يستشعر المصريون أن الأزمة المصرية الأمريكية وكأنها جولة راقصة تتفدم فيها مصر خطوة لتعود أمريكا وتتقدم هى الأخرى خطوة وكلا يريد إنهاء الرقصة بأكبر مصلحة مستفادة ،فنجد تصريحات إيجابية من الطرف المصرى فى وقت وفى اخر نجد تصريحات قاسية عنيفة ونفس الحال مع الطرف الأمريكى فكانت مساحتنا للإختلاف هى المكان الأمثل لتحليل ومحاولة لباعمق فى الخفايا والخبايا التى تقبع بين سطور هذه الأزمة. من جانبه حذر وزير الدفاع الأمريكي من خطورة الأوضاع في مصر وإمكانية انفجارها في أي وقت فى وجه الولاياتالمتحدة. ونقلت صحيفة "هاآرتس" عن الوزير الأمريكي قوله إن الوضع المصري الحالي يشبه الوضع في سوريا واليمن، في أنه متفجر وشديد الخطورة . وأضاف أن أمريكا تقف أمام شرق أوسط يعيش حالة من الغليان بداية من سوريا ومصر واليمن، مروراً بدول أخرى ويمكن أن ينفجر هذا البركان فى وجه الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقالت الصحيفة إن وزير الدفاع الأمريكي متشائم من مستقبل العلاقات مع مصر بعد فشل رئيس أركانه مارتن ديمبسى فى إقناع القيادة العسكرية المصرية الأسبوع الماضى بإخلاء سبيل الأمريكيين المتهمين بدعم المنظمات الحقوقية فى مصر . وأضافت أن وزير الدفاع أكد في حديثه أمام الجنود والضباط الامريكيين في القاعدة الجوية "بركسديل " بولاية لويزينا أن الجنرال ديمبسى الذي تربطه معرفة قديمة بالمشير طنطاوى وأعضاء المجلس العسكري.. سألهم: هل يرغبون فى عزل مصر عن الولاياتالمتحدة؟ إلا أن القيادة العسكرية لم يكن لديها إجابات فى هذا الشأن ،وكذلك امكانية سلب حرية الفرد المصري مرة أخرى عن طريق بقاء العسكر فى مصر. وذكرهم بأن جمال عبد الناصر وانور السادات وحسني مبارك هم ضباط استولوا على السلطة وانه لم يكن هناك ديمقراطية مطلقا في مصر ولكن يحاول المجلس العسكرى إيجادها حاليا . وقال "بانيتا" إن وزارة الدفاع الأمريكية والإدارة الأمريكية حريصتان على الحفاظ على العلاقات والتواصل مع المجلس العسكرى المصري ليس بهدف التأثيرفيما يجري ولكن لمساعدتهم على فهم المسئولية الجديدة الملقاة على عاتقهم من تسليم السلطة وخلق ديمقراطية حقيقية فى مصر . وقالت الصحيفة ان ديمبسي نقل لوزير دفاعه أن المجلس العسكرى يظهر في تصريحاته أنه متلهف على ترك مسئولية إدارة شئون البلاد وتسليمها لرئيس مدنى ،إلا أنه متشكك من ذلك لاعتقاده بأنه من الصعب على العسكريين فى مصر الخضوع لأوامر وصلاحيات رئيس مدني،لذلك ينتظرون رئيسا ذا خلفية عسكرية. وأضاف ديمبسى أن المناورات المشتركة بين الجيش المصرى والامريكى التى تم تأجليها بعد الثورة المصرية مباشرة ،وهذا العام أيضا سوف يتم استئنافها فى 2013 ،اذا استطاعنا حل بعض المشكلات الموجودة بين الطرفين ،خاصة وان هناك 300 ضابط مصري يتلقون تعليما فى المدارس العسكرية الأمريكية . وزعمت الصحيفة أنه على خلفية المخاوف من عدم الاستقرار فى مصر والذى انعكس اثره على سيناء وغزة ،أجرت الاسبوع