القاهرة: صدر عن مكتبة مدبولي كتاب بعنوان "مراجعات الحركة الإسلامية السودانية "عشرون عاما فى السلطة..المسيرة- التجربة- المستقبل" شارك في تأليفه عدد من المفكرين والمثقفين السودانيين، وقام بتقديمه حسن مكي وترجمة وتحقيق وليد الطيب، ويقدم الكتاب نقداً للتجربة السودانية وتقويماً لها. وبحسب محمد عويس بصحيفة "الحياة" تعد الحركة الإسلامية السودانية من أقدم الحركات الإسلامية المسلحة في العالم مشاركة في العمل السياسي بمعناه الحزبي، والتي أصبحت أول تجربة لحركة إسلامية سنية تنفرد بالحكم، يشارك فيها مدنيو الحزب وعسكرهم. وقد حققت هذه الحركة الفوز في الانتخابات البرلمانية لتشغل عن جدارة موقع الكتلة البرلمانية الثالثة بعد الحزبين الكبيرين حزب الأمة والحزب الاتحادي ثم وصلت إلى الحكم عام 1989م، عبر انقلاب عسكري، أعقب ذلك الإنقسام الكبير الذي تعرض له الجسد الإسلامي الحاكم في السودان، وأصبح عمر البشير قائد جناح الحركة العسكري في طرف، وحسن الترابي القائد التاريخي للحركة ورئيس البرلمان في طرف أخر. ووفقاً للاطروحة التي قدمها حيدر إبراهيم رئيس مركز الدراسات السودانية في الخرطوم في الكتاب أصبحت هناك متطلبات جوهرية للدولة الحديثة بعد انهيار النظم الشمولية في أوروبا وأمريكا اللاتينية مثل "الديموقراطية، التعددية، المواطنة، احترام حقوق الإنسان، الاحتكام للمؤسسات" مشيراً إلى أن تجربة الإسلاميين في السودان تكشف أن الديموقراطية واحدة من أدوات الوصول إلى السلطة السياسية، وأنهم اتخذوا موقفاً شديد الارتباك حيال الأحزاب والتعددية، أما المواطنة كأساس للحقوق والواجبات في دساتيرهم المتعددة إنما هي خطاب موجه للخارج لتجميل الصورة. كذلك أشار إبراهيم إلى ما تعانيه حقوق الإنسان في السودان على يد أصحاب المشروع الحضاري والذي ارجع سقوطه إلى عدم امتلاك الفكر الإسلامي عموماً لنموذج إرشادي مستمد من التاريخ لشكل الدولة ومضمونها. وحول طبيعة مراجعات الحركة الإسلامية في السودان يقول وليد الطيب أن موقف كثير من قيادات الحركة من تجربتهم في الحكم يتلخص في جملة واحدة نطق بها القيادي الشيخ ياسين عمر الإمام: "الحركة الإسلامية دخلت السلطة وخرجت مضعضعة، وفيها فساد شديد"، بينما يذهب آخرون، ومنهم غازي صلاح الدين إلى أن "الحركة الإسلامية أسست منهجاً فاعلاً، وتنظيماً قوياً، ومؤسسات، وكرست تقاليد ومنهجاً في اتخاذ القرار إلا إنها لم تحكم بالتقاليد والمنهج".