صدر مؤخرا عن دار النفائس ببيروت كتاب "تاريخ الطولونيين والإخشيديين والحمدانيين" للدكتور محمد سهيل طقوس، ويقع في 360 صفحة من القطع الكبير. يتناول الكتاب أحوال ثلاث إمارات إسلامية استقلت عن الخلافة العباسية أيام ضعفها، وهي الإمارة الطولونية والإخشيدية في مصر، والإمارة الحمدانية في الموصل وحلب، حيث أتاح ضعف الخلفاء ودخول شعوب غير عربية في الإسلام مع تعصبها لقومياتها نشوء نوع من اللامركزية في الحكم، لتبقى معظمها مرتبطة شكليا وروحيا بالخليفة في بغداد. ووفقا لصحيفة "البيان" الإماراتية يستعرض المؤلف سيرة أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر وبلاد الشام التي عمرت ما يقرب من ثمانية وثلاثين عاما، وهو من قبيلة التغزغز التركية في تركستان، ويعتبر المؤلف دخول بن طولون في خضم الحياة السياسية المضطربة في العراق، حيث تمتع باحترام الأتراك وثقتهم كما نال ثقة الخلافة واحترامها، فكانت علاقته بكل من الخليفتين المتوكل والمستعين جيدة، وبدأت صلته بهذا الأخير خلال عودته من طرسوس. ويتناول الكتاب الإمارة الإخشيدية (935- 968 م) حيث ينتسب الإخشيديون إلى الإخشيد وهو لقب إيراني قديم منحه الخليفة العباسي الراضي لأبي بكر محمد بن طغج بن جف في يوليو 939 م بناء على طلبه، وهو مؤسس الدولة الإخشيدية حيث نهج أسلوب أحمد بن طولون في الاعتماد على الأنصار وشراء الناس، وقد عينه الخليفة واليا على مصر في 31 اغسطس وضمت إليه بلاد الشام والحرمين. ويتطرق المؤلف إلى علاقة محمد بن طغج مع الخلافة العباسية التي كانت جيدة حتى عام 939 م، فقد دعا الإخشيد للخليفة المطيع على المنابر، إذ يعد نجاحه في تدعيم حكمه في مصر واستقرار حكمه في بلاد الشام حدا فاصلا في علاقته بالخلافة، وتشهد النقود التي ضربها على تطور هذه العلاقة حيث كانت الدنانير المضروبة باسم الراضي بين عامي (935- 940 م)، وبعضها المضروبة باسم المتقي في عام 941 م، بأن الإخشيد كان لا يزال يدين بالطاعة للخليفة العباسي، إلى أن تغير الوضع منذ ذلك عندما راح الإخشيد ينقش اسمه على النقود مع اسم الخليفة. ويسلط الباحث الضوء على الإمارة الحمدانية في الموصل وأصل الحمدانيين الذين يعود نسبهم إلى جدهم أبي العباس حمدان بن حمدون من قبيلة تغلب العربية العدنانية، وهو أقدم فرد في هذه الأسرة له دور تاريخي حيث أنجب ثمانية أولاد اشتهر منهم أبو الهيجاء عبد الله الذي أنجب ولدين هما الحسين ناصر الدولة، وهو مؤسس فرع الأسرة الحمدانية في الموصل، وعلي سيف الدولة وهو رأس الأسرة الحمدانية في حلب. ويشير المؤلف إلى بروز حمدان بن حمدون على المسرح السياسي وذلك في مطلع النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حيث شارك زعيمهم حمدان بن حمدون في الأحداث السياسية في الموصل التي أثارها الخوارج والولاة العباسيون، وهو يطمع في الاستئثار بالسلطة أسوة بما كان يجري في ولايات الأطراف.