«العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    انتخابات مجلس النواب.. أسماء محافظات المرحلة الثانية    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 بأسواق الأقصر    سعر الذهب اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 وعيار 21 للبيع.. خبير يكشف توقعات الفترة المقبلة    مساء اليوم.. الجيزة تعلن قطع المياه 6 ساعات عن هذه المناطق (تفاصيل)    الفيدرالي الأمريكي والإغلاق الحكومي، هل تتغير قواعد اللعبة بعد تهديد ترامب؟    وزير الزراعة: لا تهاون مع المتلاعبين بالأسمدة.. ووقف الدعم في هذه الحالة    تكريم الشركات المصرية المساهمة في صيانة "كيما" بحضور وزير قطاع الأعمال    «اعتقدنا أنه هجوم نووي».. انفجار مصفاة نفط يثير الرعب في لوس أنجلوس (صور)    جيش الاحتلال ينشئ موقعا عسكريا قرب شارع الرشيد بمدينة غزة    أول تعليق من الفصائل الفلسطينية حول خطة ترامب    سلوت يثير الجدل بشأن إصابة نجم ليفربول.. ويكشف موقف إيكيتيكي    كرة القدم النسائية، الأهلي يواجه فريق مسار في بطولة الدوري اليوم    بوستيكوجلو: لا يمكنني التحكم في رأي الجماهير بشأن المطالبة بإقالتي    مصرع شخصين وإصابة آخر في انقلاب سيارة بطريق رأس غارب- الغردقة    مخرج «استنساخ»: سامح حسين مغامر واعتبره رمزًا تأثرت به كثيرًا    وعكة صحية تضرب محمد زيدان، تعرف على التفاصيل    أفضل الأعمال المستحبة في يوم الجمعة.. الإفتاء توضح    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    فوائد السمك للطفل الرضيع وشروط تقديمه    طارق الشناوي يشيد بفيلم «فيها إيه يعني»: مختلف وجريء.. يُبكيك ويُضحكك    غدًا.. استكمال محاكمة سارة خليفة و27 متهمًا بتخليق المواد المخدرة وتصنيعها    مواعيد مباريات الجمعة 3 أكتوبر.. البنك الأهلي ضد المصري والدوري الإنجليزي    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    أحمد ربيع يقترب من الظهور الأول مع الزمالك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    إسرائيل تستهدف منظومة دفاعية لحزب الله في جنوب لبنان    بريطانيا..مقتل 2 وإصابة 4 في هجوم دهس وطعن خارج كنيس يهودي    هل تتحقق توقعات ليلى عبد اللطيف بثراء 4 أبراج فى أواخر عام 2025؟    بوتين يحذر أمريكا من تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    القنوات الناقلة مباشر لمباراة مصر ضد تشيلي في كأس العالم للشباب 2025    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على غرة الشهر الكريم وعدد أيام الصيام    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    تصريح صادم من سماح أنور عن المخرجة كاملة أبو ذكري    محافظ الإسكندرية عن التكدسات المرورية: المواطن خط أحمر ولن نسمح بتعطيل مصالحه    القبض على المتهم بالشروع فى قتل صاحب محل بالوراق    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    رياض الخولي أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي: "أول مرة أحضر مهرجان .. وسعيد بتكريمي وأنا على قيد الحياة"    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    انفصال 4 عربات من قطار بضائع بسوهاج    أسعار الخضروات في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخصخصة الاقتصادية موضوع مراجعة في الأردن

(دعوة ملكية ب"تكليف" إلى "مراجعة سياسات وعمليات الخصخصة"، واعتراف ملكي شجاع بعدم الثقة في صواب هذه السياسات التي انتهجت كحل ل"الأزمة الاقتصادية")

بينما خصص الملك عبد الله الثاني في كتاب تكليف د. عبد الله النسور بتأليف حكومة أردنية جديدة في العاشر من الشهر الجاري فقرتين من (177) كلمة للسياسة الخارجية في ختام كتاب التكليف المكون من (2120) كلمة، و(10) فقرات من (676) كلمة للشأن الداخلي بتركيز على مواصلة الإصلاح السياسي، فإن الاقتصاد حظي ب(13) فقرة مؤلفة من (825) كلمة تضمنت دعوة إلى "مراجعة سياسات وعمليات الخصخصة" وسط مطالب شعبية متسعة ومتصاعدة للتراجع عن هذه السياسات.

