محيط كريم فؤاد : من الواضح أن كل ما تردد عن خطط إعادة تأهيل الاقتصاد العراقي لتجاوز سنوات الحصار والعودة بذلك البلد إلى الوضع اللائق به قد ذهبت أدراج الرياح في ظل حالة غير مسبوقة من التردي الأمني باتت تجهض أي فرص لخروج العراق من مأزقه الراهن. وتؤكد الأرقام المتاحة حجم المحنة التي يعيشها العراق نتيجة التدهور الذي أصاب كافة قطاعاته الاقتصادية الحيوية علي مدي السنوات الأخيرة بما في ذلك أهم قطاعاته الأولي، صناعة النفط والتي خسرت عائدات كانت مفترض تحقيقها قدرت بنحو 24 مليار دولار. وقد أدي الحصار الاقتصادي المفروض على العراق من الأممالمتحدة عام 1990 إلى تدهور الناتج المحلي الإجمالي ولم يؤدي احتلال العراق إلى الخروج من هذا المأزق، حيث أكدت وزارة التجارة العراقية في مذكرة رسمية يناقشها وزراء التجارة والاقتصاد العرب خلال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته ال 80 التي تبدأ الخميس على أن الناتج المحلي الإجمالي للعراق انخفض من 53.9 مليار دولار عام 1980 إلى 41 مليار دولار عام 2006 نتيجة تدمير البنية الأساسية للاقتصاد العراقي. وبالطبع كان من الطبيعي أن تنعكس أثار ذلك التدهور الذي لحق باقتصاد العراق على حياة المواطن حيث هبط متوسط دخله السنوي من 4219 دولارا عام 1979 إلى 1456 دولارا عام 2006 في الوقت الذي تجاوزت في نسبة البطالة بين أفراد الشعب العراقي 50%. ووصلت معدلات التضخم إلى 53% عام 2006، فيما انخفضت مستويات إنتاج النفط لتصل إلى مليوني برميل يوميا. وأشارت الوزارة في مذكرتها التي أوردتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا" إلى أن نسبة من يحصلون على مياه شرب آمنة انخفضت من 83% إلى 81 % خلال نفس الفترة كما ارتفع حجم البطالة إلى 50 % من قوة العمل التي تبلغ 7 ملايين نسمة. وأوضحت المذكرة أنه بعد مرور أربع سنوات على الاحتلال فان مساهمة القطاعين الزراعي والصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 7.1% و1.5% على التوالي عام 2006 وهى نسبة منخفضة جدا بينما بلغت نسبة مساهمة القطاع النفطي أكثر من 63%. وأكدت المذكرة أن هذه المؤشرات المتدنية تعكس مدى تدهور الأوضاع الاقتصادية في العراق ولذلك فان النهوض بالاقتصاد العراقي وتحسين الأوضاع البشرية المتردية يتطلبان تضافر جميع الجهود من أجل خروج العراق من هذا المأزق، حيث طالبت من الدول العربية والمنظمات العربية المتخصصة المشاركة بفاعلية في إعادة أعمار العراق وإعادة تأهيل اقتصاده. هذا ويصل الاحتياطي النفطي المؤكد للعراق إلى أكثر من 115 مليار برميل ليحتل المركز الثالث بعد إيران والسعودية على مستوى العالم، ويمكن القول إن الشعب العراقي البالغ تعداده نحو 27 مليون نسمة والذي كان بمقدوره أن يصبح واحداً من أغنى الشعوب في العالم يعيش اليوم ضمن أدنى درجات الفقر، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل من المسجلين في سجلات الوزارة في بغداد وحدها أكثر من مليون عاطل. ويقدر العراق أن نحو 100 مليار دولار يتعين إنفاقها لإعادة البنية التحتية المدمرة بعد عقوبات استمرت منذ 1990 وأعمال عنف مستمرة منذ أربع سنوات بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة علي البلاد. وكان تقرير لوزارة النفط العراقية أشار إلى أن عملية إعادة الأعمار في العراق لا تزال تراوح مكانها في ظل غياب ضخ الأموال اللازمة من جانب وامتناع الشركات التي فازت بعقود عن تنفيذ تلك العقود بسبب الأوضاع الأمنية. وكشف تقرير لوزارة النفط العراقية أن العراق خسر عائدات تصل إلى 24 مليار دولار جراء المشكلات التي تواجه عمليات إنتاج وتصدير النفط الخام في السنوات الثلاث الأخيرة. يذكر أن العراق بدأ استخراج النفط من بطون أراضيه قبل 90 عاما ، وكان دوما يعرف بالجزيرة التي تقبع على بحيرة من النفط. وبعد سقوط بغداد كشفت هيئة النزاهة العامة في العراق أن قيمة أموال الهدر والفساد الإداري والمالي قد ازدادت لتصل زهاء الثمانية مليارات دولار. الجدير بالذكر أيضاً أن منظمة الشفافية الدولية كانت قد أعلنت أن العراق إلي جانب هايتي وبورما من بين أكثر الدول فسادا في العالم.