القتل البطئ، هذا هو الوصف الدقيق للجريمة التى تورط فيها رئيس الهيئة القومية للبحوث والرقابة على المستحضرات الحيوية، ورؤساء الأقسام التابعة لها فى واقعة تمرير شحنة أمصال فاسدة، إلى السوق الدوائية المصرية، وفيما حصلت "مصر الجديدة" على نسخة من البلاغ المقدم بهذه الفحوي إلى النائب العام، والمستندات التى استند إليها، فإننا فى السطور القادمة نعرض مزيد من التفاصيل الخطيرة، لأحدث جرائم الفساد التى تنتمي للعصر البائد، والتى تشي بأن الثورة الحقيقية .. لم تقم بعد. البداية تعود إلى الخامس من يناير الماضي، عندما وردت شحنة من أمصال MMR إلى الهيئة القومية للبحوث والرقابة على المستحضرات الحيوية، من أجل أن يتم تحليلها كما هو معتاد، لبيان مطابقتها للمواصفات الصحية، وبالتالي صلاحيتها للاستخدام. أما غير المعتاد، فكان أمر الخروج السريع للشحنة من الهيئة، فى أقل من شهر وبالتحديد فى 29 يناير الماضي، ودون استكمال إجراءات التحليل، بزعم الحاجة الشديدة له فى معالجة حالات متزايدة من وفيات الأطفال فى عدة محافظات، حسبما أفادت وزارة الصحة. ولكن، سرعان ما تكشفت الآثار السلبية للأمصال على صحة الأطفال الذين تم تطعيمهم بها، وهو ما دعا الوزارة إلى أمرين متزامنين، أولا الإعلان فى الصحف "أنه لا وجود لأمصال فاسدة فى الأسواق"، وثانيا قيامها بسحب عينات من الأمصال لإعادة تحليلها (بجدية هذه المرة) بينما وبالمقابل حاول مسئولو الهيئة القومية للبحوث والرقابة على المستحضرات الحيوية، نفي تهمة التقصير المتعمد من جانبهم، وأرسلو خطابا إلى "مدير عام إدارة التفتيش على المستحضرات الطبية، مفاده إلقاء التهمة على الجهة الإدارية فى موضوع الإفراج عن الأمصال – الفاسدة. والرد على هذا الخطاب الباطل، هو أن الإفراج عن مثل هذه الشحنات لا يتم دون تقرير التحليل والمطابقة الوارد من الهيئة، وهو ما يؤكد الشبهة الجنائية فى القضية برمتها، فالمؤكد أن هناك من باعو ضمائرهم للشيطان بثمن بخس مهما كانت قيمته، لأن الضحايا هم فى النهاية أطفال أبرياء، إما أصيبوا أو بطريقهم للإصابة بآثار جانبية خطيرة نتيجة مداواتهم بهذه الأمصال. من جانبها تطالب "مصر الجديدة" المسئولين وعلى رأسهم "النائب العام" بسرعة البت فى هذا البلاغ العاجل والخطير، الذي يتضمن اتهاما بالقتل وإهدار المال العام والفساد الإداري إلى غير ذلك من مظاهر سلبية كنا نتمني أن تختفي من مجتمعنا، إلا أن الطريق فيما يبدو لا يزال طويلا.