مشروع "كمبيوتر لكل طفل" في مهب الريح بعد انسحاب إنتل واشنطن: في قرار غريب ومفاجئ، انسحبت شركة إنتل الأمريكية المتخصصة فى إنتاج معالجات الحاسبات من مشروع "حاسب لكل طفل" الذي يهدف إلى وصول الكمبيوتر للأطفال فى الدول الفقيرة نظير مبلغ زهيد لا يتعدي 100 دولار. وأرجعت الشركة السبب وراء هذا القرار إلى "أسباب فلسفية" على حد قولها دون تفسير هذه الأسباب مما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الموقف غير المبرر من الشركة العملاقة والذي يعد ضربة قاسية لمشروع طالما سعت إليه المنظمات الكبري لتقليل الفجوة الرقمية بين الدول. وكانت إنتل قد انضمت إلى المشروع في 2007 بعدما كانت منافستها الكبرى AMD هي التي تصنع معالجات الكمبيوتر المحمول زهيد الثمن، وكان مقرراً أن تنتج نسخة جديدة من اللابتوب المعروف أيضا باسم "XO" في حفل لاس فيجاس في الخامس من الشهر الجاري. وقد صمم اللابتوب الأخضر الفاقع والأبيض خصيصاً للأطفال ولمقاومة الظروف الصعبة، لكنه مع ذلك مجهز بكاميرا وآلية شحن يدوية ويمكنه الاتصال بشبكة الانترنت عبر تكنولوجيا الواى فاي. وإنتل تنتج أيضاً نوعاً مشابهاً من الكمبيوترات المحمولة تحت اسم كلاسميت أو "زميل الدراسة" بخصوصيات مشابهة لخصوصيات الXO لحد كبير، وتسوقه الشركة أيضاً في نفس المناطق التي يستهدفها مشروع "لابتوب لكل طفل" مما أثار حفيظة مدراء المشروع. ونقل موقع الاذاعة البريطانية على الإنترنت عن المتحدث باسم إنتل تشاك مولي قوله إن "لابتوب لكل طفل" طلب من إنتل التركيز على المشروع ووضع حد لكل المشاريع الأخرى، بما في ذلك الكلاسميت، "لكنه طلب ليس بمقدورنا تنفيذه". وأكد المتحدث ان استخدام لابتوب لكل طفل لمعالجات AMD من قبل لم يؤثر على قرار الانسحاب بتاتا. ولم يعلق مسؤولو المشروع لحد الآن على هذا التطور. وكان مدير "لابتوب لكل طفل" نيكولاس نيجروبونتي قد اتهم انتل بمحاولة نسف المشروع، وذلك قبل انخراطها فيه. يشار إلي أن مؤسسة "حاسب محمول لكل طفل" غير الهادفة للربح قامت بحملة دعائية لبيع الأجهزة التي تقوم بإنتاجها بالولاياتالمتحدة وكندا مقابل 400 دولار، بزيادة الضعف عما كان مقرراً سلفاً. وتقوم الحملة التي أطلقتها المؤسسة على شعار "تبرع بواحد، وإشتر آخر"، حيث يقوم المقيمون بهاتين الدولتين بدفع المقابل المادي لشراء حاسبين، يذهب أحدهما إلى أحد الأطفال الفقراء بدول العالم الثالث. كانت مؤسسة "حاسب محمول لكل طفل" قد قررت في وقت سابق زيادة أسعار الأجهزة التي تعتزم إنتاجها لفقراء العالم لتباع مقابل 188 دولارا، بزيادة 12 دولارا عن المبلغ الذي كانت قد أعلنت عنه في مايو الماضي. كانت شركة "إنتل" الأمريكية لصناعة المعالجات قد أعلنت في يوليو الماضي عن توصلها لاتفاق مع مؤسسة "حاسب محمول لكل طفل" تقوم بموجبه بالمساهمة في عمليات تصنيع الأجهزة. يأتي ذلك فى الوقت الذي تواجه شركة إنتل أكبر مصنع للمعالجات الإلكترونية فى العالم تهم رسمية من المفوضية الأوروبية لاستخدامها أساليب غير قانونية ضد منافستها الأصغر حجما شركة "ادفانسد مايكرو دفايسيز" AMD. وتنتج الشركتان جميع رقائق وحدة المعالجة المركزية وهي قلب أجهزة الكمبيوتر وأجهزة السيرفر التي يبلغ عددها مليار جهاز على مستوى العالم. وأجرت المفوضية تحقيقات استمرت سنوات فيما إذا كانت إنتل قد اتبعت أساليب غير عادلة للحفاظ على هيمنتها على السوق في مواجهة AMD، بعد أن قامت الأخيرة برفع دعاوى قضائية على إنتل في الولاياتالمتحدة وأمريكا الجنوبية ومناطق أخرى لكن المحاكم لم تبت في الدعاوى. وزادت حصة AMD في السوق على حساب إنتل في عام 2005 وأغلب 2006 لكنها شهدت تراجعا في وقت لاحق من العام الماضي عندما طرحت إنتل معالجات جديدة قوية وخفضت أسعار الطرز القديمة. يذكر أن إنتل شهدت تحديات سابقة من الحكومة الأمريكية، حيث قامت بتسوية اتهامات مع لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية في عام 1999 وأوقفت اللجنة تحقيقاً آخر بشأن ممارسات التسويق بالشركة في عام 2000. وماحدث لإنتل يشبه إلى حد كبير ماحدث لمايكروسوفت عندما أبدت المفوضية الأوروبية قلقها بشأن نظام فيستا متخوفة من مخاطر أن تقطع مايكروسوفت الطريق على منافسيها بتضمين النظام الجديد خواص حماية جديدة. وليست هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها مواجهة بين المفوضية الأوروبية وشركة مايكروسوفت، ففي عام 2004 توصلت المفوضية إلى أن مايكروسوفت أساءت استغلال وضعها المهيمن في السوق فيما يتعلق بمشغلات الوسائط الصوتية والمرئية وخادمات أجهزة الكمبيوتر مما أضر بمنافسيها الأصغر حجماً ممن لهم منتجات مماثلة. وفرضت المفوضية على مايكروسوفت فصل مشغل ويندوز ميديا بلاير عن نظام التشغيل الأساسي، بالإضافة إلى توقيع غرامة قدرها 497 مليون يورو لكن مايكروسوفت طعنت في هذا القرار. وتكرر السيناريو مرة أخرى في يوليو الماضي ولكن هذه المرة لعدم تنفيذ مايكروسوفت لقرار يلزمها بالكشف لمنافسيها عن معلومات تتعلق بأجهزة الخادمات مما دعى المفوضية الأوروبية إلى توقيع غرامة ثانية قدرها 280.5 مليون يورو.