برلين: في كتابه "مجتمع السرعة الفائقة" يركز الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني هارتموت روزا على محاولة فهم آليات عمل المجتمعات الحديثة ونقدها. وتنطلق تحليلات هذا الكتاب من ملاحظة عادية أن السمة الأساسية للحداثة هي السرعة المتعاظمة، "كل شيء أصبح أكثر سرعة؟، هذا ما يدركه الجميع ويعيشونه في حياتهم اليومية في المجتمعات الحديثة". وفق صحيفة "البيان" الإماراتية يشرح المؤلف كيف أن الحداثة تمثل نوعا من الهروب إلى الأمام وتدفع إلى تسارع إيقاع الحياة الاجتماعية مع زيادة الإحساس بالحاجة إلى الوقت، ذلك أن التسارع التقني وتطوّر التكنولوجيات في ميادين تمس الحياة اليومية للبشر مثل وسائل النقل والاتصالات أدّى إلى تسارع التبدلات الاجتماعية على صعيد نمط العيش والعلاقات داخل الأسر. وهذا ما يتم شرحه في أقسام الكتاب الأربعة وهي: الأسس والمفاهيم التي تقوم عليها نظرية التسارع الاجتماعي ثمّ آثار ومظاهر التسارع الاجتماعي ثم الأسباب وأخيرا النتائج. ويتم التركيز بصور مختلفة على مسألة تسارع نمط العيش وما يترتب على ذلك من قلق لدى أبناء المجتمعات الحديثة بالقياس إلى المجتمعات القديمة في العالم المتقدم. ويتحدث المؤلف عمّا يسميه "أعراض" تسارع إيقاع الحياة، وكأن الأمر يتعلّق بمرض حقيقي. هذه الأعراض تشتمل على قائمة طويلة من بين محتوياتها الأساسية الوجبات السريعة والاتصالات عبر شبكة الانترنت واكتساب عادة القيام بعدّة أعمال بالوقت نفسه، ومن سمات العصر الراهن أيضا تسارع التبدّل الاجتماعي والثقافي. يقول المؤلف:" لقد استغرق الانتقال منذ اختراع المذياع الراديو في نهاية القرن التاسع عشر وحتى امتلاك 50 مليون نسمة له مدّة 38 سنة، بينما أن الأمر لم يحتج سوى إلى 4 سنوات لتعميم شبكة الانترنت على نفس العدد من البشر".. ويُبدي المؤلف قدرا كبيرا من التشاؤم حيال توجهات المستقبل ويرجّح من بين السيناريوهات التي يعرضها من أجل المستقبل في خاتمة الكتاب الأكثر تشاؤما والمتمثّل في "السباق المحموم نحو الهاوية" في عالم عاجز.