القاهرة: صدر مؤخراً رواية للأديب الشاب بهاء عبد المجيد تحمل اسم "جبل الزينة" وصدرت عن دار "الدار" للنشر، اعتمد فيها علي الأسطورة بشكل كبير، بل تكاد تطغى الأسطورة علي ملامح الرواية، ولا يلمح القاريء فيها، سوي سلسلة من الأساطير. قصد الكاتب من ورائها بعض الاسقاطات السياسية والثقافية والاجتماعية، علي الواقع المعاصر، أراد من خلالها، أن يفتح طاقة علي التاريخ، ليؤكد مبدأ الأزلية في كل شيء: الزمان والمكان والعادات والتقاليد، بل أزلية البشر أنفسهم الذين لم تتغير بعض عاداتهم منذ آلاف السنين، ويرفضون تغييرها، بل ويحاربون كل محاولة للتغيير. تدور أحداث الرواية وفقاً لجريدة "أخبار الأدب" المصرية حول عثور أهل قرية شكشوك الساحلية، علي جثة لرجل متوسط العمر، ملقاة علي شاطيء بحيرة قارون بالفيوم، ومن خلال سعي أبناء القرية للبحث عن هوية صاحب الجثة، تدور أحداث الرواية، التي لا تزيد عن حّكايا متناقضة ومتعددة من نساء وشباب وأطفال القرية حول الرجل الغريب صاحب الجثة: بعضها تكهنات، وبعضها حقائق، وبعضها من صنع خيالاتهم البحتة، وتنتهي تلك الحّكايا باختفاء الجثة فجأة كما ظهرت فجأة، ثم يدور البحث مرة أخري، ولكن هذه المرة، حول سر اختفاء الجثة، فنري مجموعة من الصيادين يقسمون أن القمر قد هبط من هناك وانشق ونزلت منه أميرة جميلة ترتدي البياض وتجر وراءها شعرها الطويل. حملت الجثة بين ذراعيها وصعدت بها نحو السموات العليا، وهي تذرف دموعا، ما لبثت أن نمت في موضعها أشجار النخيل والزيتون، وفي اليوم التالي، عادت الحياة من جديد في القرية، فنري القوارب تتهادي علي مياه البحيرة، وينشغل الصيادون برمي شباكهم، ويتزايد هرج ومرج الأطفال في الحقول، ويعلو صوت الباعة، وتمتليء القرية من جديد بالأغراب، ويغيب القمر شهرا كاملا عن القرية بدون بزوغ، ويتجمع صيادو قرية شكشوك كل ليلة حول النار، يعيدون رواية الفتاة الجميلة فارعة الطول التي يرونها تمشي ليلا عند سور البحيرة، تنظر للماء وتهرول تجاه الشاطيء، وتغني بصوت شجي، وتبقي علي ذلك الحال حتي انبثاق القمر، فتختفي. تتعدد الحكايات أو الأساطير، ولكنها حسبما ذكرت أخبار الأدب تصب في أسطورة واحدة رئيسية، هي أسطورة الأرض والإنسان: الأرض هي الأم، هي الأنثي التي اشتهت هذا الرجل، وهو كل إنسان دفعته رغبته في الكشف عن الحقيقة إلي حتفه، فهو دائم البحث عن الفتاة لأن معها مفاتيح الحكمة الغائبة عن البشرية. ولأن مؤلف جبل الزينة أراد لمجنونه في الرواية الأبدية، أسرف في استخدام الأسطورة التي جعلت منه ميتاّ بين الأحياء، وحيا بين الأموات. وتبقي الحقيقة، أنه سيقوم ويرفع يوما ما من جبل الزينة. يتهاوي من تحته هيكل علي هيئة صليب، وتتحول الأشواك إلي زهور نرجس، ويظل الغريب بلا اسم أو دين أو وطن أو عنوان!.