جامعات مصر تستعيد الريادة    مفتي الجمهورية يستقبل رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم لبحث التعاون المشترك    مطار العلمين الدولي.. بوابة ذهبية على ساحل المستقبل    وزيرة التنمية المحلية: إزالة 2271 حالة تعدٍ متنوعة بالمحافظات خلال 5 أيام    "فرص مصر البترولية الاستثمارية مميزة واحتمالاتها البترولية واعدة" ورشة عمل بهيئة البترول    ترقب محادثات روسية - أوكرانية مباشرة اليوم    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    مسئول أممي: منع وصول المساعدات إلى غزة «يُفضي إلى الموت»    كأس الكؤوس الإفريقية| قنديل: نرحب بالأشقاء و نسخر كل إمكانات الأهلي لنجاح البطولة    الزمالك يكثف مفاوضاته لضم ثنائي الرائد السعودي    حملات لإزالة التعديات على أملاك الدولة ضمن الموجة ال26 بالإسكندرية    ختام الأسبوع ال 38 ل «أهل مصر»    «الوثائقية» تطلق غدًا "درويش.. شاعر القضية"    الشيخ خالد الجندي يكشف الفارق بين "الطاهر" و"النافع"    أمين الفتوى: رش المياه فى الشارع غير جائز شرعًا ويُعتبر من الإسراف    السيسى يوجه بسرعة إنجاز المرحلة الثانية للتأمين الشامل    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    رئيس وزراء الهند: عملية السندور تمثل مرحلة جديدة في مواجهة التهديدات الأمنية    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    الصين تتراجع عن قيود فرضتها مسبقًا على الولايات المتحدة الأمريكية    انفجار خط غاز أكتوبر.. الحفيدة تلحق بجدتها بعد 14 ليلة داخل العناية المركزة    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    قرار وزاري بتعديل ضوابط وتنظيم العمل في المدارس الدولية    الليلة.. محمد بغدادي في ضيافة قصر الإبداع الفني ب6 أكتوبر    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    مصطفى كامل.. طرح أغنية «قولولي مبروك» اليوم    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    تأجيل محاكمة قهوجي متهم بقتل شخص إلى جلسة 13 يوليو    أحكام رادعة من الجنايات ضد 12 متهم بقتل شخصًا وترويع أسرته في أوسيم    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    ميلان ضد بولونيا.. موعد نهائي كأس إيطاليا 2025 والقنوات الناقلة    مدرب شباب المغرب: نحترم منتخب مصر.. والواقعية سلاحنا في مواجهته    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    تأجيل محاكمة 17 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية" لجلسة 28 مايو    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    حالة الطقس في السعودية اليوم.. طقس متقلب على كل الأنحاء وفرص لرياح محملة بالأتربة    الوزير "محمد صلاح": شركة الإنتاج الحربي للمشروعات تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن    التعليم العالى تعلن نتائج بطولة السباحة للجامعات والمعاهد العليا    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    سيناريوهات تنتظر الفنان محمد غنيم بعد القبض عليه فى واقعة تهديد طليقته    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإجماع السكوتي ليس حجة
نشر في مصر الجديدة يوم 18 - 07 - 2012

فلما كانت الأمة الإسلامية اليوم تعاني من كثرة النوازل المتعددة والوقائع المتنوعة ، وذلك بسبب واقعها المتشابك والمتداخل صار البحث عن الأحكام الشرعية المتعلقة بتلك النوازل والوقائع وتوضيح كيفية التعامل معها وفق الضوابط الشرعية أمرا لازماً وضرورياً لامناص منه ولا محيد عنه ، إذ إن التملص والتفلت من مهمة إيضاح أحكامها ومحاولة غض الطرف عنها تحت أية دعوى يفضي بلا شك إلى إيقاع الناس في دوامة الحيرة التي لا مخرج لهم منها ، ويسوقهم إلى اضطراب لانهاية له ولا غاية ، بل ربما أدى ذلك – وكثيراً ما يقع - إلى إنتاج وإظهار نوازل جديدة وقضايا غريبة قد تكون أشد تعقيداً وأكثر استفحالاً من سابقتها وهكذا دواليك .
