يرى المستشرق الألماني ألفريد شليشت في كتابه الجديد "العرب وأوروبا.. ألفا عام تاريخ مشترك" الذي صدر مؤخرا أن العرب والأوروبيين لهم تاريخ مشترك يصل إلى حوالي ألفي عام منذ قبل ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية وانتشاره في بلاد الشام والعراق وبعد ذلك إلى أوروبا وحدود الصين في عهد الخلافة الأموية الأولى، لينحصر انتشاره في عصر الخلافة العباسية. وأن تخلف أوروبا عن ركب الحضارة يعود إلى الحروب الصليبية ثم بعد ذلك خروج المسلمين من إسبانيا والبرتغال في عام 1492، فالملكية الإسبانية التي تتابعت على حكم هاتين الدولتين بعد فرديناند الأول أبقت إسبانيا في عصور الظلام لمئات السنين، كما أسهمت الكاثوليكية الأوروبية إلى حد كبير في عدم إيصال الحضارة الإسلامية علومها في شتى المجالات إلى أوروبا. وأكد شليشت كما نقلت عنه صحيفة "الوطن" السعودية فضل علوم العرب المسلمين على مكتشف أمريكا كريستوف كولومبس وقال "لولا مساعدة رجال البحر العرب وعلومهم في هذا المجال إضافة إلى علومهم في الفلك ودوران الشمس والقمر وحركة النجوم لما استطاع كولومبس اكتشاف أمريكا". فقد أسهمت علوم المعرفة الإسلامية من الطب والفلك والرياضيات وعلوم أخرى في وصول الأوروبيين إلى تلك القارة، ولولا استعانة كولومبس بما كتبه البحارة العرب عن علوم البحار وحركات النجوم لما استطاع إقناع فرديناند الثاني وزوجته إيزابيلا اللذين استعادا الأندلس من ملوك بني الأحمر بدعمه، باكتشاف طريق بحري يصل الأوروبيين إلى الهند وكانت النتيجة وصولهم إلى أمريكا. هذا الاكتشاف كان وراء الثورة الصناعية في أوروبا وبروز هذه القارة كقوة استعمارية جديدة ما لبثت أن تطورت إلى قارة صناعية وغنية. ويذهب شليشت في فصول كتابه الذي يقع في حوالي 200 صفحة إلى أن العلاقات حاليا بين العالم العربي وأوروبا تكمن بين التعاون والمواجهة، موضحا أن مواضيع مثل الحوار الثقافي ومواجهة الإرهاب والفكر المتطرف الذي يحمله بعض الإسلاميين والبحث عن الشخصية والهوية الثابتة للمسلمين العرب والأوروبيين المسيحيين تعتبر الأساسية بين الطرفين المذكورين. مؤكدا أن ظاهرة قوة الحركات الإسلامية وارتفاع شعبيتها في العالم الإسلامي العربي تعود أسبابها الرئيسية إلى السياسة الأوروبية والأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي برمته، معتبرا أن العلاقات بالرغم من قوتها حاليا إلا أنها تعاني من عدم الثقة من الجانبين، فالتاريخ بينهما مليء بالمآسي إلى جانب الازدهار. فأوروبا التي حشدت جيوشها لاحتلال بلاد العالم الإسلامي أثناء الحروب الصليبية تركت آثارها السلبية على هذه العلاقات إلى وقتنا هذا، كما أن أوروبا رفضت الإسلام وحاولت القضاء عليه لكنه خرج منتصرا من جميع الحملات الحربية التي لا تزال مستمرة منذ أكثر من ألف عام. وأعرب شليشت عن أسفه للحملات الهوجاء ضد الإسلام في أوروبا والغرب وفي البلاد الإسلامية العربية.