لم يكن يعلم الشعب المصرى عندما قام بثورته فى العام الماضى وما تخلله ذلك من أحداث مريرة أنه سيقف مشدوها حائرا أمام ما أسفرت عنه نتيجة الجولة الأولى من الأنتخابات الرئاسية أنه سيجد نفسه أمام مأزق الاختيار فيه من أصعب مايكون الأختيار مابين ضياع الثورة ودماء شهدائها متمثلا فى إعادة إنتاج نظام مبارك من جديد على يد الفريق شفيق وبين العودة الى قبضة الحزب الواحد أو التيار الواحد متمثلا فى جماعة الأخوان المسلمون أو حزب الحرية والعدالة على يد مرشحهم الدكتور محمد مرسى وبين هذا وذاك يقف الشعب المصرى فى موقف لايحسد عليه ولا يتمناه أى شعب على الاطلاق ولكن الواقع المرير يحتم الاختيار بين هذين المرشحين فأننى حتى هذه اللحظة وكتابة هذه السطور لم أصل لقرار من سأصوت له فى جولة الاعادة هل سأختار من كانوا يعقدون الصفقات مع الحزب الوطنى المنحل خلال الأنتخابات البرلمانية؟ هل سأختار من كانوا يصرحون بأن مبارك أب لكل المصريين ويمتدحونه؟ هل سأختار من يريدون الاستحواد على كل السلطات فى الدولة من نقابات والبرلمان بمجلسيه والحكومة واخيرآ رأس السلطة التنفيذية بعدما كانوا يصرحون بعد قيام الثورة بفترة وجيزة أن لانية لهم بالدفع بمرشح لرئاسة الجمهورية وأن هدفهم هو مجلس الشعب حتى يكونوا على مقدرة من تفعيل دور البرلمان وخدمة الشعب المصرى من خلال اصدار التشريعات التى تحفظ مصالحة وكرامته وحياته ولكن الواقع كان غير ذلك فقد تراجعوا عما صرحوا به من قبل وقاموا بالدفع بمرشح للرئاسة حتى ينهوا الخطوة الاخيرة فى مسلسل السلطة المطلقة للاخوان المسلمون فى مصر ناهيك عن التصريحات الاخيرة للدكتور محمد مرسى التى تتعلق بأنه لن يكون هناك بما يسمى بالحدود بين مصر وغزة فالله عليكم كيف أطمن لهذا المرشح الذى يفرط فى حدود بلاده أن يكون حاكما لمصر بحجة تخفيف الحصار عن قطاع غزة فى رأيى أن أسعد ما يكون بهذا التصريح أو هذا القرار إذا ماجاء مرسى وتولى مقاليد الحكم ليس الفلسطينين ولكن ستكون إسرائيل أشد فرحا وسعادة لآننا بذلك قد قدمنا لها حلا سحريآ لمشكلتها مع حماس وذلك لان الفلسطينين سيتجهون الى سيناء ويستوطينوا بها وبذلك يكون إحتلالا ولكن بطريقة غير مباشرة أم أتجه صوب المرشح الأخر الذى يمثل النظام السابق وأصوت له متناسيا كيف جثم على صدورنا طيلة الثلاثين عاما الماضية ذاقت فيه البلاد الفقر والفساد والذل ومعاملة المصريين على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية داخل بلادهم أم أنسى الشباب الذين سفكت دماءهم وضحوا بأرواحهم فى سبيل أنقاذ وطن وأنعاشه من جديد وخروجه من المستنقع المليئ بالفساد المستشرى فى كل قطاعات الدولة وحلمهم فى بناء مصر جديدة تتسم بالديمقراطية الحقيقية التى تحفظ لكل مواطن يعيش على أرضها بالحرية فى الرأى والتعبير والشعور بالكرامة التى أفتقدها منذ سنين طويلة وبات تكتب ولكن لايشعر بمعناها والمشكلة الأكثر أهمية كيف يختار رئيسآ يحكمه دون أن يعرف ماهى صلاحيات هذا الرئيس وماذا سيفعل هذا الرئيس لمباشرة سلطاته التنفيذيه وهو لايعلم ماهى أدواته التى سيستخدمها لآدارة شئون البلاد أم سيكون قد أنتخبنا رئبسا شرفيا ليس إلا ومن ضمن الاسباب التى أوصلتنا لهذه الحالة الفريدة من نوعها هم الأخوان المسلمون بسبب الأصرار على أستحواذهم على عضوية اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور مما جعل باقى القوى السياسية تعترض على هذا المسلك وفى النهاية حتى اليوم لم يتم تشكيل هذه اللجنة والشروع فى كتابة الدستور مما أدى فى نهاية الأمر لهذا الوضع العجيب أنتخاب رئيس دون صلاحيات محددة المعالم وشعبا بالأساس يقف حائرا فى إختيار هذا الرئيس الغامض بصلاحياته