الماضى شرطة اسرائيل مناورات وتدريبات لمهمات خاصة وذلك بقاعدة التدريبات الرئيسية الخاصة بالجيش الاسرائيلى لمواجهة اقتحام الحدود من قبل الفلسطينين والبدو من ناحية النقب والمناطق الحدودية . ويقول الكاتب وليد راشد إذا كان المجلس العسكرى بحق يرى فى عمل منظمات المجتمع المدنى الأمريكية شبهات تصل إلى حد التجسس وتخريب البلد كما ينشرون فى أبواق اعلامهم صباحا ومساء، فهل هذه اتهامات تعالجها حوارات السياسة واللقاءات المشتركة والصور؟ ما هى قرارتك التى اتخذتها ضد امريكا أيها المجلس الوطنى العظيم؟ هل سحبت سفيرنا فى واشنطن مثلا؟ هل استدعيت السفيرة الامريكية فى مصر لإبلاغها تهديد شديد اللهجة بانتهاك إدارتها لسيادة الدولة المصرية؟ هل حتى عدلت فى قوانين منظمات المجتمع المدنى واعلنت انه لا تمويل خارجى بعد اليوم فى مصر؟ الإجابة على كل الاسئة (لا شىء) لم تفعل ولن تفعل شيئا. بل على العكس تماما فالسيدة فايزة أبوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى لا تكف عن ملىء آذاننا بأن العلاقات المصرية الأمريكية إستراتيجية وأن أزمة منظمات المجتمع المدنى لن تؤثر على علاقات البلدين. نعم هناك أزمة وعدم ارتياح فاحت رائحته بين الإدارتين المصرية والأمريكية.. لكن الازمة الحالية المعلنة ما هى إلا غطاء يلعب من خلفه الطرفان سياسة. وستستمر الازمة طالما لم يصارح الطرفان بماذا يريد كلاهما من الآخر وستسمر الازمة طالما لبست أمريكا قناع دعم الديمقراطية ولبس أمامها المجلس العسكرى قناع التدخل الأجنبى.. وستنتهى الازمة فى اقرب فرصة وعلى حين فجأة ودون مقدمات حين يأخذ كل طرف من الاخر ما يريد... هى فقط مسألة وقت. أمريكا لا تستطيع ان تعيش دون ان تزرع أنفها فى كل شىء يدور حولها ظنا منها ان العالم يتآمر عليها وعليها حماية نفسها وما يعنيها الآن ان تضمن تعاونا وشكلا للعلاقة مع الادارة المصرية الجديدة لا يختلف كثيرا عن علاقتها بمبارك. والمجلس العسكرى لا يستطيع ان يعيش دون ان يرسم سيناريوهات ويطلق فزاعات فى اوجه المصريين ان مصر مستهدفة وان هناك مخططا لتقسيمها. فالمجلس العسكرى اضاع على نفسه فرصة تاريخيه فى مصر بسوء ادارته للفترة الانتقالية منذ رحيل مبارك، انعكس سوء ادارته على انخفاض شعبيته لأدنى مستوياتها التى بدأت من (الجيش والشعب ايد واحدة ) ووصلت إلى (يسقط يسقط حكم العسكر) وقالوا قديما ان هاجمك معارضوك فاتهمهم بأنهم اصدقاء الامريكان حتى وان كنت انت نفسك اشد اصدقاء الامريكان. اسلوب قديم مكرر استهلك يوضح انه لم يحدث اى تطور فى عقول من يحكموننا وان الفلسفة مازلت هى نفسها. لكن هذه المرة يعتقد المجلس العسكرى انه الطرف الاقوى حاليا فى هذه الأزمة ورأيى كذلك فقد هزم الحليف الاستراتيجى لأمريكا شر هزيمة وعليه فالطبيعى ان تأتى أمريكا لخليفة مبارك لبناء شكل العلاقة الجديدة، واعتقاده أيضا مفاده ان امريكا لا يمكنها الاستغناء عن حليف استراتيجى قوى متمركزا فى اهم مناطق العالم (الشرق الأوسط) وهنا يعتقد الطرف الأقوى أنه عليه أن يملى شروطه ويفرض حدود وشكل ونوع العلاقة الجديدة..