هذا وقد يكون ظهور الطوائف الممتنعة المنافحة عن الحكام المرتدين من أعظم النوازل المعاصرة التي احتاجت من أهل العلم إلى اجتهاد صحيح منضبط يُظهر كثيراً من الأحكام الشرعية المرتبطة بها ، لا سيما وأنها وثيقة الصلة بحياة المسلمين وتحركاتهم اليومية مما يؤكد حتمية بيان أحكامها بيانا شافيا كافيا ، ويلح في إخراجها للناس بوضوح وجلاءٍ لا يبقى معهما غبش ولا لبس ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة.حجية الإجماع السكوتي ثم قد يكون القول من الجميع ، ولا شك ، وقد يكون من بعضهم وسكوت الباقين بعد انتشاره من غير أن يظهر معهم اعتراف أو رضا به ، وهذا هو الإجماع السكوتي ، وفيه ثلاثة عشر مذهبا : أحدها : أنه ليس بإجماع ولا حجة ، وحكي عن داود وابنه ، وإليه ذهب الشريف المرتضى ، وصححه صاحب المصادر " ، إن الشافعي نص عليه في الجديد . وقال إمام الحرمين : إنه ظاهر مذهبه ، ولهذا قال : ولا ينسب إلى ساكت قول . قال : وهي من عباراته الرشيقة . قلت : ومعناه لا ينسب إلى ساكت تعيين قول ; لأن السكوت يحتمل التصويب ، أو لتسويغ الاجتهاد أو الشك ، فلا ينسب إليه تعيين وإنما قيل بهذا القول ; لأن الخلاف معدوم ، والقول في أهل الحجة شائع . انتهى . وكذا قال في شرح الرسالة " : عمل الصحابي منتشر في الصحابة لا ينكره منكر حتى انقرض العصر ، فهو حجة لا يجوز خلافه ، لا من جهة الاتفاق ، ولكن لعدم الخلاف من أهل الحجة . واختاره الآمدي ، ووافقه ابن الحاجب في الكبير " . وردد في الصغير " اختياره بين أن يكون إجماعا أو حجة . وقيد الآمدي هذا في موضع آخر بما قبل انقراض أهل العصر ، فأما بعده ، فإنه يكون إجماعا . [ ص: 462 ] وذكر الشيخ أبو حامد الإسفراييني ، والقاضي أبو الطيب : أن معتمد القائلين بهذا من أصحابنا قول الشافعي : لا ينسب إلى ساكت قول ، وليعلم أن المراد بالخلاف هنا وأنه ليس بإجماع ، أي قطعي ، وبذلك صرح ابن برهان عن الصيرفي ، وكذا ابن الحاجب ، وإلا فمعلوم أن الإجماع حجة ، فكيف ينقسم الشيء إلى نفسه وقد سبق في أول الباب حكاية خلاف في أن لفظ الإجماع هل يطلق على القطعي والظني ، أو يختص بالقطعي ؟ والقائلون بأن السكوتي حجة مثيرة للظن اختلفوا في أنه قطعي أم ظني ؟ فقال الأستاذ أبو إسحاق ، وأبو منصور البغدادي ، والبندنيجي : إنه مقطوع به ، أي أن حكم الله تعالى ما ظنناه ، لا القطع بحصول الإجماع ، وقال آخرون : بل ظني . تنبيه [ لم يقل أحد إنه إجماع لا حجة ] قال الهندي : لم يصر أحد إلى عكس هذا ، أعني إلى أنه إجماع ، لا حجة ويمكن القول به ، كالإجماع المروي بالآحاد عند من لم يقل بحجيته . ( أن الحكم بكفر أنصار الطواغيت الممتنعين على التعيين قد ثبت بإجماع الصحابة إجماعاً قطعياً ليس فيه منازع ، ومثل هذا الإجماع يكفر مخالفه ، فمن خالف في هذا الحكم فقد كفر واتبع غير سبيل المؤمنين وفارق جماعتهم ) ، وهذا أمر مسلًّم به عند جميع الناس ، ولا يحتاج إلى مثل هذه الأدلة الفرعية ، وإذ ذلك كذلك ، فإن مسألة حكم أنصار الحكام المرتدين المعاصرين ، وهل هم كفار على التعيين أم لا ؟ ، تبقى في دائرة الاجتهاد الذي تختلف فيه الأنظار شريطة أن تكون مبنية على أدلة صحيحة واستدلال قويم ، فالقدر المتفق عليه في حقهم ، أو الذي ينبغي أن يتفق عليه ولا يختلف فيه ابتداءً ، هو أن هؤلاء المناصرين للحكام المرتدين قد تلبسوا بمكفرات متعددة ، وامتنعوا عليها ، كمظاهرة الكفار على المسلمين ، واستحلال دماء وأموال المعصومين ، وحمايتهم لقوانين ودساتير الكافرين ، وغير ذلك مما هو معلوم من حالهم ، فبعد هذا القدر المتفق عليه في حقهم ، مَن تبين له أن طائفة من هذه الطوائف الممتنعة في مكان من الأمكنة ، أو زمان من الأزمنة ، قد شاع بين أفرادها شيء من موانع التكفير المعتبرة ، فلا يجوز له والحالة هذه الإقدام على تكفير أعيانهم وذلك لوجود المانع في حقهم ، بل يبقى مستمسكاً بأصل إسلامهم إلا من عُلِمَ حاله منهم ، كما أن من علم أن بعض هذه الطوائف لم يعد عندها شيء من الموانع المعتبرة لا يحل له أن يتوقف عن تكفير أعيانها ، والشهادة على القتلى بالنار ، ليكون حكمه عليهم شاملاً لأحكام الدنيا والآخرة ، وكما أن إخراج المسلم من دائرة الإسلام بمجرد الظنون والأوهام ليس أمراً هيناً ، فكذلك لا تجوز الشهادة بالإسلام لمن علم خروجه منه بيقين ، فمدار أمر تكفير أعيان هذه الطوائف من عدمه متوقف على العلم بوجود موانع التكفير في حقهم ، وهذا المجال هو الذي تختلف فيه الأنظار وتتعدد الاجتهادات ، ولا يخفى أن هذا لا علاقة له من قريب أو بعيد بالبحث والتنقيب عن اعتقاد أفراد الطائفة ، أو التفتيش عن ما انطوت عليه قلوبهم ، بحيث ينظر هل يرتكبون تلك الأفعال المكفرة استحلالاً أم لا ؟ ، وبهذا يظهر أن هذه القضية الاجتهادية أدنى من أن تعقد عليها ألوية الاختلاف ، ويشمر فيها عن ساعد التنازع والشقاق ، كيف والطوائف الممتنعة على أمور مكفرة لا زالت تظهر بين الحين والآخر منذ زمن بعيد ، ولا زال العلماء أيضا يختلفون في تكفيرها ، ولم يَدَّعِ أحد منهم أن في المسألة إجماعاً قطعياً ، يُقْطع معه البحث والنظر ، ويُلقي بمخالفه في دائرة الكفر ، ولم يطرأ جديد حتى يكون إجماع الصحابة المدعى خاصاً بأنصار الحكام المرتدين ، ومقصوراً عليهم ، بحيث يُستَثْنَون من هذا الاختلاف

--
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.