمصر عام 1981 كان من بين ما تباحث فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بيجن" مع السادات، صدق الرغبة المصرية في التطبيع، وقد طمأنه السادات بتأكيد الرغبة في ذلك، فقال بيجن للسادات: "كيف تريد أن أصدّق أن هناك نية عندك للتطبيع وطلاب مصر ما زالوا يقرؤون الآية التي تقول " لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم " مما استدعى طلب السادات من وزير التعليم المصري أن يحذف مثل هذه الآيات من المناهج المصرية والتي تتحدث عن عداوة بني إسرائيل للإسلام. وبالفعل تم تعديل مناهج التعليم بحيث تتجنب ذكر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة باليهود. وكانت اليونسكو أول منظمة دولية اهتمت بقضية تطوير المناهج التعليمية في مصر، ووضعت أسسًا وخطوات عملية بدأت منذ عام 1987؛ بهدف تفريغ المناهج الدراسية بمختلف المراحل التعليمية من التوجه الديني. فكان التاريخ واللغة العربية أول من طبق فيهما هذا التطوير ؛ وذلك وفقًا للدراسات والمسح العملي على المناهج في الفترة من 1987 حتى 1990، التي أظهرت أن المادة التاريخية والدينية في المرحلتين الإعدادية والثانوية تم تقليصها بنسبة 70 % في الوقت الذي بدأ تدريس اللغات الأجنبية في مرحلة الروضة. وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 دعت الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأوربية إلى تعديل مناهج التعليم في جميع الدول الإسلامية؛ لتجنب الآيات القرآنية والأحاديث التي تحض على الجهاد. وبفعل الضغوط الأمريكية على الأزهر فقد تم تنفيذ عدد من التعديلات في المناهج الدراسية بالتعليم قبل الجامعي ومنها: -حذف مادة الفقه المذهبي من المرحلة الإعدادية، واستبدالها بمقالات صحفية لبعض موظفي الأزهر تحت عنوان: الفقه الميسر. -إلغاء أبواب الجهاد من المرحلة الإعدادية. -إضافة مادة الحديث والتفسير في الصف الثالث الإعدادي إلى مادة المطالعة والنصوص منذ العام الماضي. - حذف 12 جزءا من القرآن الكريم في المرحلة الابتدائية منذ عامين، مع إلغاء السنة الرابعة بالثانوية. -اختزال مادة التفسير للصف الأول الثانوي إلى الآيات الثمانية الأولى فقط من سورة الكهف. - حذف "تفسير النسفي" للقرآن الكريم، وهو الذي يعتمد المنهج العلمي في تفسير القرآن بالمرحلة الثانوية. الكتاب القومي الممول أمريكيا وكانت السفارة الأمريكية بالقاهرة قد كشفت عن تفاصيل برنامج "الكتاب القومي للمدارس المصرية" الذي يتم تنفيذه بالتعاون الوثيق مع وزارة التربية والتعليم وجمعية الرعاية المتكاملة ووكالة المعونة الأمريكية، ويهدف إلى توفير الكتب والمواد التعليمية المساندة لنحو 39 ألف مدرسة حكومية بجميع محافظات مصر لتوفير الكتب المسلية والممتعة للأطفال وكذا لطلاب الإعدادي والثانوي. وأوضحت السفارة في موقعها على شبكة الإنترنت أن المشروع يتم تنفيذه على ثلاث مراحل بدأت الأولى منها في أبريل 2005 على أن ينتهي في 30 سبتمبر 2009. وقالت إن البرنامج اشترط استبعاد أي كتب دينية أو ثقافية تقدم ضمن الكتب التي ستوزع على المدارس واشترط فقط تقديم الكتب المسلية والتي تحمل قيما غربية وأمريكية. ووفقًا لمصادر مسئولة بوزارة التربية والتعليم، يأتي مشروع الكتب القومي الممول أمريكا والمخصص للمدارس المصرية في إطار مشروع أمريكي أكبر يسمي مشروع تطوير التعليم المصري، ويهدف خاصة إلى تقليص المناهج الدينية والقومية بالمناهج الدراسية لطلاب المدارس المصرية وهو ما يسمي "خطة تجفيف منابع الإرهاب". وقالت إن برنامج تطوير التعليم والمنفذ حاليا في أكثر من 16 محافظة مصرية لم يتناول أي خطط تطويرية في العملية التعليمية المصرية باستثناء تركيزه على المناهج الدينية والثقافية والقومية من خلال مشروع الكتب القومي. وحذرت تلك المصادر من احتواء الكثير من الكتب التي سيصدرها المشروع على ما يخالف التقاليد المصرية والدينية الإسلامية. ترويج القيم الغربية وتخشى الأحزاب المصرية من التدخل الأجنبي في تطوير التعليم خاصة الدور المتزايد لقطاع التربية في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في عملية التطوير والذي يهدف إلى ترويج القيم الغربية على حساب القيم الدينية في المناهج التعليمية. ويرى المعارضون أن الولاياتالمتحدة متمثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تسعى لتغيير المناهج التعليمية إلى لمناهج تروج للأديان الثلاثة (المسيحية والإسلامية واليهودية) كما تدعو إلى تغيير المناهج المعادية للسامية حسب وصفها أو التي تدعو للأفكار الأصولية الإسلامية بالإضافة إلى إبراز دور الحضارة الغربية في التقدم الإنساني. في حين نفى ديفيد ويلتش السفير الأمريكي بالقاهرة أن الولاياتالمتحدة تريد تغيير المناهج التعليمية في مصر أو أنها تدعم قيم ثقافية على حساب قيم دينية. كما نفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، اتهامها بالسعي لتغيير المناهج وفق القيم الأمريكية ووصفتها بأنها اتهامات عارية من الصحة مؤكدة عدم اهتمامها بتغيير المناهج التعليمية في مصر بل تدعو إلى تحسين الأداء التربوي ودعم تعليم اللغة الإنجليزية لمساعدة التعليم المصري على تلبية احتياجات السوق من العمالة المدربة. وكانت المعونة الأمريكية بدأت تدخل مصر منذ ثورة يوليو في عهد الرئيس جمال عبد الناصر حيث رفض الشروط الأمريكية مقابل تلك المعونة وكان من أبرزها خفض عدد الجيش المصري وتعهد مصر بعدم إنتاج الأسلحة الذرية ومنح أمريكا حق التفتيش على مصر وخفض إنتاج القطن، ولكنه تخلي عن بعض الشروط بعد ذلك في مقابل تمويل مشروع السد العالي، كما زادت المعونة في عصر الرئيس السادات وزادت هذه المعونة خاصة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد إلي أن وصل إلي 2.1 مليار دولار ، أما في عصر مبارك فقد تأصلت فكرة المعونة الأمريكية علي إنها احدي مصادر الدخل القومي التي لا يمكن الاستغناء عنها كدخل قناة السويس والسياحة.