دخل حزب الحرية والعدالة طرفا فى حرب التهديدات والتصريحات بين الجانبين الأمريكى والمصرى حيث هدد حزب الحرية والعدالة المنبثق عن حركة الاخوان المسلمين بإعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد ردا على تلويح واشنطن بوقف المعونات المادية لمصر في اطار التوتر بينهما بسبب قضية تمويل الجمعيات الاهلية، مؤكدة ان هذه المعونات "جزء" من معاهدة السلام بين مصر واسرائيل. وقال محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة في بيان صحفي ان "المعونة الأميركية جزء من اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل, والجانب الأميركي ضامن لها وطرف أصيل فيها". واعتبر ان "التلويح بوقف المعونة من جانب الإدارة الأميركية ليس في محله وإلا سيعاد النظر في الاتفاقية وقد تتعثر". وتابع "لا مجال للحديث عن المعونة إلا في إطار الاتفاقية". لكنه اشار في نفس الوقت الى ان حزبه "يريد لمسيرة السلام أن تستمر بما يحقق مصلحة الشعب المصري". وتوترت العلاقة بين واشنطنوالقاهرة اثر احالة السلطات المصرية في الثالث من فبراير الجاري 44 شخصا من بينهم 19 اميركيا واجانب اخرين الى المحكمة الجنائية في قضية التمويل غير المشروع لجمعيات اهلية ناشطة في مصر. وعلى اثر ذلك حذر ثلاثة اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي الثلاثاء مصر من ان خطر حصول قطيعة "كارثية" بين البلدين نادرا ما كان بهذا الحجم. وتقدم الولاياتالمتحدة مساعدة عسكرية الى الجيش المصري تبلغ قيمتها 1,3 مليار دولار سنويا. وغالبا ما تنسب السلطات ووسائل الاعلام الرسمية المصرية حركة الاحتجاجات والتظاهرات ضد الجيش في البلاد الى "مؤامرات" حيكت خارج البلاد والى "اياد اجنبية". وتسلم المجلس العسكري زمام الحكم في مصر بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك تحت وطاة ثورة شعبية استمرت 18 يوما قبل ان تنتهي اخيرا بتنحيه في 11 فبراير الماضي. وفي اكتوبر اتهمت وزيرة التعاون الدولي المصرية فايزة ابو النجا في افادة خلال التحقيق في تمويل الجمعيات الاهلية، الولاياتالمتحدة بانها عملت على "احتواء" الثورة المصرية و"توجيهها" لخدمة مصالحها ومصالح اسرائيل من خلال تلك الجمعيات، على ما نقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الاثنين. وتعد حركة الاخوان المسلمين ابرز القوى السياسية في القاهرة حيث فازت هذه الحركة الى جانب السلفيين بأكثر من ثلثي مقاعد اول مجلس شعب منتخب في مصر بعد اطاحة نظام الرئيس السابق حسني مبارك، اذ حصدوا 356 مقعدا من اجمالي 498 هو عدد النواب المنتخبين. وفي سبتمبر الماضي، طلبت جماعة الاخوان المسلمين التي تتمتع بنفوذ كبير "مراجعة" العلاقات مع اسرائيل من دون الذهاب الى حد المطالبة بالغاء معاهدة كامب ديفيد للسلام الموقعة في 1979، اول معاهدة موقع عليها بين اسرائيل --حليفة الولاياتالمتحدة الكبرى-- ودولة عربية. ويرى المحللون السياسيون في مصر أن الإخوان ليس لديهم نية إدخال أية تغييرات جذرية علي السياسة المصرية الخارجية، خاصة في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي. وأعرب محمد أبو كريشه، المحلل السياسي ومدير تحرير جريدة الجمهورية الرسمية لوكالة إنتر بريس سيرفس أن "هذه هي المرة الأولى في تاريخ مصر التي تتمكن الأحزاب الإسلامية من تحقيق غالبية برلمانية، وسوف يراعون الحذر الشديد حين يتعلق الأمر بالحفاظ على