إدراك أى مؤسسة تمويلية سواء كانت بنك أو شركة للنجاح أمر مرهون بقدرة هذه المؤسسة على تكوين شبكة من عملاء جادين على دراية تامة بأهداف المؤسسة وآليات تحقيق هذه الأهداف، إلا انه من الواضح جليا أن القائمين على إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى لا يدركون هذا الأمر، حيث اعتادوا خلال السنوات الأخيرة على تطبيق سياسة "تدوير القروض" التى تنطوى على خراب للفلاح والبنك فى آن واحد.. وحول تلك القضية دار التحقيق التالى: د. جمال صيام مستشار مركز الدراسات والبحوث الزراعية بجامعة القاهرة قال: إنه من صعب من مشكلة استدانة الفلاحين سماح البنك رغبة فى تحقيق المزيد من الأرباح للفلاحين بالقيام بعمليات تدوير القروض، وبالتالى فإن أصبح من الهين على الفلاح أن يتخذ قرار التدوير بدلا من الالتجاء إلى بيع أصوله أو رهنها ظنا منه بأن الأحوال سوف تتحسن، ورحب البنك بقرارات التدوير لكونها تحل مشكلة آنية. وأضاف أن أكثر ما يعانيه الفلاح من أزمات هو نتيجة منطقية لغياب السياسات التكاملية فى القطاع الزراعى عامة وبنك التنمية والائتمان الزراعى خاصة، حيث تجد هذا البنك الذى تم تأسيسه بالأساس لمساعدة الفلاح أحد أهم مسببات أزمات الفلاح فى هذه الآونة؛ لكونه بدأ يمارس دوره كبنك تجارى بدون توعية المزارعين بمخاطر توسعه فى الإقراض. وأكد د. أسامة البهنساوى أستاذ الاقتصاد الزراعى بكلية الزراعة جامعة الأزهر أنه هناك مجموعتين متباينتين من الأسباب المسئولة عن تراكم مديونية بنك التنمية والائتمان الزراعى على الفلاحين، أولها، تلك المتعلقة بالبنك، حيث انتشار الفساد الإدارى لموظفى البنك، ونقص المعلومات، التى يحصل عليها من العملاء، وعدم القيام بالدراسات الائتمانية اللازمة، وعدم إتباع سياسات حافز الربح. وأشار إلى أنه بالإضافة لهذه الأسباب الكامنة فى منظومة عمل البنك هناك أيضا الأسباب الخاصة بالعملاء من الفلاحين، حيث غلبة حالة من عدم الالتزام بالإرشادات البنكية، وإخفاء البيانات اللازمة عن إدارة البنك، وتعنت بعض العملاء عن السداد، موضحا أنه هناك أسباب أخرى تتعلق بالظروف الأخرى كالتقلبات السوقية وزيادة تكاليف الإنتاج، وتعدد أسعار الصرف وتباين القوانين الضريبية التى تهدد قدرة المنتج عن السداد. وطالب البهنساوى بضرورة العمل على التركيز على الاهتمام بالعنصرى البشرى ومحاولة رفع وتنمية مهاراته وقدراته، وإكسابه العديد من الخبرات التى تمكنه من أداء عمله بكفاءة عالية، وفى الوقت نفسه يتخلص البنك من الجمود والبيروقراطية فى التعامل، وتفعيل دور إدارة الحماية الموجودة بالبنك لحماية القروض وحماية الفلاح من مخاطر الزراعة، مؤكدة أهمية عودة البنك إلى أهدافه الأساسية، التى وضعت منذ تأسيسه عام 1911 كبنك للتسليف، والتى تتمثل فى تحرير الفلاح من المرابين والتسليف بفائدة عالية. ومن جهته، قال على شاكر رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى إنه تم وضع خطة جديدة لوقف العمل بنظام "تدوير القروض"، التى يقوم بتمويلها البنك للمستفيدين خلال العام المقبل. وأكد شاكر أن نظام تدوير القروض تسبب خلال السنوات الأخيرة فى خراب واسع سواء فى جانب البنك أو فى جانب الفلاح، وهذا ما يتحرك القائمون على إدارة البنك لتجاوره بأقل خسائر ممكنة، لافتا إلى أن تم بالفعل خلال الشهور الأخيرة حل مشاكل 214 ألف متعثر بما يعادل 60٪ من إجمالى الديون المتعثرة طبقاً لمبادرة الرئيس مبارك.