يوضح كتاب "الدم والغضب: التاريخ الثقافي للإرهاب" لمؤلفه مايكل بورليه أن الإرهاب ليس أيديولوجيا أو عقيدة أو سياسة أو حالة سيكولوجية، بل هو سلاح، وسلاح قديم قِدَم الحرب نفسها. الإرهاب، حسب مؤلف هذا الكتاب، ليس مفهوماً جديداً، فإن أول قنبلة أنفاق انفجرت في لندن زرعها أحد أعضاء إحدى الجمعيات الأيرلندية عام 1883، وأول هجوم انتحاري كان على رئيس وزراء روسيا عام 1906، وأول شحنة ديناميت وُضعت في طائرة كان عام 1907 من قبل المتطرف بوريس سافنكوف. أما انفجار أول سيارة مفخخة فقد كان في وول ستريت في نيويورك عام 1920. ويؤكد مؤلف الكتاب وفق ما كتب نامق كامل بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أن أغلب كتب التاريخ مليئة بصور العنف. فمن الفايكنغ حتى الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش، كان إرهاب العدو يشكل جزءاً لا يتجزأ من تحقيق النصر. يستهل مايكل بورليه موضوعه في تاريخ ثقافة الإرهاب بالهجمات الأيرلندية في بريطانيا منتصف القرن التاسع عشر، مباشرة في أعقاب اكتشاف السويدي ألفريد نوبل إمكانية الاحتفاظ بالنتروغليسرين كعجينة. كانت هذه العجينة "الديناميت"، أول تقدم في عالم تكنولوجيا الإرهاب، التي بمقدورها أن توفّر قتلاً جماعياً لأولئك الذين لا يمتلكون جيشاً نظامياً. ويرى بورليه أن تأثير الإرهاب قد عزّزته وهوّلت منه وسائل الإعلام، لأن جوهر الإرهاب لا يكمن فقط في أعداد الضحايا التي يتسبب فيها، وإنما في حجم الضربة والضجة التي يحدثها من حوله. يعرف المؤلف الإرهاب على أنه "تكتيك يُستخدم في الأساس من قِبَل أشخاص غير معروفين لخلق مناخ من الخوف والرهبة تعويضاً عن السلطة الشرعية السياسية التي لا يمتلكونها". ومن خلال المزج بين الإرهاب، كسلاح، والأسباب التي وُظف من أجلها، نجد الكاتب يستخلص بعض النتائج، ومنها على سبيل المثال قوله إن الجيش الجمهوري الأيرلندي، ربما لم يكن ليحقق مسألة إعادة توحيد أيرلندا من خلال الإرهاب، ولكن من خلال اتفاق يوم الجمعة العظيمة، حيث ربحوا كل شيء، وتم إطلاق سراح أعداد كبيرة من "الإرهابيين السابقين"، الذين شارك بعضهم في الحكومة. والشيء نفسه يمكن أن يقال عن المؤتمر الوطني الأفريقي الذي حقق انتصاراً كبيراً بعد عدّة حملات إرهابية محدودة في جنوب أفريقيا، إلى جانب استخدام وسائل تكتيكية مثل القنابل، الدعاية والإعلان أو التأثير السيكولوجي لأعمال العنف أو الإرهاب.