اذا يزداد الناس فقرا – على الرغم من الاتفاع الناتج القومي, بل في عديد من الدول تضاعف ربما الناتج القومي ومع ذلك تنتشر معدلات الفقر في المجتمع في مناخ الأزمة العالمية الشاملة وسيادة نمط الإنتاج الراسمالى وإخضاع كل الأنشطة الإنسانية لحكم الرأسماليه المستغله . وقد خلق هذا الوضع مستويين من التدهور : المستوى الأول من التدهور ذو طبيعة اجتماعية فعلى الرغم من التزايد في الثروات المنتجة لا يحدث تراجع في مستوى الفقر والبؤس على صعيد العالم . نحن لدينا 1,3 مليار شخص لا يتعدى دخلهم دولار واحد في اليوم و800 مليون نسمة يعانون سوء التغذية وأكثر من 250 مليون طفل يتم استغلال قوة عملهم ( تجارة البشر تعد ألان ثالث تجارة غير مشروعة بعد تجارة السلاح والمخدرات وتقدر استثماراتها ب 32 مليار دولار تقديريا ) اما المستوى الثاني من التدهور يتعلق بالطبيعة والنظام البيئي وبسبب نفاذ عدد من المصادر غير القابلة للتجدد فقد احدث كافة أنواع التلوث آت العدوان على البيئة وتدمير اتساقها التي تكيفت معها حياة مختلف الكائنات التي تعيش على كوكبنا مما يؤدى هذا العدوان إلى تدمير الحياة على هذا الكوكب وكل ذلك بسبب البحث عن الربح . وادي تقليص دور الدولة وتخليها عن توجيه الاقتصاد الوطني وخصخصة مشاريع القطاع العام أدى هذا إلى تفاقم البطالة الهيكلية اى طويلة الأمد . وما تقدمة الحكومات الرأسمالية لعلاج البطالة المتفاقمة تدور في إطار الحل الراسمالى اى عن طريق الانتصار لقيم السوق وزيادة معدلات النمو الاقتصادي فتلجأ إلى خفض الأجور أو زيادة ساعات العمل الاضافى وخفض مستوى التأمين الاجتماعي والصحي وخفض الضرائب على المشاريع وعلى أصحاب الدخول العالية بهدف جذب الاستثمار بغية القضاء على البطالة من خلال النمو الافتصادى وفى واقع الأمر إن انتصار السوق على دولة التكافل الاجتماعي أدى إلى الإضرار بمصالح السوق نفسها في نهاية المطاف. وما تشهده ألان بعض بلدان " الاتحاد الاوربى" من أزمات هيكلية في اقتصاديتها تدفع حكوماتها الرأسمالية على نهج ما تسمية سياسة التقشف اى في التحليل الأخير مزيد من الاعتداء على حقوق العاملين باجر وتقليص الإنفاق الحكومي على التعليم والضمان الاجتماعي والصحي . •إن الأزمة تكمن في طبيعة النظام الراسمالى ذاته وأية حلول لن تفلح إلا بإنهاء جذري لهذا النظام الاستغلالي وهناك في النهاية حقيقة ينبغي التمسك بها إن قيام عالم أخر بديل أمر ممكن عالم يقوم على أساس قيم مضادة بشكل قاطع وحاسم للقيم السائدة والمهيمنة في هذه الأيام . أن ما حدث في مصر منذ 25 من يناير وحتى الآن هي ثورة شعبية بامتياز ودون أن ننشغل بتطابق كتالوج الثورات العالمية ونطبقه على نموذج الثورة المصرية لنحكم بأنها ثورة أو لا بعيدا عن هذا الإطار الجامد . نحن نتحدث عن ثورة شاركت فيها وفق معظم التقديرات ما يزيد على عشرين مليون مواطن مصري كانت حالة ثورية مكتملة بكل المقاييس نعلم جيدا إن الثورات الاجتماعية ما تقوم إلا نتيجة استفحال التناقضات الرئيسية والعجز عن حلها ونعلم أيضا أن الثورة لا تكتمل إلا باستبدال طبقة بطبقة أخرى أكثر تقدما . ولكننا ننظر إلى ثورة 25 يناير بأنها واحدة من سلسلة حلقات الثورات الوطنية الديمقراطية بل هي أعظمها على الإطلاق لطابعها الشعبي. لها مهام محددة وهى وضع مصر على طريق التحول الديمقراطي وتحقيق مطالبات اقتصادية واجتماعية أو ما يعرف بالعدالة الاجتماعية . وفى هذا السعي النضالي والذي لم يتحقق إلى ألان تحاول بقايا النظام السابق والتي لا تزال في قمة السلطة ممثلة في المجلس العسكري وقوى الثورة المضادة إضافة إلى الرجعية الدينية التشبث بمواقعها أو تحويل الصراع إلى صراع ديني. إن الثورة المصرية والتي نراها مستمرة ويجب ألا تتوقف عند مجرد الانتخابات البرلمانية. أن إقامة مصر كدولة مدنية حديثة اعتقد أنة يحدث قطيعة مع الامبريالية والصهيونية ويحول مصر من نظام تابع للولايات المتحدة إلى نظام وطني ديمقراطي . أن تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي نعتقد أنة يصب في صالح توازن قوى التقدم والاشتراكية العالمية في صراعها مع الرأسمالية العالمية والامبريالية من خلال فك الارتباط بين تلك الدول التابعة والنظام الراسمالى العالمي .