صدر مؤخرا عن مؤسسة الوقف الرياض كتاب "التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب" لمؤلفه صالح بن عبد الرحمن الحصين، ويقع في 240 صفحة من القطع الكبير. ويري المؤلف إن الكتّاب الغربيين والسياسيين والقائمين على وسائل الإعلام في الغرب يصرون على تثبيت صورة الإسلام على أنه ثقافة عدوانية تجعل من المسلمين مصدرا للعنف والإرهاب. ولإيضاح تصور الإسلام في قضية التسامح والعدوانية يشير المؤلف إلى أنه لم يكن هناك مفر من المقارنة بالثقافة المعاصرة وبالذات الثقافة الغربية، موضحا أنه حيث تجرى هذه المقارنة فلا بد من الفصل بين الإسلام كما هو في حقيقته وبين المسلمين على اختلاف عصورهم وأقطارهم، ليس ذلك فقط لأن الإسلام واحد وتصورات وسلوكيات المسلمين مختلفة متعددة بل لأنه لا أحد يدعي أن حياة المسلمين في الوقت الحاضر تجرى مطابقة للإسلام تصورا ومنهجا للحياة. ووفقا لمصطفى عبدالرازق بصحيفة "البيان" الإماراتية يستعرض المؤلف جذور التسامح في الإسلام مشيرا إلى أنه لا يوجد كتاب دين أو تربية في أي ثقافة غير الإسلام يعطي مساحة للمعاني المذكورة حول التسامح مثلما أعطاها الإسلام، فالتسامح بمعنى عدم العدوان قيمة مطلقة فريضة على كل مسلم إذ يعني ذلك العدل، والعدل مطلوب من كل واحد لكل أحد في كل حال. ويشير الى أن اليونسكو في تحديدها للتسامح حددته بشكل قريب من التصور الإسلامي، ولذلك فإن فكرة الإسلام عن التسامح كانت واضحة للمنصفين من مفكري الغرب مستشهدا في ذلك بما ذهبت إليه المستشرقة الإيطالية لاورا فيشيا فاجلييري من انه ليس من المبالغة التأكيد على أن الإسلام لم يكتف بالدعوة إلى التسامح الديني بل جعل ذلك جزءاً من قانونه الممارس دائماً. ومن مؤشرات التسامح في الإسلام وفق ما يشير إليه المؤلف إلغاء الطبقية والتمييز العنصري، موضحا أن التاريخ يكشف في مختلف العصور ومختلف الأماكن عن وجود ظاهرتين في العالم الإسلامي وهما إلغاء الطبقية في المجتمع ومنح الأديان وأتباعها الحرية في الاعتقاد والعبادة والتمتع بالحقوق المدنية بصورة لا تمنحها أي دولة حديثة للأقليات الموجودة بها. وقد انتبه عدد من كتاب الغرب لهذه القيمة الإنسانية من قيم الإسلام وأشادوا بها ومن ذلك ما ذهب إليه المستشرق البريطاني جيب من أن لدى الإسلام تقليدا رائعا من التعاون والتفاهم بين مختلف الأعراق ولا يوجد مجتمع آخر كالإسلام كان له مثل سجله في النجاح في أن يوجد المساواة في المركز الاجتماعي والفرص في العمل والنجاح بين مثل هذا العدد والتنوع من الأجناس البشرية. ويؤكد المؤلف أن المبدأ الذي يرتكز عليه منهج الحضارة الغربية في العلاقات الدولية لا يختلف عن المبدأ الذي يحكم سلوك قاطع الطريق أو عصابات الجريمة المنظمة بل سلوك الحيوانات في الغابة مؤكدا أن منهج الإسلام في العلاقات الدولية يختلف عن منهج الحضارة المعاصرة اختلافا كليا اذ يرفض الإسلام من البداية أن تبنى العلاقات الدولية على المصلحة الوطنية أو القوة ويفرض أن تبنى على العدل والقوة الإلزامية للاتفاقية في ضوء ما هو معروف أن الاتفاقات بين الدول هي المصدر الرئيسي للقانون الدولي.