قالت دراسة أعدها البروفيسور الإسرائيلي " يورام ميتال " مدير مركز هرتزوج لدراسات الشرق الأوسط والدبلوماسية التابع لجامعة بن جوريون الإسرائيلية ونشرها الموقع الالكتروني لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية حازت على نجاحا غير مسبوق من حيث الإقبال. حيث احتشد الملايين من المدنيين في طوابير طويلة لممارسة حقهم المدني في حرية اختيار ممثليهم لأول مرة في حياتهم. وأضافت الدراسة انه خلال فرز صناديق الاقتراع تحول الجو الاحتفالي إلى خطاب حاد حول الآثار المترتبة على النتائج التي لم يسبق لها مثيل والتي تمثلت في تقدم الأحزاب الدينية حيث ازداد النقاش حول الوجهة التي تتجه إليها مصر.
وأوضحت الدراسة أن الانتخابات البرلمانية جرت بطريقة عملية جديدة ومرهقة ، حيث ثلثي المقاعد في البرلمان للقوائم الحزبية والثلث للمستقلين ، مؤكدة على ان جماعة الإخوان المسلمين فاقت كافة التوقعات ، ولكن حزب النور السلفي هو الذي فجر المفاجأة الكبرى بحصوله على (20 ٪) من المقاعد . وجاءت الكتلة المصرية في المركز الثالث ب (10 ٪) من المقاعد ثم حزب الوفد بسبعة بالمائة من المقاعد والنسبة المتبقية موزعة بين بعض الاحزاب الاخرى التي ظهرت الى النور بفضل معجزة الثورة . واشارت الدراسة الى ان المكاسب التي حققتها الأحزاب الإسلامية في الانتخابات البرلمانية تؤكد حقيقة واحدة وهي أنه لا يوجد أي تيار سياسي له ثقل حقيقي في الشارع المصري حتى الثوار أنفسهم الذين كثروا حاجز الخوف واسقطوا حكم مبارك . وقال يورام ميتال ان تحليل بسيط لمواقف الاخوان المسلمين والسلفية يشير الى ان جدول اعمال الدولة المصرية سوف يتغير جذريا سواء على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي ، ناهيك عن التحول الامني والخارجي فيما يتعلق بالسياسات الخارجية للدولة المصرية ، فكل من الطرفين يرى ان تطبيق الشريعة الإسلامية واجبا أساسيا ، ولكن الخلاف حول تفسير الاحاديث النبوية يصل بالطرفين الى نقطة خلافية حادة . وفيما يخص براجماتية الاخوان المسلمين قال ميتال " ادت رغبة حزب "الحرية والعدالة في استقطاب الاغلبية المصرية الى اتخاذ اعضاءه وقياداته مواقف براجماتية توضح ان الاخوان المسلمين يجيدون لعبة السياسة الى حد كبير وهو الامر الذي ادى الى انفصال العديد من القيادات عن الجماعة . الاخوان المسلمين في اختبار سياسي وتشير الدراسة الاسرائيلية الى ان التحدي الاكبر الذي يقف امام جماعة الاخوان المسلمين في الوقت الحالي هو ترجمة شعارهم المعروف " الاسلام هو الحل " الى خطوات فعلية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتشريعي. فهم الآن مطالبون بتقديم برامج هادفة وفعالة لتحسين الاوضاع المعيشية والاقتصادية للشعب المصري . الاخوان وكامب ديفيد وبراجماتية لعبة السياسة تقول الدراسة انه بالرغم من موقف الاخوان المسلمين العدائي الى تجاه اسرائيل ، الا ان الجماعة تدرك جيدا ان الاتفاقية مرتبطة بشبكة من المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تخدم الدولة المصرية ، وهو ما سيشكل اختبارا آخر اما الجماعة . وعن السلفية تقول الدراسة ان رغبة السلفية في تطبيق الشريعة الاسلامية في البلاد من شانه ان يحول مصر الى دولة ثيوقراطية ، ويقضي على الامال المتعلقة بالتحول الديمقراطي في مصر مجلس الشعب ومنظومة العلاقات الداخلية وحول موقف البرلمان المصري من منظومة العلاقات الداخلية المصرية ؟؟ قالت الدراسة انه بعد ستون عاما من صمت الحياة البرلمانية المصرية جاءت انتخابات 2011/2012 لتعيد الحياة مرة اخرى الى البرلمان المصري الاقدم في الشرق الاوسط ،واضافت : فبعد قليل سوف يسعى حزب الحرية والعدالة الى تشكيل ائتلاف واسع برئاسته من اجل السيطرة على البرلمان وخاصة اللجنة التشريعية ، وتحويل دعم الشارع المصري للحزب إلى واقع سياسي وعلى ذلك يصر الحزب على ان البرلمان هو المخول بتشكيل اللجنة الخاصة بوضع الدستور الجديد ، وان الائتلاف سوف يشكل حكومة تحل محل حكومة الجنزوري التي تم تعيينها من قبل المجلس العسكري . وتوصلت الدراسة الى مجموعة من النتائج وهي إن ثورة يناير اكدت على انه لا يوجد أي مركز للقوى يمكنه السيطرة بمفرده على تشكيل الدولة ، فبجانب الصراع الاثني على تشكيل جدول الأعمال اليومي لمصر يتواجد المجلس العسكري والأحزاب الليبرالية والعلمانية بالإضافة إلى حركة شباب 6 ابريل وائتلاف شباب الثورة ، وان الفترة القادمة سوف تشهد تحولا دراماتيكيا على مستوى السياسة الخارجية المصرية ، كما ستشهد مصر صراعات سياسية بين الاحزاب الاسلامية وبين المجلس العسكري والاحزاب الليبرالية .