رصد الدكتور ابراهيم مدكور عبر كتابه "في الفكر الاسلامي" تجارب مضيئة لتفاعلات الشرق بالغرب في كافة المجالات الثقافية، حيث عرف العالم العربي طريق النقل والرواية لكثير من الآداب، وما وصلته من معطيات حضارية لما سبق من إبداعات والتي زاد عليها. وشدد الكتاب وفقا لصحيفة "الوطن" العمانية علي أن العلوم الإسلامية لغة وتاريخا، لم تنل بعد ما تستحقه من عناية كافية، فمثلا ابن سينا العالم ظهرت له الكثير من الآراء التي لها وزنها في الكيمياء والجيولوجيا والنبات والحيوان وعلم الأحياء، وأفاد منها فكر المدارس والمؤسسات والجامعات، وكان لها صداها في عصر النهضة. وأشار المؤلف أن الطب العربي بحاجة إلى إعادة تدوين وبحث شرقا وغربا، ودمجه بعناصر أدق من الطب اليوناني، وعلوم القرون الوسطى، كما لآراء ابن خلدون وزنها في عدة مجالات، رغم تركيزه على الجوانب الفلسفية، وكان البيروني علم من أعلام القرن الخامس الهجري، وله منزلته بين كبار مفكري الإسلام عامة، وهناك الكثير من رواد الإعلام الذين أخذت أنارت بهم أوروبا والغرب. وأوضح مدكور أنه من روائع الإسلام انتشار الدين الحنيف في الشرق والغرب بالحكمة والموعظة الحسنة، ووجود اتصالات وثيقة بين العرب والحضارات الرومانية واليونانية في الشام ومصر وشمال إفريقيا والأندلس، وبالحضارة الفارسية والهندية في فارس، وبلاد ما وراء النهرين وهندوستان. وأبرز المؤلف أن الترجمة كانت بمثابة بوابة خصبة لنقل الإبداعات والدواوين والأشعار، وضب مثالا ب"ابن النديم" الذي يعد أقدم مصدر في تاريخ الترجمة العربية، وفتح حنين ابن إسحاق أبواب النشر لتراجم عباقرة اليونان بقدرته على التعبير العربي السليم، وأسهم المترجمون إسهاما كبيرا في تكوين المصطلحات الفلسفية، ليسطروا مجالات واعدة من الابتكارات العربية التى أذهلت علماء وأدباء ومفكري الغرب وسطعت إبداعات الفارابي، وابن سينا، وابن رشد، لتصور للعالم كيفية الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وزاد الأوروبيون من تراجمهم للغة اللاتينية عن ابن رشد، وابن باجة، وابن طفيل، وتفوق الغزالي في الجمع بين الفلسفة والدين والحياة. وانتهي الكتاب الي ابراز جوانب الحركات الحضارية المختلفة التي قام بها المسلمون، ونقلوا فيها، وترجموا، وأضافوا الكثير إلى العلوم والفنون والآداب عبر التاريخ، ونجد أن ما خلفه العرب كان ولا يزال يحمل أسس بناء التكوينات الفكرية والدعائم الحضارية التي اغتنمت منها شعوب الغرب لإقامة كياناتها التي تفوقت بها الأن.