أبها: يؤكد هاشم صالح في كتابه الجديد "من الحداثة إلى العولمة" الذي يأتي صمن سلسلة الإصدارات المميزة ل" المجلة العربية" فرع التأليف أن "العالم العربي والإسلامي كله لا يزال يقف على مشارف وأبواب الحداثة" في الوقت الذي أصبح فيه "الغرب مشغولا بنقد الحداثة، أو تصحيح مسارها أو غربلة محصلتها ونتائجها". ويصل هاشم صالح إلى أن التيار التقليدي عندنا يوافق على نقل التكنولوجيا إلى العالم العربي من أجل فائدتها العملية، ثم من أجل استخدامها كسلاح فاعل لمحاربة الغرب نفسه. ولكنه لا يوافق على نقل الأفكار والنظريات الفلسفية التي أدت إلى صنعها أو رافقتها. وهذا التصور يؤدي إلى تشكيل مجتمع مصاب بالشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية، أي مجتمع محكوم بالأفكار التقليدية البالية من جهة، ومليء بأحدث أنواع التجهيزات والمخترعات التكنولوجية من جهة أخرى، ولهذا السبب فلا نستطيع التحدث عن انتصار الحداثة في العالم العربي حتى الآن. وعن ذلك يقول صالح كما نقلت عنه صحيفة "الوطن" السعودية: "أنا تراثي منذ نعومة أظفاري ولا أستطيع التنفس إلا داخله. إني أموت إذا ما حرمت منه أو خرجت عنه، كما تموت السمكة إذا ما أخرجت من الماء. فخارج الإسلام واللغة العربية لا حياة ولا أمجاد ولا مستقبل. ولكني أدعو إلى قراءة أخرى له". ويضيف: "لا أفهم الحداثة كنقيض للدين في المطلق، وإنما كنقيض للمفهوم الاستبدادي، الطائفي، القسري، للدين. هناك تفسيران للدين لا تفسير واحد: تفسير منفتح، متسامح، وسطي، مستنير، وتفسير منغلق، متعصب، ظلامي. أقول ذلك وأنا أعلم أن الحرية الدينية، أي حرية الضمير والمعتقد، ليست متوافرة إلا في المجتمعات التي انتصرت فيها الحداثة وترسخت. ولكن الحداثة التي أدعو إليها هي الحداثة المؤمنة لا الملحدة، الحداثة التي تجمع بين العلم والإيمان ولا تفرق بينهما كما تفعل التيارات الإلحادية والمادية البحتة في الغرب، أو كما تفعل التيارات المتطرفة عندنا". وعرف هاشم صالح المفكر السوري المقيم في فرنسا بترجماته للكثير من كتب المفكر الآخر محمد أركون، لكن صالح اشتهر عربيا وإسلاميا وكون جماهيرية مؤيدة أو مناوئة في ذات الوقت بعد إصداره عدة كتب مثل " معضلة الأصولية الإسلامية" الذي أثار الكثير من الجدل.