تخففت من الانبهار. ولكن بقى الإعجاب الشديد بالأستاذ. ولحسن حظى جاء الدكتور عبد العزيز الأهواني. وهو خبير فى الأدب والفلسفة الإسبانية. ووقف العقاد كما هى العادة. وقال له: أهلا يا مولانا.. أين أنت الآن.. وجاء ثالث ورابع والأستاذ يقف تحية لضيوفه وامتلأ الصالون. وغيرت رأيي. لقد كان الصالون كبيرا واسعا شاسعا. ونحن نملأ المكان والأستاذ يجلس على مقعد كبير. وكان لا بد أن يتحدث الأستاذ فى الفلسفة. وتحدث وناقش الأهوانى وأبدى العقاد اعتراضه على الذين قالوا إن الأدب الأوروبى لم يستفد من الفكر الأندلسي. وذكر العقاد أمثلة لهذا الأثر فى الفلسفة وفى الأدب. ولم يعترف الدكتور الأهوانى وإنما كان يقول: عظيم والله يا أستاذ.. الله يا أستاذ. أنظر إلى ملابس الأستاذ إنها نظيفة تماما.. وقد غير الأستاذ ملابسه.. والطاقية وضعها على رأسه. وأحيانا يخلعها. ويمضى الأستاذ كأنه يقرأ فى كتاب. وليس حديثا بين الأستاذ وتلامذته. يقول كما يكتب كما يذيع فى الراديو. ومن غير مناسبة ومن غير أية علاقة بما يقول الأستاذ تشجعت ولا أعرف إذا كنت الذى سألت أو هو انتظارى الطويل أو هو حرصى على أن يحدثنى عن الذى أعرفه أكثر من كل الموجودين فى الصالون. قلت: يا أستاذنا أنت ليه ضد الفلسفة الوجودية؟ قال العقاد: يا مولانا هذه فلسفة منحلة.. هذه فلسفة القبور.. فلسفة عدمية. فالفلسفة التى تقول إنه لا يوجد غير الفرد وأن المجتمع لا قيمة له.. هذه الفلسفة لا قيمة لها لأن الأساس هو احترام الفرد. وهى تتحدى الحرية.. حرية الفرد. وكيف تكون حرية بلا مجتمع يا مولانا؟.. التحرر من من يا مولانا؟.. التحرر من ربقة المجتمع.. من أجل ماذا؟ من أجل لا شيء! وتضاءلت فى مقعدي.. ولو هزنى أحد لسقطت فورا.. إن فلسفتى ولا حاجة. الأستاذ يقول!