موقفهم". وأضاف، أنه من غير المرجح أن يفعلوا أي شيء يمكن أن يهدد قاعدتهم الشعبية الداعمة، أو أن يقوموا بإجراء أي تغييرات في السياسة بما يعرض نفوذهم السياسي الحديث لخطر التدخل أو التهديد الأجنبي. ويوافق فهمي على هذا الرأي مؤكدا أن آخر شيء تريده جماعة الإخوان المسلمين هو الصراع مع إسرائيل. وأوضح أنه حتى بالنسبة لحركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، وهي فرع الإخوان المسلمين الذي يحكم قطاع غزة منذ عام 2007، فقد "حافظت على وقف إطلاق النار مع إسرائيل منذ فترة طويلة على الرغم من رفضها الاعتراف بالدولة الصهيونية". ويضيف فهمي، قد تصبح لهجتهم أكثر حزماً مع توليهم السلطة، لكنهم لن يقدموا على أية تغييرات درامية في السياسة الخارجية. وشدد عبد الغني هندي، منسق الحركة الشعبية لاستقلال الأزهر وعضو بارز في اتحاد الشباب الثوريين (الذي يتكون من عدة حركات للشبيبة الثورية أنشئت في أعقاب الثورة)، على أن أي تغييرات يراها الإخوان المسلمين في السياسة الخارجية ستطبق بشكل تدريجيي. وقال الهندي لوكالة إنتر بريس سيرفس، "قد يحاول الإخوان تغيير الموقف المصري بشأن قضايا حساسة معينة، مثل استمرار الحصار على قطاع غزة، لكنها سيفعلون ذلك بشكل تدريجي للغاية"، وأضاف أنهم سيكونون حذرين جداً من القيام بأي شيء قد يجعلهم يدخلون في نزاع مع الولاياتالمتحدة. ويضيف، " لقد فازت جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها لتوهم بحصة هائلة من البرلمان، وهم لا يريدون المخاطرة بفقدان السلطة التي انتظروا عشرات السنين للوصول اليها. وسوف تعمل الجماعة على إصلاح الأوضاع في مصر، سياسياً واقتصادياً، بعد 30 عاماً من الحكم الاستبدادي قبل محاولة إعادة توجيه أي سياسة بشكل جدي". ويرى الهندي أنه من غير المرجح أن تتخذ الأحزاب السلفية أيضاً، بالرغم من نظرتها المحافظة وسمعتها المتشددة، أي خطوات -على الأقل في المدى القصير– من شأنها أن تهدد الوضع الراهن فيما يتعلق بالعلاقات بين مصر وإسرائيل. ويضيف، "يرتبط علماء الدين الإسلامي الذين يقودون الحركة السلفية إرتباطاً وثيقاً بحكام الخليج، وخاصة السعوديين، الذين هم أنفسهم من حلفاء واشنطن المقربين. وبما أن الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية تمثل أولوية بالنسبة لواشنطن، فإنني أشك أن الأطراف السلفية التي تدعمها السعودية ستفعل أي شيء للتأثير بشكل كبير على علاقات مصر مع إسرائيل". وفي أواخر الشهر الماضي، أعلن يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي عزم الحزب على احترام اتفاقية كامب دافيد. وأوضح موقف حزبه بقوله، "إننا لا نعترض على الاتفاقية، فنحن نرى أن مصر ملتزمة بجميع المعاهدات التي وقعتها الحكومات السابقة"، واضاف، "إلا أن الحزب سيستخدم كل الوسائل القانونية لتعديل "الشروط غير العادلة" في الاتفاقية". ووفقاً لأبو كريشه، فإن مفهوم "السيادة الوطنية" كما جرت العادة على فهمه لم يعد ينطبق على العلاقات الدولية المعاصرة، خاصة وأنها تنطبق على إسرائيل. ويقول، فأنه حتى لو أرادت الأحزاب الإسلامية إجراء تغييرات سياسية مثيرة للجدل، مثل إلغاء كامب ديفيد، أو فتح الحدود مع غزة من جانب واحد، فإن ما يسمى بالمجتمع الدولي لن يسمح بذلك... ومن المؤكد أن أي تغييرات جذرية تقوم بها مصر بشأن علاقاتها مع إسرائيل أو حماس، سيكون لها تداعيات خطيرة قد تتضمن التدخل الأجنبي.(آي بي إس / 2012)