وهنا أيضا ذهب معظم المحللين السياسيين على أنه (ينبغى على أمريكا أن تفهم ان كنزها الاستراتيجى مبارك لم يعد على رأس السلطة وأن تغير من شكل علاقتها مع النظام الجديد بعد مبارك ).. لكن هل المجلس العسكرى هو النظام الجديد أو حتى النظام القادم فى مصر؟ كلام المجلس نفسه يؤكد عكس ذلك وأنهم لن يكونوا فى السلطة بعد يونيو المقبل. وعليه فالمجلس العسكرى سيضغط على الإدارة الامريكية قدر استطاعته ليحقق اعلى مكاسب تحقق مصلحته وفى اقرب وقت باعتباره سيرحل فى يونيو المقبل. أول المكاسب حققها بالفعل داخليا من اكتسابه شعبية بهجومه على أمريكا. وثانيها ستكون مكاسب فى منطقة ادارته اقصد العسكرية.. قد تكون الحصول على صفقات اسلحة جديدة مثلا!! أو ورقة ضغط تبدأ على إثرها تعديلات فى اتفاقية كامب ديفد يسعى المجلس العسكرى من خلالها لتعديل بعض البنود الخاصة بانتشار الجنود المصريين فى سيناء؟ كلها بالتأكيد مكاسب، أو يسعى المجلس العسكرى باستبدال المواطنين الأمريكيين المعتقلين فى مصر على ذمة قضية منظمات المجتمع المدنى الغير شرعية مثلما انتهت قضية الجاسوس الإسرائيلى من أصل أمريكى آلان جراييل؟ لكن بمن تستبدلهم هذه المرة؟ قد يكون الشيخ عمر عبدالرحمن المعتقل حاليا بالسجون الأمريكية والصادر فى حقة حكم بالسجن مدى الحياة بتهمة التورط فى تفجيرات نيويورك عام 1993.. وهنا مكسب جديد لدى الإسلاميين الذى ينتمى لهم الشيخ عمر عبدالرحمن؟ أو مقابل الحصول على عمر عفيفى المعارض والحاصل على حق اللجوء السياسى فى أمريكا والذى يرى فيه المجلس العسكرى احد أسباب إشعال الأزمات الأخيرة فى مصر؟ تنطوى المفاوضات دائما على سياسة النفس الطويل... يصر المجلس العسكرى على ان القضية فى يد القضاء المصرى وليست سياسية كنوع من زيادة الضغط على الادارة الامريكية.... لكن قد يطول نفس الإدارة الامريكية إلى ما بعد انتهاء الفترة الانتقالية وتنتقل الازمة إلى الادارة المصرية الجديدة أو بمعنى ادق إلى ( الاخوان ) الذى اراهم اكثر المستفيدين من تلك الازمة وهنا يكون المجلس العسكرى اكثر الخاسرين فلم ينل غير معاداة الامريكيين. لكن فى النهاية هى مباراة سياسية بحتة لا تمت لا بدعم أمريكا للديمقراطية ولا باعتبار المجلس العسكرى منظمات المجتمع المدنى فى مصر انتهاكا لسيادة الدولة.. ولن يترتب عليها لا وقف المعونة الامريكية ولا غيره... ازمة الطرفين فيها يمثلان بشكل مبالغ فية كممثل مبتدئ يسعى لاثبات جدارتة. كلاكما مفضوح. أخيرا عزيزى القارئ هل تجد أن الأزمة بين مصر وأمريكا هى لعية سياسية للخروج بأكبر إستفادة أم أن الأزمة حقيقة ولكن تكبير حجمها جاء ليحصل العسكرى على إستفادة أكبر من المعونة الأمريكية أم أن ما فعله المجلس العسكرى وحكومته كشف عن مدى التغلغل الأمريكى داخل الكيان المصرى للتحكم فى شئونه الداخلية؟ نترك لكم الإجابة