لكن الممارسة السياسية كانت تعطي الأولوية لإصلاح سياسي تصفه الأدبيات الماركسية بأنه مجرد "بنية فوقية" للبنية الاقتصادية التحتية التي تفرز نخبها السياسية الحاكمة، وبالتالي فإن تقديم أولوية الإصلاح السياسي على أولوية الاصلاح الاقتصادي هو مثل "وضع العربة أمام الحصان"، ف"مسيرة الإصلاح وما أنتجته من قواعد دستورية وقوانين ومؤسسات ديموقراطية"، كما وصفها كتاب التكليف، لن تكتمل وسوف تظل على الأرجح عرجاء ما لم يكن حصان الإصلاح الاقتصادي في المقدمة يسحب عربة الإصلاح السياسي خلفه.

إن تأليف خمس حكومات أردنية خلال أقل من عامين منذ أوائل عام 2010 هو مؤشر لا يمكن الخطأ فيه إلى الخطأ الفادح في ترتيب أولويات الإصلاح بين الاقتصادي وبين السياسي.

وربما تكون الفقرة الأهم في كتاب التكليف الملكي للدكتور النسور هي التالية:

"لقد أكدنا في أكثر من مناسبة ضرورة إجراء تقييم موضوعي للسياسات الاقتصادية التي اتبعها الأردن خلال العقدين الماضيين. وعليه، فإنني أدعو إلى تشكيل لجنة من الخبراء المحليين والدوليين في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية من ذوي الخبرة والنزاهة والحياد، وتكليفهم بمراجعة سياسات وعمليات الخصخصة التي قامت بها الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ الأزمة الاقتصادية عام 1989، للوقوف على أثرها الاقتصادي والاجتماعي على أساس الحقائق وليس الانطباعات أو الإشاعات، لمعرفة نقاط الضعف والنجاح وإطلاع المواطنين على نتائجها بكل شفافية، والاستفادة من الدروس المستقاة، وتضمينها في عملية رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية".

إنها دعوة ملكية ب"تكليف"، جريئة وصريحة لا لبس فيها، إلى "مراجعة سياسات وعمليات الخصخصة" المعمول بها في الأردن منذ حوالي عقدين من الزمن، واعتراف ملكي شجاع بعدم الثقة الملكية في صواب السياسات الاقتصادية التي انتهجت كحل ل"الأزمة الاقتصادية عام 1989" التي فجرت آنذاك ما يسمى شعبيا "هبة نيسان"، فتلك الأزمة الاقتصادية قد استفحلت حتى استحكمت الآن.

في حينه، كان تحرير المواطن الأردني من قانون الطوارئ بإلغائه حلا سياسيا للأزمة قاد إلى انفراج في الحياة السياسية والحريات العامة، لكن سياسات تحرير الاقتصاد وخصخصته وبيع القطاع العام التي أعقبت إلغاءه كانت لها نتائج عكسية اقتصاديا وسياسيا على حد سواء، بدليل الدعوة الملكية الجديدة والمؤكدة "في أكثر من مناسبة" إلى "ضرورة إجراء تقييم موضوعي" لهذه السياسات ومراجعتها.

والدعوة الملكية إلى مراجعتها تعبر عن تماس مع "الربيع العربي" الذي أشار إليه كتاب التكليف، إذ لا يجادل أحد الآن بأن سياسات تحرير الاقتصاد وعولمته حسب وصفات البنك وصندوق النقد الدوليين وشروطهما وفرت البيئة الموضوعية للدافع الاقتصادي لانفجار الحراك الشعبي العربي المطالب بإلغاء تلك السياسات، بقدر ما تعبر الدعوة أيضا عن تماس مع المطالب الشعبية المتسعة والمتصاعدة في المملكة بالتراجع عن تلك السياسات وليس بمراجعتها فقط.

