يؤكد جان بيير شوفنمان باستمرار على تظامنه المطلق مع قضايا المسلمين في فرنسا وينتقد بشكل لاذع بعض المثقفين الفرنسيين اليهود الذين كانوا يساريين بل وستالينيين وتروتسكيين وماويين في السابق وأصبحوا الآن توراتيين لا يحلفون إلا باسم إسرائيل ويرفضون كل من ينتقد سياستها ويتهمونه بمعاداة السامية! يتجلي ذلك في كتابه "تحديات جمهورية الاسلام في فرنسا: قضايا واشكاليات" لشؤون المسلمين في فرنسا وقضايا العالم العربي بشكل خاص، ففي فصل بعنوان: "الإسلام والجمهورية الفرنسية" ، يقول جان بيير شوفنمان وفقاً لجريدة "الوفاق" الإيرانية ما معناه: إن الهجرة المغاربية التي جاءت إلى فرنسا واستقرت فيها منذ نصف قرن أصبحت جزءا لا يتجزأ من السكان الفرنسيين ، وأقصد بالهجرة المغاربية الجاليات التونسية، والجزائرية، والموريتانية، والآتية من المغرب الأقصى. ثم يردف الوزير الفرنسي السابق قائلا: وينبغي العلم بأن ملايين من مواطنينا ينتمون إلى التراث العربي أو الثقافة الإسلامية ، بالطبع فإني لا أجهل أن ممارسة الطقوس والشعائر لديهم تشكل أقلية قليلة كما هو عليه الحال لدى أتباع الأديان الأخرى الموجودة في فرنسا كالمسيحيين الكاثوليكيين أو البروتستانتيين، أو اليهود. ويتابع الوزير : نحن بلد علماني حديث وممارسة الشعائر الدينية فيه أصبحت نادرة أو قليلة لأن الأمر متروكة للحرية الفردية ولا أحد يجبرك على الذهاب إلى الكنيسة أو الجامع أو الصومعة إذا كنت لا ترغب في ذلك ، بالطبع فإن أحدا لا يمنعك ايضا ، هذه مسألة "بينك وبين ربك". ثم يردف جان بيير شوفنمان بكتابه قائلا: ولكن عندما وصلت إلى وزارة الداخلية وجدت أن المسلمين يصلّون أحيانا في الكهوف وكراجات السيارات ولا يمتلكون أماكن عبادة كافية تليق بهم ، وبما أنهم جاؤوا متأخرين إلى فرنسا فإنهم لا يستفيدون من القانون الذي ينظم العلاقة بين الدين والدولة من خلال النظام العلماني، كما وفوجئت بأن المسلمين، على عكس اليهود وبقية الطوائف المسيحية، لا يمتلكون مجلسا أعلى لتمثيلهم ولمعالجة قضاياهم مع السلطات العامة للبلاد. وقد فكرت في سد هذا النقص ، يقول الوزير بكتابه ، لكي يشعر المسلمون بأنهم مواطنون مثلهم في ذلك مثل بقية سكان فرنسا، ولأول مرة استقبل رئيس الجمهورية جاك شيراك عام 2000 بعض الشخصيات الإسلامية التي جاءت لتهنئته بالسنة الجديدة كما جرت العادة مع ممثلي الأديان الأخرى من مسيحية ويهودية ، ولكنه استقبل هذه الشخصيات بشكل منفصل عن الوفد الرسمي المسيحي-اليهودي ، ولكن الأمور تحسنت وأصبح شيخ جامع باريس الكبير يحضر مع مطران باريس ومع حاخام فرنسا الأكبر لتهنئة رئيس الجمهورية بالعام الجديد في قصر الاليزيه. وأتذكر أن البروفيسور جاك بيرك وجّه نداء إلى فرنسا من جهة، وإلى مواطنينا ذوي الأصل الإسلامي والحضاري من جهة أخرى. فقد ذكّر فرنسا ببعدها المتوسطي وضرورة انفتاحها بالتالي على دول الجنوب المغاربية الإسلامية. ولذلك، وفي 23 نوفمبر 1997 اقترح الوزير في مدينة ستراسبورغ تأسيس هيئة تمثيلية للإسلام الفرنسي، وكذلك تأسيس معهد للبحوث والتعليم الإسلامي من أجل فهم هذا الدين الكبير والتعريف به بشكل أفضل. ثم يردف جان بيير شوفنمان قائلا: لقد كان مستشاري في هذه الشؤون العربية والاسلامية هو دائما البروفيسور جاك بيرك. ومعلوم أن جاك بيرك كان قد شُغِل في أواخر حياته بتقديم ترجمة فرنسية كاملة للقرآن الكريم. وقد كتب لها مقدمة هامة يقول فيها ما معناه: لقد فوجئت بتكرار الدعوة إلى العقل والعقلانية في القرآن. أفلا يعقلون؟ صم بكم عمي فهم لا يعقلون! إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، الخ، وبالتالي فالقرآن الكريم هو كتاب عقلاني ويعترف بالعقل على عكس ما يتوهم الكثيرون من الأوروبيين. ثم يردف البروفيسور بيرك قائلا: "وعن طريق هذه العقلانية الموجودة في القرآن الكريم يمكن للمسلمين أن يدخلوا العصر ويقبلوا بالعلم ويتصالحوا مع العلمانية والحداثة" .