بيروت: يبين شابو الخوري في كتابه "السريان الآراميون عبر التاريخ" أن الأمة الآرامية السريانية قد صمدت في وجه الغزو المزمن، من البعيدين والقريبين على حدّ سواء، وعاشت مختلف العصور والحضارات والأحداث الكونية الهامة، فأخذت وأعطت وبقيت شامخة تروي للأجيال الصاعدة حكاية الأجداد والآباء، فكانت بشعرها ونثرها وكوكبة من رموز علمائها وفلاسفتها وحكمائها ومترجميها ومفكريها مفخرة للثقافة الاقليمية والدولية، ومنارة أمام العالم المتمدن، الذي نهل من بحر ثقافتها ومن كل ألوان طيفها المتعدد الابداعات. يؤكد المؤلف كما نقلت عنه صحيفة "البيان" الإماراتية أن الآراميين هم بنو آرام بن سام وكانوا أمة كبيرة مشهورة، مواطنهم من أقدم البلاد الفسيحة الأرجاء التي سكنوها مع أبيهم قبل الجميع فسُميت باسمهم: بلاد آرام أو بلاد الآراميين، وهي المحددة شرقاً ببلاد الفرس وغرباً بالبحر الأبيض المتوسط وشمالاً ببلاد الأرمن وآسيا الصغرى وجنوباً بشبه جزيرة العرب، فهي تضم بلاد بابل وآشور وما بين النهرين وبلاد الشام ولبنان، التي كان فيها للآراميين ممالك كثيرة شديدة البأس عظيمة الصولة والشأن، ولما استولى اليونانيون على هذه البلاد سنة 312 ق. م. ورأوا ما فيها من آثار الملوك الآشوريين أطلقوا عليها اسم سوريّا محرّفاً عن آسّور في الآرامية فقالوا فيه أسّوريا ثم اختصروه إلى سوريّا، غير أن الآراميين استمروا بتسمية بلادهم باسم آرام منتسبين إليه حتى اعتنقوا الديانة المسيحية، حينئذ أخذوا يتركون اسمهم القديم "آراميون" ويتسمّون ب "السريان" ولغتهم تُسمى "السريانية"، وأضحت عندهم لفظة آرامي مرادفة للفظة الصابئي والوثني، وكلمة السريانية مرادفة للمسيحي والنصراني. يؤكد الخوري شابو الخوري أن "اللغة الآرامية" هي إحدى اللغات السامية كالعبرانية والعربية والحبشية، وهي من أقدمها وأشهرها، وقد انتشرت انتشاراً واسعا في البلاد الآرامية كلها منذ أقدم العصور، بل تجاوزتها إلى غيرها من البلدان المجاورة مثل آسيا الصغرى وأرمينيا وبلاد العرب ومصر وغيرها، وهي اول لغة عرفها التاريخ في سوريا ولبنان وأصبحت وحدها لغة الأهالي من اقصى بلاد بابل إلى أقصى بلاد فلسطين كما هو ثابت عند معظم المؤرخين.