وفي الأزمة السورية الدموية التي تدق أبواب الأردن اليوم، على سبيل المثال، لم يعد خافيا أن مثل تلك السياسات كانت المسؤولة الرئيسية عن خلق الاحتياطي البشري للتمرد المسلح على الدولة وللتجنيد في صفوف منظمات إرهابية سياسية وجنائية من جيوش العاطلين عن العمل والنازحين من الأرياف إلى أحزمة الفقر العشوائية في ضواحي المدن بعد أن قادت تلك السياسات إلى تدهور الزراعة والصناعة والحرف الوطنية وتآكل شبكة الأمان الاقتصادي والاجتماعي التي كان يوفرها القطاع العام السوري قبلها.

لقد أشار كتاب التكليف الملكي للنسور إلى أن "التطورات الاقليمية"، ومنها طبعا الأزمة السورية، "قد رتبت تحديات أمنية غير مسبوقة" على المملكة، و"مراجعة" تلك السياسات تمهيدا للتراجع عنها سوف يقود إلى نزع فتيل عوامل داخلية توفر احتياطيا بشريا مماثلا يمكن لل"تحديات الأمنية" الخارجية استغلاله، مثل معدل البطالة المقدر رسميا بأكثر من (12%) بينما يقارب "المعدل غير الرسمي (30%)"، ومثل وجود حوالي (14%) من السكان تحت خط الفقر، حسب آخر تحديث لموقع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي ايه" على شبكة الانترنت.

في دراسة بعنوان "إعادة النظر في الاصلاح الاقتصادي في الأردن: مجابهة الحقائق الاجتماعية الاقتصادية" لمؤسسة كارنيجي الأمريكية نشرتها في تموز / يوليو عام 2007، خلص الباحث في المؤسسة سفيان العيسى إلى أن عملية "الإصلاح الاقتصادي" التي بادر الأردن إليها على مراحل منذ عام 1989 "قد فشلت في ايجاد حلول تدوم لمدة طويلة للتحديات الكبرى الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد"، وأن "الأردن بحاجة إلى مجابهة حقائقه الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية، ومنها الفقر والبطالة والدين العام والاعتماد الكبير على المعونة الخارجية. والفشل في معالجة هذه التحديات من المحتمل أن يمثل تهديدا حقيقيا للاستقرار في البلاد، خصوصا في ضوء الاحباط السياسي" المرتبط بالتطورات الإقليمية.

ويظل "عصب العملية الاقتصادية هو الطاقة" في الأردن كما جاء في كتاب التكليف، وهذا عصب لا يمنح المملكة أي فسحة لالتقاط الأنفاس، ومن المؤكد أن ما وصفه السفير السابق لدولة الاحتلال الإسرائيلي أوديد عيران في مقال له مؤخرا ب"الاستجابة السخية من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة وبعض دول الخليج" العربية المنتجة للنفط للتحديات الاقتصادية والمالية الأردنية لا يحل أزمة الطاقة في المملكة، بل يحلها قرار سياسي صادق النية تتخذه إحدى العواصم العربية النفطية في شرقه وجنوبه، في الأقل لأسباب براغماتية إن لم يكن بدافع التضامن العربي، ينتشل الأردن من أزمته بتعويضه عن "المنحة النفطية" العراقية قبل الاحتلال الأمريكي ما يغنيه عن البحث عن الطاقة النووية حلا لأزمته.

ولأن الأردن لا يملك رفاهية احتواء مضاعفات تلك السياسات على الطبقة الوسطى المتآكلة والشرائح الأفقر من المجتمع بالسيولة النقدية المتوفرة لدول النفط والغاز العربية، فإن "مراجعة سياسات وعمليات الخصخصة" تمهيدا للتراجع عنها هي استحقاق أمني بقدر ما هي شرط مسبق لنجاح الإصلاح السياسي كما اثبتت التجربة منذ عام 1989.

إن الدعوة الملكية إلى تأليف "لجنة من الخبراء المحليين والدوليين" لمراجعة تلك السياسات جديرة بمنحها أولوية على جدول أعمال حكومة د. النسور التي أدت اليمين الدستورية يوم الخميس الماضي، وربما يكون تأليف هذه اللجنة وحفزها لإنجاز المراجعة المطلوبة وتقديم توصياتها بشأنها هو الانجاز الأهم لحكومة د. النسور خلال الشهور القليلة المتوقعة من عمرها.

* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.