جانب من الندوة استضافت مكتبة بدرخان الأديب الليبي د. أحمد ابراهيم الفقيه لتوقيع ومناقشة كتابه الصادر عن سلسلة "كتاب اليوم" ، وهو مجموعة قصصية بعنوان " في مديح البهائم وهجاء البشر" ، وقد حضرها الأديب المصري الكبير يوسف الشاروني والكاتب الليبي محمد المغبوب . يعد الفقيه واحدا من أبرز الكتاب العرب وخاصة في حقل القصة والمسرحية والرواية، وترجمت أعماله للعديد من اللغات . ساهم بتأسيس عدد من الصروح الثقافية والأدبية في بلاده ، عمل كمدير للمعهد الوطني للتمثيل والموسيقى ، ورغم ضعف حركة النشر في بلاده إلا أنه استطاع تقديم أكثر من ثلاثين كتابا للمكتبة العربية في ليبيا صدر بعضها في طرابلس وبعضها الآخر عن كبرى دور النشر العربية . وقال الفقيه أن القصة بالتحديد شكل أدبي جميل يستطيع إضاءة أعماق الأديب ، وأن مجموعته الجديدة تقارن بين البشر والحيوانات في السلوك وتستنتج أن الإنسان حينما ينزع عنه نعمة العقل التي حباه الله بها يصبح أقل شأنا من الحيوان الذي يعيش بفطرة سلوكية صحيحة خلقه الله عليها ، بينما البشر يؤذون بعضهم البعض ويخونون وكل ذلك تغيير للطبيعة التي خلقهم الله عليها ، وجاءت المجموعة بعد احتكاك المؤلف بصورة يومية مع البشر ومهاراته الأدبية والحياتية التي جعلته يفكر كثيرا في السلوكيات الإنسانية لمدة خمسين عاما . تحدث الفقيه عن أهمية التخصص في الأدب ، فيكون هناك أديبا متمرسا في القصة ، وآخر بالرواية ، مع امكانية الكتابة في كليهما ولكن تكون معظم أعمال الأديب في شكل أدبي معين ، وقد ظل نجيب محفوظ يكتب الرواية طيلة حياته ولم يتوقف عن الكتابة إلا بموته ، أما الفقيه فهو رغم إنتاجه المسرحي والروائي ، إلا أنه يجد نفسه بشكل أكبر مع الكتابة القصصية ، والكتابة عموما سلوك حياة، وهو يشعر أن فائدته لا تتحقق بغيرها .
وقال الشاروني عن المجموعة أنها تذكرنا بنوعين من الأدب العربي ، نوع يتحدث عن الحيوانات مثل كتاب " الحيوان" للحاحظ ، ونوع يتحدث عن الفانتازيا والخيال في آن واحد . وتابع: في قصة " مدح الصراصير" يروي الفقيه عن شخص سجن تحت الأرض ولم يجد له صديقا سوى صرصور ، وكان هو الكائن الوحيد الذي أزال عنه الشعور بالوحدة ، وفي قصته " العقرب والزعيم" يروي قصة نزيل بأحد الفنادق وجد عقربا في حجرته وأقام صداقة معه ، والقصة الثالثة عن قرية تعيش على تأجير الحمير ، ولكن أحد الحمير كان كلما باعه صاحبه يعود له ثانية ثم يبيعه من جديد ،ومن هنا تكونت ثروة لدى الرجل من هذا الحمار وحده ، والخلاصة أن القصص تأخذ شكل الفانتازيا ، وتعبر عن فكرة إخلاص الحيوان وندرة هذه الصفة عند البشر. والمجموعة لا تتحدث كلها عن أشخاص سيئين ، فهناك بشر يصبحون هدفا للدغات غيرهم من البشر وهم مجرد ضحايا ، وأشار إلى أن صلاح عبدالصبور تحدث من سنوات طويلة عن الإنسان الذئب والإنسان القرد ، وهي نفس الفكرة . وردا على سؤال " محيط " للفقيه، عن سر مدحه للبهائم وهجومه الشديد على البشر ، قال المؤلف أن كثير من المبدعين سبقوه لنفس ما فعل فهم يحذرون من غياب الوفاء عن الإنسان ، ومنهم نزار قباني ، وما يستنكره أن البهائم حينما تؤذي يكون ذلك بغريزتها ، أما الإنسان حينما يؤذي أخاه فهو يخالف فطرته الربانية . ورد على تساؤل "محيط " حول أعماله المقبلة ، مؤكدا أنه يعد لرواية جديدة متعددة الأجزاء ، وهو على وشك الانتهاء من جزأها الأول حيث يخطط لنشر لنشر كل جزء على حدة ، وأعطى اسمها للجزء الأول هو " ابنة بنايوتي" وهو اسم يوناني ، وتصور الرواية مجتمعا معزولا في الصحراء ، وبنايوني أفراد يشترون نبات الحلفا الصحراوي وهو مصدر رزق كبير لبلد مثل ليبيا ، ومصدر للعملة الصعبة ، ولكن البلد بدأت تعتمد على صادرات مختلفة ومنها النفط ابتداءا من 1959 م .