على الرغم من اشتعال الأجواء فى وسائل الإعلام وداخل نقابة الصحفيين الرافضة للتطبيع الثقافي، والتي بدأت تلقي بظلالها على واقع العلاقات المصرية الاسرائيلية، طالعتنا صحيفة "يديعوت أحرونوت" بحوار مع مدير المركز الأكاديمى الإسرائيلى بالقاهرة "جبرائيل روزيناوم" الذى ساق دلائل عديدة على التطبيع الثقافى بين مصر وإسرائيل، معتبرًا أن تكدس الشواطئ المصرية بالسائحين الإسرائيليين في شبه جزيرة سيناء فضلاً عن تواجدهم المبالغ فيه داخل القاهرة يؤكد حقيقة التطبيع الثقافي المصري الإسرائيلي. وحلل رأيه الناشز من منطلق فكرة فلسفية تقول: إنه إذا علا صوت الصراعات والخلافات بين الأجناس المتعايشة على قطعة أرض فإن التطبيع الثقافى والاجتماعى لم يؤتِ ثماره بعد، بينما فى مصر الأمر مختلف تمامًا، فعلى الرغم من الرفض الشعبي للتطبيع الثقافى إلا أنه لم ترصد حتى الآن أية حادثة صدام بالرغم من كثرة أفواج السائحين اليهود فى القاهرةوسيناء مما يستدل منه جبرائيل على أن التطبيع فى مصر واقع بالفعل. يذكر أن المركز الأكاديمى الإسرائيلى تم تأسيسه بالقاهرة فى أوائل الثمانينات ضمن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل كأحد أساليب تعزيز العلاقات الثقافية والأكاديمية بين البلدين. ووفقًا للاتفاقية كان يتعين على الجانب المصري بناء مركز مثله فى تل أبيب ولكن مصر تراجعت عن هذه الخطوة بالرغم من إعلان مصر التزامها باتفاقية السلام على حد قول الصحيفة الإسرائيلية. وتلعب الصحيفة على وتر حساس هذه المرة عندما تتحدث بين ثنايا الحوار على لسان ضيفها مدير المركز احتواء المركز على مكتبة رائعة ثرية بالكتب العبرية والعربية بطبعات جديدة بإمكانها الوفاء بكافة احتياجات طلاب جامعة القاهرة والجامعات المصرية. وتصر الصحيفة الإسرائيلية على أن المركز واحد من القلاع الإسرائيلية فى مصر التى تؤكد على وجود تطبيع ثقافى بين مصر وإسرائيل، مشيرة إلى أن المركز يدعو للسلام والتبادل الثقافي ولا يخضع لأية حماية عسكرية، وكذلك تعقد فيه ندوات ومحاضرات يلقيها الأدباء والاكاديميون الإسرائيليون على رأسهم "مس ميخائيل" "إيلى عامير" وغيرهم. وأكد جبرائيل على أنه يبذل قصارى جهده هو وزوجته "ميشال" من أجل الحصول على معرفة وافرة من الثقافة المصرية الحديثة فى سبيل إزالة حواجز اغترابهما فى مصر. ويؤكد "جبرائيل" على تهافت طلاب الجامعات المصرية على المركز بهدف إعداد رسائل الدكتوراه حيث ذكر أنه التقى طالبا مصريا يدعى "رمزى" يتردد على المركز لإعداد رسالة دكتوراه حول الكاتب الإسرائيلى "إيلى عامير" وعندما عرف منه أنه يجيد العبرية سأله هل سبق له وزار إسرائيل فأجاب أنه يتمنى هذا، ولكن ظروفه لا تسمح بتحمل نفقات السفر . ويعبر جبرائيل عن دهشته من الأعداد المهولة التى تتخرج فى قسم اللغة العبرية بالقاهرة مؤكدًا أن بعضهم يتعلم العبرية دون هدف ومنهم من يسعى للانضمام للمخابرات المصرية. ويسخر جبرائيل من بعض الأساتذة الجامعيين الذين يمتنعون عن الذهاب للمركز خوفًا من الاشتباه فيهم ويرسلون عوضًا عنهم طلابًا ليحصلوا على الكتب القيمة من مكتبة المركز.