حرق العلم .. أقل رد ممكن تحولت منطقة السفارة الأميريكية والشوارع المحيطة بها أمس، إلى ميدان تحرير مصغر، حيث اجتمعت مئات من جميع طوائف الشعب، للتوحد حول إدانة جريمة أقباط المهجر فى حق الرسول "محمد – صلي الله عليه وسلم"، فمنذ عصر أمس والحناجر والأيدي متشابكة ما بين مسلم وقبطي وليبرالي ويساري وأولتراس وممثلي عديد من الائتلافات الثورية، إلى جانب رموز الأحزاب السياسية والدينية. وقبل قليل من كتابة هذه السطور، وقعت اشتباكات محدودة، عندما قام عدد من المتظاهرين بإلقاء بعض الشماريخ فى محيط السفارة، وهتف البعض ضد وزارة الداخلية والأمن المركزي، مما استنفر عدد من جنود الأمن المركزي الذين تواجدوا بكثافة لتأمينها، إلا أن آخرين تدخلوا لإنهاء الاشتباكات، هاتفين "سلمية.. سلمية"، وحيث لم يتبق هناك سوي عدة عشرات. والمؤكد أن الثائرين على الإساءة للنبي، قد فاجئوا جميع المراقبين، ومن قبلهم رجال الأمن المتواجدين فى موقع السفارة، ما بين مصريين وأمريكيين من قوات المارينز، حيث لم يتوقع أحد أن ينجح منظموا التظاهرات فى حشد هذا الكم من الشباب والرجال والنساء، وهو ما شجع عدد من "كوماندوز" الثورة على تحدي رصاصات المارينز والصعود إلى قمة السفارة الأميريكية، وإنزال علمها وتمزيقه، ثم إحراقه فى مشهد يذكر بمثيله الذي حدث قبل عام عندما تم اقتحام سفارة العدو الصهيوني، ردا على جريمته فى حق الجيش المصري الذي استشهد منه 6 جنود برصاص العدو......... بينما كانت الجريمة اليوم أشد، فهي في حق أهم رمز فى الدين الإسلامي، وفى ظل تجاهل أقرب إلى التواطئ من جانب الحكومة الأميريكية، بدعوى أنه لا يوجد قانون يمنع سب الأنبياء طبقا للعدالة على الطريقة الأميريكية...... فكان الرد الوحيد المناسب، على الطريقة المصرية بتنديس أهم رمز أمريكي وهو "العلم". كلنا مصريين ومن قلب الحدث، أجري محرر "مصر الجديدة" حوارات مع المتظاهرين، كما فى السطور التالية: أبو يوسف حسين – طالب بمعهد ألكترونيات بامبابة – تساءل فى غضب: "يا تري فين الناس اللي ثاروا عشان إلهام شاهين ولا عملوا نفسهم ميتين دلوقتي؟ .... وواصل: إن كنا نثور من أجل الرئيس مرسي "اتشتم" أو "ممثلة" اتهانت ولا نثور لإهانة سيد الخلق أجميعن يبقي علينا كلنا السلام. وقال "محمد متولي" – موظف شاب من المحلة – أنا سافرت من الصبح عشان اشارك فى المظاهرات المساندة للرسول، ضد أعداء الدين والإنسانية، وقد تركت زملاء لي هناك يقومون بعمل "جرافيتي" ضمن حملة موسعة تحت شعار "إلا رسول الله"، فى شوارع المدينة، ردا على الحملة المُسيئة للرسول "محمد - صلى الله عليه وسلم". وقال "على الفقي" - ناشط سياسي" - إذا كانت الحكومة الأميريكية لا تستطيع أن تمنع مواطنيها من العبث بالدين ورموزه، بما يعتبر شكلا من أشكال التعصب والتمييز الديني، فإنه ليس من حقها ولا من حق الحكومة المصرية أن تمنع المسلمين والمصريين عموما من إبداء رأيهم بالطريقة التى تتناسب والجريمة التى وقعت، وأساءت إليهم جميعا، وتكاد تتسبب فى فتنة طائفية، فى الوقت الذي لو أننا سكتنا أكثر وأكثر فسوف تزداد الجرائم فى حق النبي أكثر وأكثر. وقال "بيشوي باهي" – مواطني قبطي - انا قبطى مصرى ولا أحد من الاقباط راضي عما حدث فى أمريكا ... والأنبا باخوميوس أكبر قيادة كنسية أدان الجريمة، ومع احترامي الشديد فأنا حضرت لكي أشارك اصدقائي المسلمين غضبهم لدينهم، ولكني حزنت من إن البعض عمم الاتهامات على كل الاقباط، "إحنا مصريين كلنا ومش لازم نسمح لأحد إنه يفرقنا". إهدار دماء المجرمين جدير بالذكر وأنثاء كتابة هذه السطور، تلقت "مصر الجديدة" بيانا من نقيب الأئمة والدعاة، أعلن فيه إهدار دماء جميع من شاركوا فى الجريمة بحق النبي محمد - صلي الله عليه وسلم - مؤكدا على دعوته لجميع أبناء "الشعب المصري مسلمين وأقباطا "أن ينتبهوا ويفيقوا لأن الغرض من كل ذلك هو تأجيج نار الفتنة الطائفية فى مصر" ..وهذا ما لن يحدث أبداً بمشيئة الله تعالي ..فالمسلم والمسيحي بمصر هم نسيج واحد منذ الفتح المجيد علي أيدي عمرو بن العاص رضي الله عنه".